مع تنامي ظاهرة كراهية المسلمين في أوروبا، والتي حازت دفعة قوية بعد هجمات باريس الأسبوع الماضي، سعت الرئاسة الفرنسية إلى مؤازرة الجاليات المسلمة بتأكيدها أنها أول ضحايا التطرف، في حين وعدت بريطانيا والولايات المتحدة بتشكيل جبهة موحدة ضد الإرهاب.

Ad

اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن المسلمين في العالم هم أول ضحايا التعصب والتطرف وعدم التسامح، وذلك في وقت جرت أمس مراسم دفن لباقي ضحايا اعتداءات الجهاديين الفرنسيين الثلاثة سعيد وشريف كواشي وحمدي كوليبالي الذين استهدفوا في عمليتين متزامنين استهدفتا هيئة تحرير صحيفة شارلي إيبدو الهزلية ومتجراً للأطعمة اليهودية وأوقعت في مجملها 17 قتيلاً.

وقال هولاند، في كلمة القاها في معهد العالم العربي، الذي كتب على واجهته منذ بضعة أيام باللون الأحمر وحروف كبيرة باللغتين الفرنسية والعربية «كلنا شارلي»، تكريماً للصحيفة الساخرة، إن «أول ضحايا التعصب والأصولية وعدم التسامح هم المسلمون، فالتطرف استفاد من كل التناقضات وكل التأثيرات وكل البؤس وانعدام المساواة وكل النزاعات التي لم تلق تسوية منذ زمن طويل».

وأضاف الرئيس الفرنسي أن «فرنسا متمسكة بقيم الحرية والتعايش، وانها تسعى الى بناء المستقبل بالتعاون مع العالم العربي»، مشيراً إلى أن فرنسا «سوف تلاحق كل من يستهدف أي ديانة» وسوف تحمي كل الديانات، إلى ذلك دهس مجهول شرطية عمداً أمام قصر الاليزيه الرئاسي في باريس.

جبهة بريطانية أميركية

إلى ذلك، وعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الاميركي باراك أوباما بتشكيل جبهة موحدة ضد الجهاديين بعد اعتداءات في فرنسا، وذلك في مقال نشر عشية زيارة كاميرون لواشنطن أمس، مشددين على أن الامن ضروري لصحة الاقتصاد وان بلديهما سينسقان من اجل دحر الارهاب وسيدافعان عن حرية التعبير.

وجاء في مقالهما، الذي نشر من صحيفة التايمز البريطانية: «سوف نواصل العمل معا ضد الذين يهددون قيمنا وطريقة حياتنا». وأضافا: «عندما تعرضت الحريات التي نتقاسمها لاعتداء شنيع في باريس، رد العالم بصوت واحد». وأوضحا: «سوف ندحر هؤلاء القتلة المتوحشين وفكرهم الذي يحاول تبرير قتل أبرياء».

جدل الرسوم

وغداة نشر «شارلي» رسماً كاريكاتورياً أثار جدلاً في العالم الاسلامي، أعلنت وزيرة العدل كريستيان توبيرا أمس ان «في فرنسا يمكن ان نرسم كل شيء حتى الأنبياء». وأكدت الوزيرة خلال مراسم تشييع أحد الرسامين الذين قتلوا في الاعتداء الدامي على الصحيفة الساخرة قبل اسبوع في باريس: «يمكننا ان نرسم كل شيء حتى الأنبياء لأننا في فرنسا لدينا الحق بالسخرية من كل الاديان».

الحرية والإساءة

في المقابل، وبينما قال البابا فرنسيس قبل وصوله إلى مانيلا أمس ان حرية التعبير هي «حق أساسي، لكنها لا تعني إهانة معتقدات الآخرين»، ندد رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو أمس برسوم «شارلي»، معتبرا ان حرية التعبير لا تعني «حرية الإساءة». وقال: «لا يمكننا القبول بالإساءة الى النبي (صلى الله عليه وسلم)».

وقبل مغادرته في زيارة الى بروكسل، قال داود أوغلو: «على غرار الارهابيين الذين نفذوا مجازر باريس، ارتكبت الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسها بنيامين نتنياهو جرائم ضد الانسانية حيث نفذت مجزرة بحق اطفال كانوا يلعبون على شواطئ غزة».

حرب كلامية

وأدلى رئيس الوزراء التركي بتصريحاته وسط حرب كلامية محتدمة بين تركيا وإسرائيل وفي وقت تدهورت العلاقات بين البلدين الى ادنى مستوياتها.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاثنين انه «يصعب علي ان افهم كيف تجرأ» نتنياهو على المشاركة في التظاهرة التي جرت في فرنسا الأحد. ورد نتنياهو مساء أمس الأول منددا بـ»الكلام المعيب» وأكد ان «على المجتمع الدولي ان يعلن رفضه لتصريحاته (اردوغان) المعيبة لان الحرب على الارهاب لا يمكن ان تنجح إلا اذا اتبعت مبادئ اخلاقية واضحة».

«طالبان» وكيري

وفي أول تعليق لها على الاعتداءات، التي تبناها تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، نددت حركة طالبان الأفغانية أمس بالرسوم المسيئة، مشيدة بمنفذي الاعتداء. وفي بيان نشر على الانترنت، قالت «امارة افغانستان الإسلامية» التسمية الرسمية للحركة، إن الهجوم «ألحق العدالة بمرتكبي هذه الاعمال البذيئة».

وفي محاولة لتعويض الغياب الأميركي عن المسيرة المناهضة للإرهاب في فرنسا، وصل وزير الخارجية جون كيري مساء أمس الى باريس، ولتحسين صورة الولايات المتحدة، سيتعين على كيري ألا يكتفي بزيارة المجاملة المعتادة لهولاند ونظيره لوران فابيوس. فقد حضرت السفيرة الاميركية الثلاثاء مراسم تكريم الشرطيين الثلاثة الذين قتلوا في الاعتداءات ووضعت اكليل زهور امام متجر المأكولات اليهودية الذي قتل فيه اربعة يهود برصاص احد منفذي الاعتداءات الاخيرة.

إسبانيا وبلجيكا

وفي إسبانيا، كشفت صحيفة «لا فانغوارديا» الكاتالونية أمس أن كوليبالي الذي قتل شرطية في 8 يناير قبل ان ينفذ عملية احتجاز رهائن دامية في متجر للأطعمة اليهودية في باريس، كان في مدريد بين 30 ديسمبر و2 يناير وكان يرافقه شخص لم يتم التعرف الى هويته بعد، مشيرة الى ان السلطات تحقق في احتمال وجود خلية دعم له.

وفي بلجيكا، احتجزت السلطات تاجر سلاح  كان على اتصال بحمدي كوليبالي الذي احتجز رهائن المتجر اليهودي. ووفقا للتقارير فقد قال الرجل إنه احتال على كوليبالي في عملية بيع سيارة، لكن الشرطة عثرت على أدلة في وقت لاحق على أن الرجلين كانا يتفاوضان على بيع ذخيرة لسلاح من عيار 7.62 مليمتر، وقتل 3 في مداهمة لشرطة مكافحة الإرهاب في فيرفييه شرق بلجيكا.

ميركل والتطرف

في ألمانيا، تعهدت المستشارة انغيلا ميركل، في خطاب القته امام البرلمان أمس، بالتصدي لمروجي الفكر الاسلامي المتطرف والإسلاميين المتطرفين «بكل وسائل دولة القانون».

وقالت ميركل، بعدما لزم النواب دقيقة صمت تكريما لذكرى ضحايا اعتداءات باريس الـ17: «سنحارب بشدة كل الذين يتفوهون بكلام حاقد ويرتكبون اعمال عنف باسم الاسلام والمتواطئين معهم والمنظرين للإرهاب العالمي باستخدام كل الوسائل التي في متناول دولة القانون». مؤكدة أنها ستتصدى لدعاة الكراهية.

(باريس، لندن، برلين، بروكسل- أ ف ب، رويترز، د ب أ)