تحت وطأة الضغط الذي واجهه في الكونغرس الأميركي وفي بعض الدول الغربية والعربية، اضطر الرئيس باراك أوباما إلى الاستعانة بالكاتب الصحافي الذائع الصيت توماس فريدمان لتسويق اتفاق "الإطار" الذي توصلت إليه دول "1+5" مع إيران في لوزان، والذي أثار ضجة وانتقادات كثيرة.

Ad

في لقائه المطول مع فريدمان، الذي نشرته بعض الصحف الرئيسية الأميركية والعالمية، لم يجزم أوباما بأن اتفاق "الإطار" هذا سيصمد، وأنه سيُستكمل باتفاق تفصيلي وشامل في نهايات يونيو المقبل، بحيث يتم طي صفحة القدرات النووية الإيرانية، التي انشغل بها الشرق الأوسط على مدى سنوات طويلة، وخاصة منذ عام 2002 حتى الآن، لكنه ركز على ما أسماه سياسة "التفاعل" و"الأبواب المفتوحة" و"الحوار"، التي لا شك في أنها مجدية ومطلوبة، لكن ليس مع دولة هي في سباق مع الزمن، وتسعى لاستغلال عامل الوقت لإنجاز ما تريده، لوضع العالم كله أمام الأمر الواقع، ولتفاوض بعد ذلك، هذا إذا كانت ستقبل بالمفاوضات، من موقع القوة.

هناك مثل عربي يقول: "هل تُريد عنباً أم تريد قتل الناطور؟"، وحقيقة فإن أهل هذه المنطقة العربية لا يتمنون صداماً أميركياً وكونياً مع إيران لا أحد يستطيع التكهن بنتائجه منذ الآن، لكنهم في الوقت نفسه لا يراهنون على هذه الأساليب المائعة وغير الحاسمة التي بقي أوباما يتبعها مع طهران منذ مجيئه إلى البيت الأبيض، والتي شجعت الإيرانيين ليس على مواصلة مشروعهم النووي فقط، وإنما أيضاً على الإيغال بعيداً في الاستمرار بالتمدد عسكرياً في العديد من الدول العربية.

قد تكون نوايا أوباما طيبة، وقد يكون دافعه إلى سياسة "التفاعل"، التي انتهجها وينتهجها مع إيران، إنهاء "عهده" رئيساً للولايات المتحدة ولفترتين متتابعتين من دون التورط في حرب جديدة على غرار حرب 2003 في العراق، وقبل ذلك على غرار الحرب على أفغانستان، لكن المشكلة أن الإيرانيين لا يواجهون هذه النوايا الطيبة بنوايا طيبة، وإنما بالتحايل والألاعيب وباستنزاف الوقت واستغلاله للوصول إلى مبتغاهم، ووضع أميركا والغرب عموماً والعالم بأسره أمام الأمر الواقع.  

والسؤال هنا: هل أوباما مقتنع بالفعل بأن سياسة "الأبواب المفتوحة" ستُثمر مع أصحاب القرار الفعليين في إيران، وتدفعهم إلى السعي لملاقاته في منتصف الطريق، أم أنه يعرف الحقيقة لكنه يسعى لإعطاء نفسه وإعطاء إدارته المزيد من الوقت للخروج من البيت الأبيض "نظيفاً" ومن دون توريط بلده في حرب جديدة غير مضمونة العواقب؟... إن الوقت يمضي بسرعة، وما ستشهده المنطقة في الأيام المقبلة سيحسم كل هذه التكهنات وكل هذه التساؤلات!