لم تكن شركة «إيكويت» للبتروكيماويات يوما ما طرفا في الغاء مشروع «ك- داو» في ديسمبر 2008، لكنها تأثرت بسبب الهجوم على احد اكبر المساهمين «داو كيميكال» في الشركة، وكان من الأجدر توضيح سلبيات وإيجابيات هذه الشراكة العالمية مع الاخذ في عين الاعتبار مدى نجاح تجربة شركة داو كشريك استراتيجي في شركة ايكويت.

Ad

ولكن بعد ان فاجأت «داو كيميكال» باعلانها التخارج الجزئي من «إيكويت» والشراكات الأخرى مع الكويت بات مصير «ايكويت» وصناعة البتروكيماويات في الكويت غامضا، وهي التي لعبت دورا في زيادة الميزان التجاري للكويت، حيث انها تساهم بأكثر من 80 في المئة من صادرات الكويت غير النفطية وتغذي ميزانية الدولة بنسبة لا يستهان بها من العوائد وتخلق قيمة مضافة للغاز وتوظف الكثير من المواطنين، وتلعب دورا حيويا في نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى الكويت وغير ذلك من ايجابيات.

ولمعرفة ردود افعال المتخصصين في الصناعة النفطية والبتروكيماويات في الكويت ازاء تخارج «داو» من الكويت قال الرئيس التنفيذي لشركة إيكويت للبتروكيماويات السابق حمد التركيت ان الاسباب واضحة لتخارج «داو» من الكويت وهي نتيجة لالغاء مشروع «ك-داو» مشيرا الى ان «داو» منذ بدأت القضية والهجوم الاعلامي والسياسي عليها ساهم في الفجوة بين الجانبين وعدم تطوير العلاقة لعدم وجود ترحيب فيها.

واضاف التركيت ان السبب الثاني للتخارج هو ان «داو» لديها استثمارات في السعودية وحصلت على مميزات من «ارامكو» اكثر مما حصلت عليه في الكويت خاصة من ناحية مواد «اللقيم» والائتمان موضحا ان لدى «داو» حاجة لتسييل بعض الاصول لتتمكن من الاستمرار في مشاريع اخرى.

واستبعد ان يكون وصف شركة الكيماويات البترولية التخارج بالايجابي على شركة «ايكويت»، ومستبعدا ايضا ان تكون لدى «الكيماويات البترولية» خطة لعملية التخارج مع «داو».

واشار التركيت الى «انني متخوف من ان تتحول شركة ايكويت بعد زيادة نسبة «الكيماويات البترولية» في الشركات التي ستتخارج منها «داو» الى اكثر من %51 وبالتالي تصبح هذه الشركات تابعة لمؤسسة البترول»، مؤكدا ان هذا خطر سترتكبه «الكيماويات البترولية» لان تحويل «ايكويت» الى شركة حكومية سيضعف موقعها في المرونة وباتخاذ القرار كما انها ستدخل في العراك السياسي وتدخلاته، حيث ان الشركة تتمتع حاليا بالمرونة والسرعة في اتخاذ القرار كما لديها قدرة في اقامة المشاريع والتوسع فيها بعكس الشركات التابعة لمؤسسة البترول، كما ان نظام الحوافز والمكافآت سيتأثر وسيتبع نظام مؤسسة البترول.

واقترح التركيت على «الكيماويات البترولية» انشاء شركة ثالثة على غرار شركة بوبيان وشركة القرين للبتروكيماويات يساهم فيها المواطنون وتقوم الشركة الثالثة بتملك حصة «داو» وتبقى «الكيماويات البترولية» المساهم الاكبر في الشركات وتبقى لها سلطة القرار وتبعد الشركات من مظلة مؤسسة البترول الكويتية وبالتالي تكون بعيدة عن التدخلات السياسية ولا تفقد بريقها الذي تتمتع فيه حاليا.

إرهاب سياسي

من جهته، قال عضو المجلس الاعلى للبترول السابق موسى معرفي ان الغاء مشروع «ك- داو» الذي أشغل الساحة الكويتية حتى الآن القى بتداعياته المختلفة، واصبحت الثقة مهتزة  بين الكويت و»داو»، مشيرا ان هذا الامر جاء بعد ممارسة الارهاب السياسي من اعضاء مجلس الامة حيث تم الغاء المشروع من حكومة ضعيفة خضعت للضغوط والابتزاز السياسي على حساب الرأي الفني، الذي كان من الاهمية ان يُحترم ويُعمل به بدلا من التعاطي السياسي.

وقال معرفي ان «الحبل على الجرار». بعد تخارج «داو» من الكويت سيكون الوضع سيئا مع الشركات الاجنبية لاسيما التي تتعامل مع القطاع النفطي واصفا المرحلة القادمة بالكارثة ما لم يتم وضع حد للتدخلات السياسية والمتنفذين.

واوضح ان تواجد «داو» مهم في مشاريع البتروكيماويات كونها من الشركات الرائدة في امتلاك التكنولوجيا المتطورة التي تحافظ على جودة مواصفات المنتجات مشيرا الى ان الكويت قد تجد صعوبة مستقبلا في تسويق المنتجات مما يترتب عليه خسارة اسواق لتصريف تلك المنتجات، وموضحا ان دور «داو» في الشراكة مع الكويت عمل على احداث نقلة نوعية للمشاريع مع القطاع النفطي اداريا وفنيا.

وحول اسباب نية «داو» للتخارج من الكويت وانها بحاجة لموارد مالية لدعم مشاريعها، قال معرفي: «لا اعتقد ان «داو» بحاجة الى اموال ولكن التردد في اتخاذ القرار من قبل الكويت في بعض المشاريع وآلية العمل غير الواضحة حيث ان الدورة المستندية طويلة مما يجعل الكثير من الفرص تضيع على الشركاء» مبينا ان هذا الامر قد يعانيه الشركاء الجدد خاصة ان هناك عدم ثقة لاسيما في اتخاذ القرارات.

صعوبة اتخاذ القرار

من جانبه، قال المستشار في الصناعة النفطية، العضو السابق في شركة «أي ام غلوبل» وليد الحشاش ان انسحاب او التخارج من الكويت من قبل شركة كبيرة بحجم «داو» مؤشر على ان اتخاذ القرار في الدولة صعب ولا يمكن التأقلم معه، مشيرا الى ان ذلك يؤكد في ذات الوقت أن لديها شراكة جيدة مع السعودية التي سهلت عملها من خلال العديد من الامتيازات، لاسيما توافر «اللقيم» بشكل مناسب.

واشار الحشاش الى انه على المستوى القريب قد تكون فكرة طرح اسهم «داو» مشجعة خاصة اذا شارك فيها المواطنون ولكن على المدى البعيد قد تواجه الكويت صعوبة في ايجاد شريك بسبب «ازمة الثقة» خاصة في كيفية الغاء مشروع «ك-داو».

واكد ان مشروع «الاولوفينات3» لن تكون «داو» ضمن الشركات المتقدمة وهو ما اكده الرئيس التنفيذي لشركة «الكيماويات البترولية» مشيرا في الوقت ذاته الى عدم وجود شركاء يرغبون بالعمل في الكويت خاصة في بيئة غير مستقرة للاستثمارات خاصة مع التدخلات السياسية السافرة.

واوضح الحشاش: «اذا نظرنا الى الشراكات الناجحة في الكويت تكاد تكون «ايكويت» الوحيدة منذ تقريبا ١٨ سنة» مبينا ان الحكومة لم تستطع عبر كل خططها جذب مستثمر استراتيجي واحد والآن هذا الشريك الوحيد يبدي استعداده للانسحاب.

وقال: «كي لا ننسى انه حتى شراكتنا الاستراتيجية في شركة الملاحة العربية المتحدة التي هي بالاساس كويتية تم تخفيضها، وسيطرت عليها الآن قطر»، متسائلا: الى اين نسير؟ وما رأي الجهاز الجديد «لتشجيع الاستثمار المباشر».