بعد خمس سنوات من التحفظ وافقت الحكومة أخيراً على مشروع قانون استقلال السلطة القضائية مالياً وإدارياً عن وزارة العدل ومن المتوقع أن يعرض في أول جلسات دور الانعقاد المقبل للتصويت عليه.
أثارت المواقف الحكومية الأخيرة، تجاه قانون استقلال القضاء إداريا وماليا عن وزارة العدل، ردود فعل إيجابية بين الأوساط القضائية والقانونية لكون القانون سينهي سنوات طويلة من الإشراف الإداري والمالي لوزارة العدل على السلطة القضائية والذي تسبب في إعاقة متطلباتها.وقالت مصادر قضائية رفيعة المستوى لـ»الجريدة»: «نتمنى أن تنتهي اللجنة التشريعية في أكتوبر المقبل من اعتماد القانون وعرضه في أول دور الانعقاد المقبل حتى يتمكن المجلس الحالي من إقراره خصوصا أن هذا المشروع استغرق نقاش اللجان التشريعية في المجالس المتعاقبة لأكثر من خمس سنوات».ولفتت المصادر إلى أن مجلس القضاء استمع إلى رأي الحكومة من وزير العدل لقانون استقلال القضاء إداريا وماليا ولمس تأييدا حكوميا للمشروع الذي سيمنح القضاء إدارة شؤون الادارية والمالية لوحده ويبعد إشراف وزارة العدل عنها، وهو الأمر الذي سيعطي للقضاء فرصة لتحقيق أهم متطلباته وعلى نحو أسرع من السابق وسيمكنه من العمل على تطوير العمل الإداري والمالي الداخلي أكثر من السابق عبر إنشاء الأمانة العامة المسؤولة عن ذلك.وبينت المصادر أن الحكومة أكدت عبر وزير العدل أنها ستدعم المشروع المعروض على مجلس الأمة من أجل إقراره بما يحقق للقضاء رفعته وتطوره، لافتة إلى أن مجلس القضاء يأمل من المجلس والحكومة العمل على إقرار هذا القانون بأسرع وقت ممكن لما سيحققه القانون من تقدم وتطور للسلطة القضائية في الكويت. الشفافية والمحاسبةمن جانبه، يقول الخبير الدستوري في شؤون مجلس الأمة وأستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي: «ان تنظيم أي قانون لأي مرفق لكي يسير بشكل سليم يجب أن يعمل بإطارين هما الشفافية وإمكانية المحاسبة، لافتا إلى أن فقد هذين الإطارين لا يمكن الحديث معهما عن تطوير هذا المرفق».وعن رأيه بقانون استقلال القضاء إداريا وماليا يقول الفيلي: انه ومن حيث المبدأ يجب أن يكون القانون متوازنا، فالحديث عن استقلال القضاء يجب أن تطرح معه فكرة محاسبة القضاء أو مخاصمة القضاء، وذلك لأن فكرة الاستقلال تستلزم أيضا فكرة المحاسبة.ويضيف أن الهدف من القانون هو تنظيم السير الحسن للمرفق من ناحية وحماية نزاهة القاضي بشكل عام من ناحية أخرى كحمايته من النزاعات والتأثير من الآخرين والتعامل مع الخصوم، مضيفا انه يجب علينا تحقيق مصلحتين: اولا حماية القاضي من الخصوم، وثانيا حماية القاضي من التأليه المبالغ فيه، لافتا إلى أنه يجب تحقيق تلك المصلحتين وعدم إهدارهما.ويبين «أن قانون تنظيم القضاء الحالي لم ينظم فكرة محاسبة القاضي سوى داخليا وعبر جهاز التفتيش القضائي الذي لم يبين لنا الاعمال التي قام بها أو الملاحظات التي وضعت بحق بعص الاعضاء داخل الجهاز، وما إذا كانت هناك شكاوى قدمت»، موضحا أن فكرة المحاسبة الداخلية الممثلة بالتفتيش القضائي يجب تطويرها بأن تكون للقاضي محاسبة داخلية وأخرى خارجية عن طريق فكرة مخاصمة القاضي، كما أنه يجب ولتحقيق فكرة الشفافية القيام بنشر تقرير عن سلوك القضاء وتفعيل قانون عدم تعارض المصالح.بدوره أكد رئيس جمعية المحامين الكويتية المحامي وسمي خالد الوسمي أن الجمعية سبق أن طالبت عبر سنوات طويلة من السلطتين العمل على إقرار قانون استقلال القضاء في الكويت وإبعاد السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة العدل عن إدارة الشأن الإداري والمالي للقضاء وجعل القضاء يدير شؤونه بنفسه شأنه شأن مجلس الأمة.وأضاف الوسمي ان على السلطتين التشريعية والتنفيذية الاسراع في إقرار هذا القانون لما سيحقق الاستقلال الكامل بكل صوره للسلطة القضائية في الكويت كما أراد لها الدستور كإحدى السلطات الثلاث في الدولة.وبين الوسمي أن الحكومة وعبر سنوات طويلة تعاملت وللأسف مع القضاء وكأنه إدارة وكإحدى الإدارات التابعة لوزارة العدل، وهو أمر غير مقبول ويجب على السلطتين العمل على إنهائه بالصورة التي تليق بهذه السلطة.ويبين الوسمي أن تطوير القضاء في الكويت لا يكون إلا عبر منظومة متكاملة تكون من خلال الرقابة والتفتيش والتطوير على أداء أعضاء السلطة القضائية ومثل تلك الأمور تتطلب دعم القانون لجهازي التفتيش القضائي وكذلك معهد الدراسات القضائية.ولفت الوسمي إلى أن التفتيش على أحكام السادة القضاة بحسب ما نص قانون تنظيم القضاء الحالي توقف إلى درجة وكيل محكمة، بينما نرى أنه يتعين أن يشمل في القانون الجديد جميع الدرجات القضائية ومن بينها الحاصلون على درجة مستشار أو حتى وكلاء محاكم الاستئناف أو التمييز وذلك لضمان جودة الأحكام القضائية ولتطوير أداء القاضي على نحو مستمر.إسناد الأمر لأهلهمن جانبه، يقول المحامي سليمان مبارك الصيفي إن إقرار قانون لاستقلال القضاء ماليا وإداريا عن وزارة العدل يمثل تطورا مهما وسبق لرجال القانون المطالبة به سابقا لإبعاد يد وزارة العدل إداريا وماليا عن القضاء.ويضيف المحامي الصيفي أنه يتعين على المشرع الكويتي معالجة الخلل الذي أصاب وضع قانون السلطة القضائية منذ صدور الدستور الذي سمى القضاء بشكل صريح وواضح على أنها سلطة مستقلة تقوم بشؤونها لوحدها ولا تحتاج شريكا لمساعدتها بذلك.ويقول الصيفي أن هذا الخلل في وضع قانون القضاء جعل للسلطة التنفيذية مقعدا في مجلس القضاء والمشاركة والتصويت على شؤونه الداخلية، وكذلك قبول ورفض القرارات الإدارية الخاصة بالقضاء ورجاله، وكان لزاما على المشرع الكويتي التدخل لوقف التدخل الإداري بالقضاء الذي تجاوز مرحلة الاشراف وإسناد الأمر لأهله مع دعم الأجهزة الخاصة بالرقابة والتفتيش على أداء أعضاء السلطة القضائية.نقلة نوعيةبدوره يقول عضو مكتب أركان للاستشارات القانونية المحامي د. فايز الفضلي أن إنجاز قانون متوازن للسلطة القضائية يضمن الاستقلال الكامل وبكل انواعه مع تدعيمه بفكرة المحاسبة سيحقق للقضاء الكويتي نقلة نوعية كبيرة في تاريخه وسيجعل تجربته من أفضل التجارب على المستوى العالمي.ويضيف الفضلي قائلا «إن تحقيق كل سبل الحياة الكريمة والصحة والتعليم لأعضاء السلطة القضائية وأسرهم أمر في غاية الأهمية ويجب على المشرع التنبه له ودعمه، كما أن فكرة الضمان الاجتماعي ونادي القضاة وإكمال القاضي لدراسته العليا هي من القضايا المهمة أيضا والتي يجب أن تحظى باهتمام القانون، فضلا عن ضرورة تطوير نظام التفتيش القضائي بما يجعل قراراته قابلة للتنفيذ بعد السماح بالتظلم منها، وأن يشمل التفتيش جميع أعضاء السلطة القضائية بمن فيهم السادة المستشارون الحاصلون على درجات وكلاء محكمتي الاستئناف والتمييز وكذلك تطوير الجانب التدريبي للسادة القضاة وأعضاء النيابة العامة وربطه بالترقيات.ويقول الفضلي إن القضاء الكويتي قادر على تحمل شؤونه الادارية والمالية بمفرده، مثلما هو قادر على تشخيص مشاكله والعمل على وضع الحلول المنطقية لها، فضلا عن مواجهة العراقيل التي تواجه القضايا في المحاكم بشكل أفضل وإيجاد حلول لها كالاعلان والحفظ والطباعة والتنفيذ.
آخر الأخبار
قانون استقلال القضاء يقترب من الإقرار بعد تأييد الحكومة له
16-09-2014