ما لجأ إليه الإخوان المسلمون من "فبركات" سخيفة لا يمكن أن تنطلي حتى على أصحاب أنصاف العقول، للإساءة إلى العلاقات المصرية- الخليجية، التي لم تكن في أي يوم من الأيام أفضل مما هي عليه الآن،  يدل على مدى الانحطاط السياسي والإفلاس وضيق الأفق، فأساليب الاصطياد في الماء العكر كانت قد مورست في سنوات صراع المعسكرات ومراحل: "أكاذيب وحقائق"، التي لابدَّ أن الذين اشتعلت رؤوسهم بالشيب مازالوا يذكرونها، والتي كانت كارثة الكوارث في تلك المرحلة التاريخية المريضة البائسة.

Ad

"معتوه ومجنون يتكلم وعاقل يستمع"... فهل يعقل أن يصدق أياً كان أن رجلاً كان المسؤول الأول عن الاستخبارات العسكرية هو الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أمضى كل حياته العملية في العمل الأمني والاستخباري، أن يتحدث بهذا الكلام الذي "فبْركه" الإخوان والتقطته بعض المواقع، التي اعتادت التعايش على القيام بمثل هذه المهام القذرة، مع عسكريين يحملون رتباً رفيعة دون أن يكون حذراً، ودون أن يأخذ بعين الاعتبار أن هناك من قد يتنصَّت على ما يقوله، وهذا على افتراض أنَّ فبركات الإخوان صحيحة، وهي بالتأكيد مختلقة وغير صحيحة، فالسؤال هنا لماذا يا ترى أجَّل الإخوان المسلمون، ومن يقف خلفهم ويديرهم ويستغلهم في صراع مفتعل وغير موضوعي مع مصر إعلان هذا الاكتشاف "الرهيب" حتى الآن؟ لماذا إذا كانوا صادقين لم يشهروه في وجه عبدالفتاح السيسي عندما ترشح للانتخابات الرئاسية، وعندما فاز فيها، وقبل ذلك عندما أطاح الشعب المصري محمد مرسي، وعندما زُجَّ في السجن هو والمجموعة القيادية الإخوانية وعلى رأسها المرشد الأعلى محمد بديع؟ لماذا لم يكشفوا عن هذا السِّر الدفين عندما أعلنت دولٌ خليجية على رأسها المملكة العربية السعودية وقوفها إلى جانب هذا البلد العربي الأساسي والرئيسي؟!

إن هذا أحقر وأبأس وأبْخس أسلوب في العمل السياسي، والحقيقة أن "الإخوان" بقوا يلجأون إليه منذ بداية تكوينهم في نهايات العقد الثاني من القرن الماضي، فهم استخدموه ضد الرئيس الراحل جمال

عبدالناصر، وهم استخدموه ضد مناوئيهم السياسيين، وضد الذين انشقوا عنهم وانقلبوا عليهم، إن في مصر، وإن في دول أخرى من بينها الأردن.

اعْتقدَ الإخوان المسلمون استناداً إلى معلومات الذين يضعون "الفبركات" والأكاذيب المختلقة في أفواههم أن التغيير الذي أملته إرادة الله وقضاؤه وقدره سيؤدي إلى تغيير في مواقف المملكة العربية السعودية وتقارباتها وتباعداتها وتحالفاتها، وأن هذا سيشمل مصر، ولعل ما لم يدركه ولم يعرفه هؤلاء أن تاريخ هذه الدولة يشهد لها أنها لم تعرف السياسات المتذبذبة، وأنها تأخذ قراراتها على أساس النفس الطويل، وأنها عندما بادرت إلى الوقوف إلى جانب مصر وشعب مصر ورئيس مصر، فلأنها تعرف قيمة هذه الدولة العربية ومكانتها ودورها العربي والإقليمي، خصوصاً أن هذه المرحلة تشهد تغول دولة إقليمية هي إيران وتدخلها السافر في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية.

إنها عملية "تسلل" رخيصة في وضح النهار... ولقد كان على الإخوان المسلمين بدل اللجوء إلى هذه الأساليب الملتوية والبائسة والمكشوفة أن يبادروا إلى وقفة مع الذات ومع الآخرين، وأن يدركوا أنهم ذاهبون إلى التلاشي والفناء، تنظيمياً وسياسياً، إن لم يبدِّلوا ويتبدلوا ويستوعبوا معطيات المرحلة الجديدة، بينما العالم قطع عقداً ونصف العقد من القرن الحادي والعشرين... إن هذه الألاعيب لا يمكن أن تنطلي حتى على أصحاب أنصاف العقول، حتى إنْ بادرت إلى ترويجها تلك الفضائية المعروفة، وحتى إنْ التقطتها بعض "المواقع" التي من سوء طالعها أنها غدت مكشوفة ومعروفة... وما هكذا تورد يا سعد الإبل!