الولايات المتحدة تستقبل آلاف اللاجئين السوريين
أعلنت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون السكان واللاجئين والهجرة آن ريتشارد أن الولايات المتحدة سترفع على نحو كبير عدد اللاجئين السوريين الذين ستسمح لهم بالانتقال نهائياً إلى الولايات المتحدة من نحو 350 في السنة إلى ما يُقارب العشرة آلاف سنوياً مع دخول الأزمة سنتها الخامسة.وفي مقابلة مع صحيفة "Al-Monitor" ذكرت ريتشارد: "فوجئ الناس من أننا لم نقبل عدداً أكبر"، وأضافت إن الأرقام الأولية المنخفضة تعكس واقع أن "نقل اللاجئين لا يُعتبر مطلقاً الخطوة الأولى التي تقوم بها عندما يهرب الناس من أزمة طارئة"، وإن دولاً أخرى، خصوصاً ألمانيا والسويد "أخذت المبادرة وعرضت استقبال الكثير" من اللاجئين السوريين.
تشير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن ألمانيا تعهدت باستقبال 30 ألف سوري منذ 2013، أي نحو نصف العدد المقرر نقله.بعد تحقق المفوضية من خلفية اللاجئين السوريين، على مَن يرغبون في الانتقال للعيش في الولايات المتحدة أن يجروا مقابلات مع مسؤولين في وزارة الأمن الداخلي في منشآت دبلوماسية أميركية في عمان بالأردن أو إسطنبول بتركيا، لكن هذا يستثني نحو مليون سوري هربوا إلى لبنان وأعداداً كبيرة في العراق ومصر، تسعى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتحديد المرشحين الأكثر تأثراً، وأفادت ريتشارد: "بحلول 15 ديسمبر، كنا قد تلقينا 10 آلاف إحالة من المفوضية، وهم يأتون كل 1000 أو 1500 شهرياً".عندما سئلت عن عدد مَن يُقبلون من هذه الإحالات، أجابت ريتشارد: "أعتقد معظمهم" لأنهم يستوفون على الأرجح تعريف الولايات المتحدة للاجئ بصفته شخصاً هارباً من الاضطهاد والخطر بسبب عرقه، إثنيته، دينه، معتقداته الدينية، أو انتمائه إلى مجموعة معينة في المجتمع.على اللاجئين أيضاً الخضوع لفحوص طبية واختبارات أمنية، وأوضحت ريتشارد أن "الجزء الثاني من هذه العملية كان صعباً"، إلا أنه لن يمثل مشكلة كبيرة على الأرجح مع السوريين الذين تحيلهم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فهي تتوقع أن يشملوا عموماً أرامل لهن أولاد، ومسنين، وأناسا يعانون مشاكل صحية، وأضافت: "سيكون واضحاً أنهم ليسوا إرهابيين مصممين على إلحاق الأذى بالأميركيين".وأكدت ريتشارد أنه لا يحظى مَن يملكون أقارب في الولايات المتحدة بأي أولوية، ولكن إذا كان أحد أفراد عائلة اللاجئ بين الأميركيين السوريين المقدر عددهم بنحو نصف مليون "نحاول لمّ الشمل لأن ذلك قد يحسن فرص نجاحهم في حياتهم في الولايات المتحدة".يعيش عدد كبير من الأميركيين العرب في ضواحي ديترويت وسان دييغو، لكن اللاجئين السوريين الذين انتقلوا إلى الولايات المتحدة أخيراً وُزعوا على مختلف أنحاء البلد.تشير الاحصاءات الأخيرة لوزارة الخارجية الأميركية إلى أن 33 لاجئاً سورياً أُرسلوا إلى كارولاينا الشمالية هذه السنة، و30 إلى تكساس، و24 إلى كل من كاليفورنيا وإيلينوي، وخمسة فقط إلى ميشيغان. أخبرت ريتشارد أن مكتبها يعمل مع تسع شبكات في الولايات المتحدة، ست منها دينية، بغية تحديد المجتمعات المستعدة لمساعدة اللاجئين في العثور على مسكن جديد، وأضافت: "يتطوعون لاستقبال عدد محدد بالاستناد إلى إمكانات منظماتهم".حملت السنة الماضية تحديات كبيرة لمكتبها، علماً أنها لا تقتصر على سورية، فقد بدأت هذه السنة مع أزمات إنسانية في بلدين آخرين (جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى)، تلتها الأزمة الأوكرانية في الصيف، وحرب جديدة في غزة، ودفق من الأولاد الذين عبروا الحدود الأميركية وحدهم من دون أي مرافقة راشدة قادمين من أميركا الوسطى، ووباء الإيبولا في غرب إفريقيا، وتقدم "داعش" المفاجئ في العراق.صحيح أن الولايات المتحدة لا تزال الدولة الأولى في العالم في تقديم المساعدات الإنسانية، مخصصة نحو 6 مليارات دولار لمساعدة اللاجئين ومواجهة الكوارث والمساعدات الغذائية خلال السنة الماضية، و3 مليارات دولار لسورية منذ عام 2011، إلا أن دولاً أخرى، مثل الكويت والإمارات العربية المتحدة، بدأت تقدم مساهمات منتظمة إلى وكالات الأمم المتحدة التي تزود معظم المساعدات الإنسانية.وأوضحت ريتشارد "حتى المملكة العربية السعودية، التي بدت مترددة في المساهمة في برامج مماثلة تابعة للأمم المتحدة في الماضي، قدمت نصف مليون دولار لمساعدة العراقيين على التأقلم مع أزمة "داعش" خلال الصيف".وتابعت "نود أن نرى عدداً أكبر من الحكومات يساهم وأن يواظب مَن دخلوا هذا المجال أخيراً على ذلك بطريقة يُعتمد عليها... كي تتمكن منظمات مثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي من التخطيط للمستقبل بفاعلية".تستقبل الولايات المتحدة نحو 70 ألف لاجئ كل سنة، شكل العراقيون الجزء الأكبر منهم خلال السنة المالية الماضية (نحو 20 ألفاً)، تلاهم أكثر من 16 ألفاً من بورما، وأكثر من 9 آلاف من بوتان، وأكثر من 7 آلاف من الصومال، وأكثر من 4 آلاف من كوبا، لكن عدد اللاجئين من بوتان بدأ يتراجع، فاسحاً المجال أمام اللاجئين السوريين.وأوضحت ريتشارد: "يحاول كثيرون البقاء في سورية والصمود هناك"، وأشارت إلى أن عدد المهجرين داخل هذا البلد ارتفع من 6 ملايين قبل ستة أشهر إلى 7.6 ملايين اليوم مع أكثر من 200 ألف في مناطق لا يمكن بلوغها من الخارج بسبب القتال الدائر، وأيد مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا اقتراح "تجميد" القتال بدءاً من ثاني أكبر مدينة في سورية، حلب، بغية التخفيف من الأزمة الإنسانية هناك، لكن ريتشارد أعربت عن شكوكها حيال هذه الخطة.وذكرت: "بعد زيارة ستافان دي ميستورا إلى واشنطن أخيراً، أراد الجميع منح هذه الخطة فرصة، بيد أنني لا أعتقد أننا نملك أدلة كافية تؤكد تغييراً مماثلاً. صحيح أننا حظينا بتعاون متواضع من نظام الأسد، إلا أنه لم يتبنَّ فجأة مقاربة جديدة تدعم المساعدات الإنسانية. يحاول النظام فحسب أن يميز نفسه عن داعش".وعبّر آخرون أيضاً يتعاطون مع الأزمة السورية عن تشاؤمهم حيال التوصل إلى حل قريب للأزمة، فأخبرت ساشا غوش-سيمينوف، رئيسة ومؤسسة مجموعة مساعدة تُدعى (الشعب يريد التغيير) "Al-Monitor": "لا أصدق أنني ما زلت أقوم بهذا العمل بعد أربع سنوات تقريباً. عندما غادرت سورية عام 2011، ظننا جميعنا أن النظام سيقرر إنقاذ نفسه وإجراء الإصلاحات، يسقط بسرعة، أو يواجه تدخل المجتمع الدولي، لكن المؤسف أننا لم نشهد أياً من كل هذه الخطوات".* باربارا سلافين