خلال ثلاثة أيام متتالية قابل الملك سلمان بن عبدالعزيز ثلاثة قادة خليجيين، كلٌّ على حدة، أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، ثم ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، ثم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد.

Ad

يبدو واضحاً أن هناك حكمة أو فكرة معينة وراء التقاء الملك بكل منهم على حدة، مع أن قائلاً قد يقول إنه كان من الممكن اجتماع الأربعة في لقاء مشترك، غير أن أهمية اللقاء الفردي تبدو واضحة، حتى يصل الهدف المقصود بكل وضوح من خلال هذه اللقاءات الانفرادية.

قبل الدخول في التحليل المبدئي لهذه الزيارات نعلم تماماً أنها زيارة الأخ لأخيه، وفي الأساس التواصل أمر محمود، فما بالك إذا كان على مستوى قادتنا، لكن يبدو أن هنالك أموراً مهمة جرى التباحث بشأنها، ورغم عدم صدور بيان بخصوص ما جرى، إلا أن الخطوط العريضة شبه واضحة للمتابعين.

قد تكون الضربات الجوية المصرية على المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش في ليبيا محوراً مهماً في تلك المحادثات، لاسيما بعد التباين بين مصر وقطر بهذا الصدد وغيره، وتراجع التفاؤل بإعادة العلاقات بين الدولتين، خاصة بعد التطور الأخير واستدعاء قطر سفيرها من القاهرة للتشاور!

وحتى نضع النقاط فوق الحروف ونتحدث بصراحة، واضح أن هناك نقمة على الأداء القطري إزاء السياسة الخارجية، خصوصاً مع مصر، وهو ما يغضب شركاء قطر في مجلس التعاون، لأن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مدعوم بقوة خليجياً، والتصرفات القطرية ضده خروج عن رأي مجلس التعاون، بل خروج عن مصالح مهمة لدول المجلس التي تطمئن إلى وجود السيسي على دفة القيادة في أرض الكنانة.

والتفاهم والانسجام بين ملك السعودية وأمير الكويت وولي عهد أبوظبي صريح في هذا الموضوع، وهم أيضاً داعمون رئيسيون لمؤتمر القاهرة الاقتصادي القادم، ولا أعتقد أنهم سيتركون السيسي وحده في مواجهة العاصفة السياسية بعد المأساة التي جرت في ليبيا بحق مجموعة من مواطنيه الأقباط.

أيضاً قد تكون أحداث اليمن حاضرة بقوة، إضافة إلى التصرفات الإرهابية من "داعش"، وما أكثر الملفات التي كل منها أهم من الآخر.

ولن يفوت القادة التشاور حول زيارة أوباما الأخيرة للرياض، وعلى ذكر أوباما فهناك شك كبير بدأ يخرج، حتى علنياً أحياناً، حول السياسات الأميركية التي كان أكثرها غريباً ويطرح تساؤلات عدة حول علاقة الولايات المتحدة بإيران، لأن ما يشاهد ويسمع في الإعلام يتناقص كلياً مع ما يحدث في الواقع!

أخيراً، على الدول الست المنضوية تحت مظلة مجلس التعاون أن تحسم أمرها في ما بينها بشأن الملف المصري بالذات، حيث إن التباين بين قطر من جهة وبقية شقيقاتها الخليجيات بشأن هذا الموضوع المهم جداً من جهة أخرى واضح أنه عاد ولم يحل تماماً!

الأخطار محدقة والأنظار تترقب وطبول الحرب تُقرَع في دول كثيرة، والإرهاب يمد لسانه في الجهة تلو الأخرى، وتنظيم داعش الإرهابي يتمدد بسهولة، ولا جدية حقيقية لاستئصاله من الدول الكبرى، وهناك مستفيدون من وجوده، كنظام دمشق وإيران، لذلك علينا الانتباه جيداً، والاعتماد على أنفسنا، فلن يكون هناك صادق مخلص معنا أكثر من أنفسنا، ويقول العرب "إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب"!

أتمنى أن تثمر هذه الزيارات الثلاث نتائج جيدة فيها مصلحة عامة لدول المجلس، وتحقيق الاتفاق والوئام السياسي فيما بينها، وما ذلك على الله ببعيد، وكلنا ثقة بقادتنا، وفقهم الله لما فيه الخير.