اكتسب اجتماع جدّة حول الإرهاب أهمية استثنائية نظراً لمقرراته التي بدأت ترسم خريطة الطريق لكيفية مواجهة تنطيم الدولة الإسلامية. ومن المتوقع أن تظهر نتائج هذه الاستراتيجية الإقليمية بقيادة المملكة العربية السعودية في الأسابيع الثلاثة المقبلة التي تلي اجتماع باريس.

Ad

والمؤتمر الذي تستضيفه العاصمة الفرنسية غداً هو تكملة لمؤتمر جدة، ويضم 40 دولة من بينها لبنان، همها الأساسي البحث في استراتيجية مكافحة الإرهاب في العراق والتي ستتمدّد إلى سورية.

وشكل انعقاد الاجتماع العربي - الأميركي في جدّة، مادة انقسام جديدة بين الأطراف المتصارعة على الساحة السياسية اللبنانية الداخلية، وتحوّلت مشاركة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في المؤتمر إلى موضوع تجاذب.

ففي حين أكد رئيس الحكومة تمام سلام أنّ "باسيل شارك في الاجتماع باسم الحكومة اللبنانية، وكنت على تواصل دائم معه، وقد وافقنا على القرارات التي اتخذت في هذا الاجتماع"، ذكرت مصادر متابعة أن "حزب الله انزعج من توقيع وزير الخارجية على مقررات الاجتماع".

وقالت المصادر إن "حزب الله يشجع أي طرف محلي أو دولي للمشاركة في الحرب على داعش، نظراً لعدم قدرة الحزب على الحسم العسكري لأسباب ميدانية وسياسية عدة"، مشيرةً إلى أن "حزب الله يدعم بلورة خطة واضحة تحدد الدور المطلوب من لبنان دولياً وتكون حاصلة على إجماع مجلس الوزراء اللبناني".

وأضافت: "عتب الحزب على باسيل يندرج في هذا الإطار، إذ كان يفضل أن يحذو باسيل حذو نظيره التركي بالامتناع عن التوقيع مع الأخذ بعين الاعتبار الأسباب المختلفة للبلدين"، لافتة إلى أن "عدم إشراك إيران وروسيا وسورية في المؤتمر يعيد إحياء فكرة المحورين في وقت المطلوب هو توحيد صفوف جميع القوى بلا استثناء على مبدأ محاربة الإرهاب".

ويقول مراقبون، إن مشاركة لبنان في مثل هذه المؤتمرات تعتبر رمزية، نظراً لدقة الموقف اللبناني، إذ ليس المطلوب من لبنان إرسال قوات عسكرية إلى الموصل أو إلى أي جبهة أخرى في العراق أو سورية للقتال، بل فقط منع دخول جهاديين من سورية إلى لبنان وهو أمر حاصل.

وكان باسيل أوضح أمس أنه "أكدنا للأميركيين ولكل المشاركين في اجتماع جدة أننا معهم في المعركة ضد داعش والنصرة والقاعدة، ولكن أي حرب على داعش يجب أن تكون من ضمن احترام سيادة الدول، والقانون الدولي وبرعاية الأمم المتحدة، كما أن أي حرب يجب أن تتم عبر الحكومات الشرعية، ومن قبل الجيوش النظامية، والأهم من كل ذلك، عدم استبعاد أي دولة، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى خلل في المواجهة الشاملة". وأكد أن "موقف لبنان هو عدم الدخول في محور دولي ضد محور دولي آخر".

 وعما يمكن أن يحققه لبنان من هذه المشاركة، قال باسيل: "لا يمكن للبنان أن يغيب، ومشاركته تؤمّن له الحماية من داعش، وإلى جانب الدعم السياسي له، تؤمّن المساعدة للجيش اللبناني تباعاً، بالإضافة إلى الاستفادة من المعلومات لملاحقة الإرهابيين، ومن تجفيف منابع المال التي تمر عبر لبنان، ومن تجفيف المنابع الفكرية والدينية ورفع الغطاء الإسلامي عن كل الدواعش في المنطقة وفي لبنان. وأما امتناعنا عن المشاركة فيجعلنا مكشوفين ومعرضين أكثر لتسرب داعش من المنطقة إلينا".