رئيس دار الكتب والوثائق المصرية حلمي النمنم: تهريب المخطوطات والوثائق سرقة للتاريخ

نشر في 08-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 08-09-2014 | 00:01
No Image Caption
أكد رئيس دار الكتب والوثائق المصرية حلمي النمنم أن الدار بدأت مشروع رقمنة المخطوطات والوثائق لتحويلها إلى عالم الديجيتال، وأضاف في حواره لـ «الجريدة» أن المخطوطات القديمة محفوظة بشكل آمن وبعيدة عن السرقة، مشيراً إلى أن ما تم تهريبه من مصر خرج من قصر الاتحادية، مؤكداً أن هذه الأوراق الرسمية لم تكن في حوزة دار الوثائق. وأوضح أنه يرفض حرق كتب جماعة «الإخوان المسلمين»، ويفضل الرد عليها بكتب أخرى.
أنت أحد المهمومين بدار الكتب وسبق أن حذرت من الأخطار المحدقة بهذا المكان خلال فترة حكم {الإخوان}. هل وضعت آليات للحفاظ على الدار وحمايتها من أي سطو؟

ثمة آليات كثيرة لحماية المخطوطات والوثائق والحفاظ عليها، أمنياً وتقنياً، وهذه الآليات هي التي حافظت على وثائقنا حتى الآن، وحالت بين {الإخوان} وبين العبث بها في فترة سيطرتهم على وزارة الثقافة، وهذه الوسائل التأمينية موجودة منذ فترة طويلة وزادت منذ التسعينيات، لكن لا يوجد أي شيء في العالم يمنع الجريمة بشكل كلي.

ألا توجد لديكم خطة لوضع الوثائق والمخطوطات والكتب المهمة على الإنترنت عن طريق نقلها رقمياً مثلما يحدث في العالم المتقدم؟

ثمة مشروع {رقمنة الوثائق} لتحويل المخطوطات والوثائق إلى عالم الديجيتال، وهو موجود منذ فترة وبدأنا العمل فيه بشكل فعلي. لكن على مستوى التنفيذ، المشروع ضخم جداً، ويحتاج إلى مجهود كبير وتكلفة عالية ووقت طويل، فإذا تحدثنا عن الدوريات المطبوعة، فأتمنى أن أضعها بالكامل على الإنترنت، وإذا تكلمنا عن الصحافة، فلدى الدار مخزون هائل من الصحافة المصرية منذ نشأتها، بالإضافة إلى مجموعات نادرة من الصحف الإنكليزية والأميركية والفرنسية منذ بداية القرن التاسع عشر. لكن في نهاية الأمر، الميزانية التي نعمل بها محدودة وهذه المشاريع تحتاج إلى إنفاق ضخم جداً.

هل يوجد لديكم حصر شامل للمخطوطات الموجودة داخل مصر وخارجها، خصوصاً التي تم تهريبها في الفترات الأخيرة؟

ثمة تصور خاطئ لدى كثير من الناس، وهو أن المخطوطات المصرية كافة موجودة في الدار، بالتالي فإن ما يتم تهريبه يكون قد خرج من عندنا. لكن الحقيقة هي أن ثمة مكتبات في أنحاء الجمهورية تملك مخطوطات، وسنحصر الأخيرة بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية، لا سيما أن بعضها لا يرمم بشكل دوري، ولا يُحفظ بطريقة آمنة. سنصون المخطوطات، والآن نتفاوض مع مكتبة الزقازيق في محافظة الشرقية حيث يوجد أكثر من 170 مخطوطاً نادراً، وهي ليست في ملكيتنا أو حوذتنا. كذلك يملك بعض المساجد الأثرية مخطوطات أثرية، ففي زمن الدكتور حمدي زقزوق تم حصر المخطوطات في فوزارة الأوقاف وتجميعها إلى حد كبير.

ماذا عن الوثائق؟

بعض الوثائق موجود لدى جهاته ولا نعلم عنه شيئاً، وما يأتي لدينا يتم حفظه. مثلاً، الوثائق التي قيل إنها هُربت أو سُفرت إبان حكم {الإخوان} خرجت من قصر الاتحادية، فقد كانت معروضة على الرئيس في تلك الفترة، فهي لم تكن في حيازتنا من الأساس.

ما المدة القانونية التي يجب أن تصل فيها الوثائق إلى الدار؟

تأتي الوثائق إلينا بعد مرور خمس أو 10 سنوات كي تحفظ لدينا على غير ما يعتقد كثيرون، فنحن نعمل حتى الآن بقانون صدر سنة 1954، وقد باءت محاولات تعديله بالفشل، ومشروع القانون الذي تم تقديمه في عام 2004 ذهب إلى مجلس الوزراء ومر عليه عشر سنوات، وبالتالي يجب تعديله. وأكرر، لا تُرسل إلينا نسخ من الجهات الحكومية كافة. لكن للعلم إذا انتظمت المؤسسات في إرسال وثائق فستحدث مشكلة كبيرة، فنحن لا نملك الأماكن التي تسعها كلها.

كيف سيتم التغلب على أزمة ضيق المكان في الفترة المقبلة؟

سيُفتتح مقر جديد قريباً في الفسطاط، بالإضافة إلى مشروع نعمل عليه راهناً، وهو افتتاح فروع للدار في بعض المحافظات للتسهيل على الباحثين والمدققين التاريخيين الاطلاع على محاضر جلسات المجالس المحلية والأحزاب السياسية، فعندما تكون للدار فروع في المحافظات سيكون لها الحق في الاحتفاظ بنسخ من هذه الأوراق.

هل من الممكن محاسبة أي هيئة لا تلتزم بإرسال الوثائق إليكم؟

الأزمة الحقيقية أن ثمة مؤسسات حكومية كثيرة تتخلص من الوثائق بالحرق والتقطيع على اعتبار أنها أوراق تشغل حيزاً كبيراً من المخازن، تنظر إلى أهميتها المستقبلية. لكن لا يوجد قانون كي أحاسب به الجهة المتقاعسة عن إرسال وثائقها.

هل لديكم وثائق تخص أزمة حلايب وشلاتين بعدما أثيرت تلك المشكلة إبان حكم {الإخوان} ومطالبات الخرطوم بضم حلايب للسودان؟

موجود كل ما يؤكد ذلك، وهي مؤمنة تماماً من أي عبث وفي فترة حكم {الإخوان}. حاول البعض الحصول على هذه الوثائق، لكنه أخفق.

يطالب البعض بالتخلص من كتب {الإخوان}، وكل ما يمت لهم بصلة فكرية بأي شكل من الأشكال. ما رأيك؟

إحراق الكتب جريمة بكل معاني الكلمة أياً كانت، لكن يجب أن تظل هذه الكتب موجودة وتتم مناقشتها والرد عليها بكتب أخرى، فإذا افترضنا أننا تخلصنا منها وجاء {الإخوان} بعد ذلك وأنكروا تحريضهم على القتل وسفك الدماء كيف سنرد عليهم، أبلغ رد عليهم في هذه الحالة هي رسائل حسن البنا، تحديداً رسالته سنة 1938 المليئة بالعنف والدماء. وكيف سنثبت من دون الكتب أن حسن البنا كان أكبر منافق للملك في الصحافة المصرية؟ إذا أحرقنا كتبهم سيستفيد {الإخوان} أعظم استفادة.

كيف نحافظ على النشء وكيف نضمن عدم وصول هذه الأفكار إليهم؟

يجب علينا أن نراجع وندرس ما يقدم لهم من كتب واختيار الأعمال المناسبة للمرحلة العمرية التي يعيشونها كي تتناسب قراءاتهم مع التربية التي نتمناها لهم، فنحن لا نريد أن ينشأ أبناؤنا الصغار على العنف والدماء.

طرأ على المشهد الثقافي المصري بعض التغيرات بعد 25 يناير. كيف نضمن عدم عودة السياسات الخاطئة، خصوصاً بقاء القيادات في مناصبهم لعشرات السنين؟

تغير الوضع تماماً، فرئيس الجمهورية لن يجلس على كرسيه أكثر من ثماني سنوات، فكيف لمسؤول أن يبقى 15 سنة، والمناصب العليا في الدولة أصبحت تجدد عاماً بعد عام عن طريق تقديم القيادات لإنجازاتهم وأعمالهم لما يسمى بلجنة القيادات، والأخيرة هي التي تقرر أن تمدد له أو أن تكتفي بالمدة التي شغلها.

back to top