في كتابها {الرغبة في كشف الحقيقة} تؤكد  فاليري تريولر، السيدة الفرنسية الأولى السابقة، عشيقة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند: {كلّ ما كتبته صحيح. داخل الإليزيه، كنت أشعر أنني أقوم بريبورتاج، وكنت أخاف دائماً من القيام بأي خطأ في أداء دوري}. وفيه تروي يومياتها في القصر الرئاسي الإليزيه إلى جانب الرئيس قبل انفصالها عنه.

Ad

{الجريدة} اختارت مقتطفات من الكتاب وترجمتها، ونعرضها في ثلاث حلقات.

لم يحضر فرانسوا لزيارتي حتى اليوم الخامس، مع أنه كان يرسل إليّ رسائل مقتضبة يومياً. ثم علمتُ أن الأطباء منعوه من زيارتي. لم أفهم ذلك القرار الذي يجرحني شخصياً ويُعتبر كارثياً على المستوى السياسي. بعد نقاش محتدم، رضخ الطبيب لمطالبي وسمح له بزيارتي لمدة عشر دقائق لكن دامت الزيارة أكثر من ساعة.

لا تزال ذكرياتي عن ذلك اللقاء مبهمة أيضاً. هدأ النقاش حينها، ربما بفضل جرعة المهدئات الهائلة التي تلقّيتها؟ كان الأستاذ جوفان يحضر كل عشر دقائق للتأكد من سير الأمور ثم يغادر مجدداً. قال لأحد أصدقائه لاحقاً أنه شعر بأنه يشاهد لقاءً بين حبيبَين.

كل ما أذكره أنني قلت لفرانسوا إنني سأذهب لحضور خطاب العهود في تول في ذلك الأسبوع. لكنه رفض طبعاً. حاول في البداية التحدث عن وضعي ثم قال بكل حزم إن هذا الأمر غير ممكن سياسياً. باختصار، لا يريد وجودي هناك. شعرتُ بأنني مستعدة لمواجهة النظرات، لا سيما نظرات الفضوليين وأصحاب النوايا السيئة. منذ سنوات، لا أفوّت أي موعد مماثل. قبل أن يصبح رئيساً بفترة طويلة، كنت أرافقه خلال خطاباته. إنه طقس مشترك بيننا وبين سكان تول، كما يحصل في أيام الانتخابات. كم مرة لحقتُ به في جولة المكاتب الانتخابية؟ كم مرة تواجدنا في مطعم «لاغين» لتناول الطعام؟

بعد ثلاثة أشهر على خروجي من المستشفى، تزامناً مع بدء الجولة الأولى من الانتخابات البلدية لعام 2014، استيقظتُ وأنا أبكي. أوجعني ألا أكون معه في ذلك اليوم. ذلك الاستحقاق الانتخابي أيقظ فيّ الذكريات وذكّرني بالسعادة التي كنت أعيشها معه خلال هذه اللحظات بالذات، في كل استحقاق انتخابي كما في اجتماعات لمّ الشمل في جامعة الصيف في لاروشيل.

في جميع المواعيد السياسية الكبرى، كنا نتواجد معاً، وذلك منذ عشرين سنة تقريباً، حين كنت صحافية ثم أصبحتُ شريكته. تقاسمنا جميع اللحظات القوية في حياته العامة. عشناها بتفاصيلها كافة. كل سنة، كان التقارب بيننا يزداد، حتى اليوم الذي تغير فيه كل شيء وبدأت قصتنا.

لكن انتهى الأمر الآن. لم يعد يريدني أن أتواجد هناك. لكني قلت له بإصرار:

سأقود سيارتي وأحضر.

كم مرة سلكتُ هذه الطريق، وحدي وراء المقود، ليلاً أو نهاراً؟ كنت أقود طوال خمس ساعات لأخطف لحظة حميمة منه قبل قطع الطريق مجدداً في الاتجاه المعاكس. إنها لحظات من البهجة العارمة كتلك التي لا يوفرها إلا الحب المجنون.

في اليوم التالي، كان التعب يتآكلني. لم أفهم ما كان يحدث. وبعد يومين، أي في يوم الخطاب في تول، زاد وضعي سوءاً. لم أستطع النهوض. حين حاولت وضع قدميّ خارج السرير، وقعت. كان يُفترض أن تأتي فاليري، زوجة ميشال سابان، لتناول الغداء معي. بالكاد تمكنت من الإمساك بالشوكة أو التكلم. حاولت ألا أنام وأن أستفيد من حضورها. لكن ذهبت جهودي سدىً. سرعان ما استسلمت. فتركتني أرتاح.

بلغ ضغطي أدنى مستوياته. لم أفهم السبب إلا لاحقاً. تضاعفت جرعات المهدئات لمنعي من الذهاب إلى تول. لم تحتمل عروقي الجرعة المفرطة (...)

حان موعد الخروج. كانت فترة النقاهة ستستمر في جناح «لانترن»، المقر القديم لرئاسة الحكومة. إنه مكان هادئ ويقع على طول حديقة قصر فيرساي.

جرى التخطيط لعملية الخروج بأدق التفاصيل لتجنب صور الباباراتزي. الأمر أشبه بالتسلل إلى الخارج. وجدتُ صعوبة في المشي. سرتُ وأنا أتأبّط ضابط الأمن وكنت في حالة ذهول. تجنبنا طبعاً استعمال الباب الرئيس. تم اتخاذ جميع التدابير اللازمة. تحولت السيارة التي نستقلّها في العادة إلى فخ واستُعلمت للتمويه.

نجحت العملية. وقفت طواقم القنوات التلفزيونية مع المصورين أمام مقر «لانترن» لكنهم لم يلتقطوا إلا صورة السيارة الهاربة بنوافذها السوداء. حتى إنهم لم يشاهدوا ظلي. هذه هي الكلمة المناسبة: أصبحتُ مجرد ظل.

عدتُ بكل سرور إلى ذلك المكان الذي أحبه، فقد أمضيت فيه أجمل لحظات حياتي إلى جانب الرئيس. استقبلني الزوجان البستانيان، كانا أشبه بملاكين حارسين لي. يهتمان بالمكان منذ 25 سنة. قابلا عدداً كبيراً من رؤساء الوزراء إلى أن جعل نيكولا ساركوزي هذه الزاوية من الجنة مقراً للرئاسة. أسهما في تنظيم اجتماعات سرية كثيرة وحفلات عائلية وشهدا طبعاً بعض الأحداث الدرامية. لكنهما لا يتفوهان بكلمة. لم يخونا أحداً يوماً ولم يسردا أبسط التفاصيل. كنت أحب تقاسم القهوة معهما في الصباح وكنا ندردش بشتى المواضيع. كانت تلك اللحظات جميلة دوماً. كانا يلحظان وحدتي.

بقي أحد أطباء الإليزيه الشباب على مدار الساعة في الغرفة المجاورة للإشراف على ضغطي وإعطائي مزيلات القلق والمهدئات. كل يوم، يأتي صديق أو صديقة لزيارتي، فضلاً عن أفراد عائلتي. لا يخبرونني شيئاً عما يحصل في الخارج. بل يحمونني من المعمعة والإشاعات الوهمية والعناوين الصحفية الصاخبة.

خلال الصيف السابق، حين كنت وحيدة في ملجأ «لانترن» وكان فرانسوا يعمل في باريس، كنت قد اعتدت على الخروج في نزهات طويلة على الدراجة الهوائية. أصبحنا مع ضباط الأمن أشبه بالأبطال. كل يوم، كنا نركب الدراجة ونقطع 37 كلم في حديقة فرساي وغابتها. كنا نسجل الوقت ونحاول إحراز التقدم وكسب بضع دقائق لزيادة المسافة التي نقطعها خلال وقت أقل. ما كان شيئاً ليوقفنا، ولا حتى الأيام الممطرة. لم أكن أتعب أبداً من هذه المتعة.

في أسبوع 15 أغسطس، انضم إلي فرانسوا. نجح أخيراً في تخصيص بضعة أيام لي، مع أن الواقع لم يكن كذلك. بالكاد كان يرفع نظره عن ملفاته وكان يرفض الخروج من محيط مقر «لانترن». اقتصرت النزهات على جولتين أو ثلاثة في الحديقة. لكني شخصياً لم أستطع التخلي عن رحلتي على الدراجة. كان مصورو الباباراتزي منتشرين في كل زاوية من الحديقة. نُشرت صورة لي وأنا على الدراجة في صحيفة «لوباريزيان» قبل يومين أو ثلاثة.

في صباح أحد الأيام، فيما كنا نمر بالقرب من منعطف حول «الصليب الكبير» في الحديقة، شاهدتُ مصورَين وتوجهت نحوهما من دون إنذار الشرطيَّين اللذين كانا يرافقانني. كانا هناك طوال اليوم لتوفير التغطية والحماية. كل شيء تحت السيطرة. ارتعب أحد الصحافيَّين ورفع يديه وكأنني أصوب سلاحاً نحوه:

- لا دخل لنا، لا دخل لنا بالصورة في صحيفة «لوباريزيان»، نقسم بذلك. لا دخل لنا!

كان خوفهما يضحكني.

- لم آتِ لهذا السبب بل لأقول لكما إنكما تضيّعان الوقت. الرئيس لن يخرج ولن تلتقطا أي صورة. يمكنكما تصويري على دراجتي كل يوم، لكن لا نفع من ذلك. لن تشاهدوه هو. من الأفضل أن تمضيا الوقت مع عائلتكما.    

لم يصدقاني طبعاً ولكنهما ضيّعا وقتهما فعلاً في تصويري كل صباح وأنا أقود الدراجة الهوائية مع أو من دون استعمال يديّ (...)

لم أستلم من الإليزيه إلا ثلاث رسائل من المستشارين. تجنبني جميع المسؤولين الآخرين. بدأوا يعاملونني وكأنني منبوذة. في الحكومة، لم يتجرأ إلا أربعة وزراء فقط على التوجه لي بكلمة صداقة: أوريلي فيليبيتي، يامينا بينغيغي، بونوا هامون، باسكال كانفان.

غاب جميع الأشخاص الذين أعرفهم جيداً. أصبح سكوتهم مدوياً حين بدأتُ أقرأ الرسائل الآتية من المعكسر الآخر، من كلود شيراك وكارلا بروني ساركوزي وسيسيليا أتياس وجان لوك ميلانشون وآلان ديلون وكثيرين غيرهم. في عالم السياسة، من الأفضل ألا يقف أحد مع فريق الخاسرين.

خلال أقل من أسبوع لم تتحطم حياتي فحسب، بل تأكدتُ من حجم الفساد السائد في الأوساط الضيقة للأصدقاء السياسيين والمستشارين والمرافقين. مانويل فالس وبيار موسكوفيتشي اللذان كانا مقربَّين مني نسيا على ما يبدو رقم هاتفي.

أعلمني فرانسوا بزيارته السبت المقبل «للتحاور». وحدد موعد مجيئه قائلاً: «قبل العشاء بقليل». عندما وصل، جلسنا في غرفة الجلوس الكبيرة، مواجهَين أحدنا الآخر. تحصّن كل منا في أريكة مختلفة. كانت الأرائك جميلة مزينة بالزهور. لكن الجو بدا ثقيلاً والمسافة واضحة. عندئذٍ راح يحادثني عن الانفصال. لم أفهم منطق الأمور. فهو مَن أُخذ على حين غرة وعلي أنا أن أدفع الثمن، ولكن هكذا تسير المسائل. لم يبدُ قراره نهائياً بعد، إلا أنني ما كنت أقوى على الجدال. حاول استخدام أقل العبارات قساوة، غير أن وقع حكمه كان شديداً. ما كنت أعلم ما يحدث، بل شعرت كأنني مخدرة.

عدنا إلى صالة الطعام لتناول العشاء. وبوجود كبار الندل، اتخذ الحوار منحى عادياً. كنا سننام في غرفتين منفصلتين، علماً أننا لم نفعل ذلك سابقاً. أراد هذه المرة أن يرسم النهاية. قضيت ليلة مضطربة بسبب الكوابيس والهلوسات نتيجة ما تناولته من أدوية. كنت أستيقظ مذعورة لأني ظننت أن أحداً معي في الغرفة. رحت أفكر في فرانسوا وهو يحتضن امرأة أخرى. مَن اتخذ الخطوة الأولى؟ ماذا أخبرها عنا؟ وماذا أعطته هي ولم يجده عندي؟ جرحتني هذه الصور، فرحت أطردها. لكنها ما انفكت تعود بإلحاح. كانت تخنقني، فأجهشت بالبكاء.

ضوء أخضر

في الصباح، أخبرني أنه سيرحل بعد الفطور، وأن اثنتين من صديقاتي المقربات، كونستانس وفاليري، تريدان رؤيتي. فتساءلت: لمَ لم تتصلا بي مباشرة؟ كنت أفضل البقاء وحيدة لأجد نفسي وأواجه ما سيأتي.

لكن فرانسوا أصرّ. فلم يرد أن يتركني وحيدة مع يأسي، وهو يستعدّ للانضمام إلى عشيقته. كنت أجهل أن صديقتيّ كانتا قد وصلتا إلى قصر فيرساي منذ الصباح الباكر. وضع فرانسوا إستراتيجيته هذه كي لا يتركني وحيدة ويريح ضميره. كانتا تنتظران، في مقهى، ضوء فرنسوا الأخضر كي تأتيا إلى مسكن "لا لانترن”. أراد أن يكلفهما بهذه المهمة. لذلك راحتا تمطرانني برسائل ترجوانني فيها أن أسمح لهما بالمجيء. فرضخت وأحسنت بذلك. فمنذ رحيل فرانسوا، عزاني وجودهما.

خططنا لنعاود اللقاء أنا وهو الخميس المقبل. فلطالما كان الخميس يومنا، فيه بدأ حبنا، وفيه كنا نلتقي بين 2005 و2007، فضلاً عن أنه يوم أغنية جو داسين الشهيرة التي استمعنا إليها مراراً في السيارة ونحن ننشد: "تذكر، في أحد أيام الخميس/اليوم الكبير/الخطوة الكبيرة نحو الحب الكبير”.

أخذتُ المبادرة وطلبت منه أن نتقابل في منزلنا في شارع كوشي. فهناك نكون وحدنا ويمكننا التكلم بحرية. وصل في الوقت المحدد، مع أن هذا ليس من عاداته. أحضر معه الغداء الذي أعده قصر الإليزيه: علبة من الحديد الأبيض تحتوي على أطباق مزينة يكفي أن يدخلها إلى الميكروويف.

ظل المسؤولون عن أمنه في أسفل المبنى. فمنذ نشر الصور في مجلة Closer، التي يظهرون فيها وهم يحملون كيس كرواسان في شارع "سيرك” في الصباح الباكر، يدركون أن من الأفضل لهم تفادي مواجهتي.

بدت لي هذه التطورات كافة غير حقيقية. فكنا نعدّ طاولة الطعام كأي ثنائي عادي، إنما من دون حماسة أو شهية. وعندما انتهينا، نهض كما لو أن شيئاً لم يحدث وصنع القهوة قبل أن ننتقل إلى غرفة الجلوس. فقد آن الأوان لنتطرق إلى الأسئلة الأهم.

انفتحت الأرض تحت قدميّ. كنت أخشى المجهول وما سيحدث بعد انفصالنا، خصوصاً الخطة المالية. أوضحت لفرانسوا مخاوفي. فمنذ صدور قرار طلاقي من والد أولادي، أتولى إعالة أبنائي الثلاثة بالكامل. ففي تلك الفترة، شكّل هذا ثمن تحرري لأنضم إليه، ولم أتردد مطلقاً. كذلك كنت قررت الاحتفاظ بشهرتي تريرفيلر، الاسم الذي أوقّع به أعمالاً منذ أكثر من 15 سنة. أردت أن أحمل الشهرة ذاتها كما أولادي. صحيح أنني تطلقت من والدهم، إلا أنني لم أرد أن أشعر أنني انفصلت عنهم.

يدرك فرانسوا أن الراتب الذي أتقاضاه من مجلة Paris-Match لا يكفي لأسدد وحدي إيجار شقتنا، نفقات أولادي، كلفة مسكنهم، وأقساط تعليمهم. ومنذ انتقالنا إلى هذا المسكن، رحت أراكم عائداتي من Paris-Match ومن التلفزيون، بما أنني كنت أعمل مع محطة Direct8 (اليوم D8) منذ تأسيس هذه السلسلة عام 2005.

ولكن عندما انتُخب فرانسوا رئيساً، أصرّ على أن أتخلى عن التلفزيون. لكننا خططنا مع إدارة السلسلة لإطلاق برنامج جديد، أهدافه إنسانية تتلاءم مع دوري كسيدة أولى: سلسلة من الحلقات الوثائقية أجري خلالها مقابلات مع شخصيات نتحاور أثناءها في مواضيع عامة. أثار المشروع اهتمامي، وقد حقق تقدماً كبيراً. لكن Canal+ عاودت شراء Direct8 بدعم من CSA. وسارع صحافيون كثر إلى إثارة مسألة تضارب المصالح. وفي أحد أيام الآحاد من شهر سبتمبر، أمرني فرانسوا بصوت قاسٍ ونحن في مسكن "لا لانترن”:

عليك التخلي عن التلفزيون.

كانت نبرته حازمة ولم تترك أي مجال للتفاوض، فقبلت في الحال. كنا قد واجهنا في فصل الربيع "مسألة التغريدات” وهزيمة سيغولين روايال في لا روشيل. لذلك لم أرد إثارة أي مواضيع جدل أو التسبب بمشاكل بيننا. ولكن برضوخي في ذلك اليوم، خسرت ثلثي مدخولي، وهو يدرك ذلك.

لم يكن المال هدفي مطلقاً، غير أنني أخاف الغد، وهذا ميل طبيعي. أخشى المجهول. أخشى ألا أملك سقفاً أحتمي تحته عندما أبلغ سناً لا يمكنني معها الاستمرار في العمل. فلم أنسَ الخاتمة التي انتهت إليها إحدى جدتيّ. ولطالما كنت مستقلة.

أتحدر من عائلة لا تترك مصيرها للقدر. ففي عائلتي لا ننفق مالاً لا نملكه وننتبه دوماً إلى أسعار كل ما نشتريه. ما زلت أذكر اليوم الذي رافقت فيه إحدى صديقاتي لنتسوق خلال موسم التخفيضات في مركز يضم متاجر ومصانع. وفيما كنت أشتري الملابس لأبنائي، سارعت البائعات إلى القول بادئ الأمر: "السيدة ساركوزي!”، ما دفعني إلى الابتسام. ثم لوحت لهن نفياً. فاستدركت إحداهن خطأها وقالت: "نعم، أنت امرأة هولاند”. فسمعت حينذاك بعض الزبائن أمامي مباشرة يتمتمون: "إذا كانت زوجات الرؤساء يأتين للتسوق هنا، فنحن إذاً نعيش حقاً في أزمة”.

مع أنني قبلت التخلي عن برنامجي في Direct8 لأجل فرانسوا، تمسكت بوظيفتي في Paris-Match. فلم أتقبل فكرة أن أصبح عاطلة عن العمل من دون أي راتب. صحيح أنني كنت على علاقة برئيس الجمهورية ولي مكتب في الإليزيه، تماماً مثل زوجات الرؤساء السابقات، إلا أن هذا عمل مجاني بالكامل ترأست خلاله فريقاً صغيراً مهمته تولي مسائل إنسانية واجتماعية. فلأجل ماذا علي التخلي عن عملي؟ ولمَ يجب أن أكون المرأة الوحيدة في فرنسا التي لا يحق لها أن تعمل؟

عندما صارت علاقتنا علانية عام 2007، كنت قد تخليت منطقياً عن العمود السياسي في Paris-Match منذ سنتين لأنضم إلى القسم الثقافي الذي لا تُثار فيه مسألة تضارب المصالح. فمن قد ينزعج مني لأني أكتب عن الروايات والقصص؟

طوال ثماني سنوات، لم أدّعِ يوماً أنني ناقدة أدبية. أحاول فحسب أن أثير اهتمام قراء Paris-Match بالمطالعة وتبني منطق امرأة ساعدتها القراءة على النضوج. فقد فتحت أمامي المطالعة الآفاق والاحتمالات كافة. ومن دون القراءة ما كنت لأصبح ما أنا عليه اليوم. فقد أحببت المطالعة منذ اليوم الذي تعلمت فيه حروفي الأولى.