القسوة... شرور الإنسان وعقله
صدر عن المركز القومي للترجمة في مصر، النسخة العربية من كتاب «القسوة... شرور الإنسان والعقل البشري» للمؤلفة كاثلين تايلور، ترجمة د. فردوس عبد الحميد البهنساوي، ويتمحور حول ظاهرة العنف السلوكي، والنمط الثقافي المؤثر في شخصية الإنسان، وتأرجحها بين الخير والشر.
تلفت المؤلفة إلى أن مرتكب أعمال القسوة ليس بالضرورة شخصاً منحرفاً أو مريضاً أو شريراً بالفطرة، بل سلوك منطقي من الممكن أن ينفذه بشر عاديون، وثمة دوافع عدة تؤثر على اتجاهات الشخصية، منها الخبرات السلبية المتراكمة.تتناول المؤلفة في كتابها أسباب القسوة من منظور علمي يرتبط بالعقل البشري، وآلية عمل المخ، وتفترض أن كثيراً من العنف لا ينبعث من دون إعداد مسبق في عقول من يمارسونه، وأننا لا ندري كيف استعد الشخص لهذا الفعل قبل أن يحدث.
مشروع متشعب تؤكدالمؤلفة أن دراسة موضوع {القسوة} مشروع متشعب، واتباع الأسلوب العلمي فيه محفوف بالمخاطر، ويكتنفه كثير من دواعي عدم الفهم، فالموضوع غير مترابط علمياً ومنطقياً، لأنه يعتمد على متغيرات اجتماعية وأخلاقية وثقافية.تساؤلات عدة، يطرحها الفصل الأول، وتحاول المؤلفة الإجابة عنها، من بينها: ما الذي يمكن وصفه بالقسوة، ومن الذي يرتكبها؟ ولماذا ترتكب تلك الأعمال؟ ويحدد ثلاثة مشاركين في هذا الفعل: {الفاعل والضحية، والمشاهد}. أما الفصلان الثاني والثالث فيرتكزان على خلفية ارتباط القسوة بمبادئ الأخلاق الأساسية والوضعية، مع الإشارة إلى مناهج فلسفية ومبررات ودوافع تؤدي إلى هذا الفعل. دوافع العنف تصل المؤلفة كاثلين تايلور في الفصل الرابع إلى محاولة للتعامل العلمي مع هذا الموضوع من منظور التعرف إلى الآلية البيولوجية التي تدفع الإنسان إلى القسوة، في ما يتعلق بعلم دراسة الجهاز العصبي وعلم النفس التطوري، وعلم النفس الاجتماعي. أما الفصل الخامس فيكشف الدوافع التحفيزية للعنف، وتأثر الإنسان بالعواطف والأحاسيس التي تدفعه إلى الفعل القاسي، الشعور المتعاظم بالغبن، عدم تحقيق الذات، الدخول في حالة اغتراب عن المجتمع المحيط به، والميل إلى الانطواء والعزلة.يتضمن الفصل السادس إشارة واضحة إلى أن معتقدات الإنسان من الممكن أن تقوده إلى أفعال قاسية وجرائم بشعة، وثمة شواهد على مستوى الأفراد والجماعات، تدل على أطروحات {المؤلفة} في هذا السياق، وعلى تراكم نمط ثقافي يكرس العنف والتمييز ضد الآخر. تركز المؤلفة في الفصلين التاليين على نوعين من الدوافع، هما تبلد المشاعر مع غلظة القلب والسادية، الناجمة عن اضطرابات عصبية ونفسية، وميل جارف إلى إلحاق الأذى بالآخرين، واقتران السلوك العنيف بنوع من الزهو، واستعراض القوة في حلبة صراع متوهم، يعكس خوفاً غريزياً لذات معتلة.تساؤل حائرفي الفصل الأخير تتساءل المؤلفة بحيرة: هل يستطيع البشر الامتناع عن فعل القسوة؟ وتخلص إلى أن القسوة تنشأ أساساً من فشل الإنسان، فهي أدعى أن ترتبط بالفشل وليس بالحقد والكراهية، كما يظن البعض.ثمة أنواع عدة للقسوة، منها القسوة ضد الذات أو الآخر، والدخول في حالة الرفض {العدمي}، وما يسمى {النهلستية} أو الرغبة في الهدم لذاته، والاعتقاد الراسخ بأن إثبات الوجود لا يتأكد سوى بالفعل العنيف، وعدم التعايش مع الآخر بسلام.يذكر أن كاثلين تايلور باحثة وكاتبة، حائزة دكتوراه في جامعة أوكسفورد، وهي عضو هيئة التدريس في قسم الفسيولوجي والتشريح وعلم الوراثة - جامعة أوكسفورد، ولها أعمال عدة منها {غسيل الأدمغة} الذي ترجم إلى ثماني لغات.