ندوة «الزكاة المعاصرة» تناقش «إشكاليات الأصول الثابتة وأثر الكساد»
انطلقت أمس فعاليات الندوة الثالثة والعشرين لقضايا الزكاة المعاصرة، التي ناقشت في يومها الأول إشكاليات الأصول الثابتة وكيفية معالجتها، وأثر الكساد في العروض التجارية من خلال عدة بحوث قدمها عدد من الباحثين المحليين والضيوف.
افتتح بيت الزكاة صباح أمس، فعاليات الندوة الثالثة والعشرين «لقضايا الزكاة المعاصرة» الذي أقيم تحت رعاية وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رئيس مجلس إدارة بيت الزكاة يعقوب الصانع، وبحضور ومشاركة عدد من العلماء الشرعيين والمتخصصين المحاسبين والماليين.وقال المدير العام لبيت الزكاة الدكتور إبراهيم الصالح في كلمة وزير العدل وزير الأوقاف ان «عقد مثل هذه الندوات يدل على اهتمامنا جميعاً بأركان ديننا الحنيف وسعينا المستمر في خدمة شريعتنا السمحة بما يجعلها تواكب عصرنا الحاضر فيما يستجد فيه من تطور يستدعي معالجة الكثير من أحكام فريضة الزكاة فيما يتعلق بالقضايا المعاصرة التي حدثت بعد تطور الأنظمة المالية، وأصبح لا بد من دراستها، وإيجاد الحلول المناسبة لها، والإفادة مما يحفل به الفقه الإسلامي من صيغ وأساليب تلائم كل عصر وبيئة بعيداً عن الوقوع في المحرّمات أو ملابسة الشبهات أو منع الحقوق عن أصحابها أو انتقاصها بجهل حدودها ومعالمها وإن مما يثلج الصدر أن تشق الهيئة طريقها من خلال الأعمال والمنجزات والتوصيات المنبثقة عن الندوات التي أقامتها»، لافتا الى أن «هذه الندوة تعتبر إضافة جديدة إلى الجهود السابقة التي تمخضت عنها مؤتمرات الزكاة وندواتها علي مدى اثنين وثلاثين عاماً والتي كانت مورداً للباحثين ومرجعاً للمؤسسات الزكوية».
وأضاف الصالح ان «ما حققه بيت الزكاة من الأهداف، وما وصل إليه من نجاح إنما يعود الفضل فيه بعد توفيق الله إلى توجيهات سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد ورئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك وثقة الشعب الكويتي الخير الذي جبل على حب الخير وتقديم المساعدة للمحتاج».من جانبه، أكد رئيس الهيئة الشرعية لبيت الزكاة الدكتور خالد العتيبي أن «هذه الندوة امتداد لندوات سابقة بدأت منذ ما يقارب ثلاثين عاماً على توصية من المؤتمر العالمي للزكاة الذي عقد في الكويت عام 1984 وقد فعل بيت الزكاة هذه التوصية فبدأ عام 1988 في جمهورية مصر العربية بعقد الندوة الأولى لقضايا الزكاة المعاصرة، توالت بعدها تلك الندوات المباركة عاما بعد عام».ومن جهته، قال الدكتور نورالدين الخادمي في كلمة الضيوف ان «هذه الندوة هي احدى ثمار الأعمال الجليلة للأمانة لعامة لندوات الزكاة التي جمعت بين الشرع ومدركاته والواقع ومستجداته في معالجة مفردة الزكاة بوصفها شعيرة محكمة وتعد ثابتا ومصلحة معتبرة وباعتبارها أداء مؤسسيا وماليا وإداريا وبصفتها وعاء للتنمية والاستثمار ورافداً لتنمية الإنسان وخدمة المجتمع وتعمير الأرض»، مؤكدا ان «جهود الامانة العامة مثلت تطورا نوعياً وإضافة متميزة في عامل التجديد الشرعي والتحقيق العلمي والتطوير المؤسسي والتنمية الإنسانية بمنهجية تقررت فيها الموازنات والمقاربات والأنظار والتحقيقات بين مدركات الشرع ومستجدات العصر ومصالح الخلق».الجلسة الأولى وعقدت الندوة في اليوم الأول لفعالياتها جلستين: الأولى لمناقشة إشكاليات الأصول الثابتة وكيفية معالجتها، والثانية لمناقشة أثر الكساد في العروض التجارية من خلال عدة بحوث قدمها كل من الدكتور عبدالفتاح إدريس والدكتور محمد عمر والدكتور أحمد الحداد والدكتور نورالدين الخادمي والدكتور محمد منصور.وتحدث إدريس عن اختلاف عروض القنية عن الأصول الانتاجية موضحا أن الأصول الانتاجية هي الأصول الثابتة العقارية أو المنقولة التي تستعمل في الانتاج ولا يدخل فيها ما يؤجر للغير أو يستعمل للحصول على أجرة حيث لا يصدق عليها أنها أصول إنتاجية بالمعنى الدقيق للفظ.من جهته، تطرق عمر في بحثه إلى الفرق بين عروض القنية والأصول الثابتة بأنواعها (الأصول الإنتاجية والأصول الإدارية والأصول الاستثمارية)، وأوضح أن هناك خصائص لعروض القنية مثل أنها لا تقتنى من أجل التجارة في أعيانها بالبيع، وأنها أيضا ليست بنامية، وكذلك أنها تستخدم في النشاط لإنتاج السلع والخدمات أو لبيع المنتجات، وهي أيضا لا تستهلك في الانتفاع بها، وأيضا أنها ليست أساسية في النشاط بل العمل ولذا لا يحسب لها قيمة في ما يحصل عليه الصانع مقابل السلعة.ومن جهته، تطرق الحداد في بحثه إلى شروط وجوب الزكاة فأشار إلى عدم وجوب الزكاة في الأصول الثابتة مستدلا بقول الشيرازي رحمه الله في تعليقه على حديث للرسول بقوله «لأن هذه تقتني للزينة والاستعمال لا للنماء فلم تحتمل الزكاة كالعقار والأثاث». وأضاف أن تغير وضع النقود إلى أصول ثابتة يتغير معه الحكم الشرعي فلم تجب الزكاة في عينها بل في دخلها إن درت دخلاً زكوياً.الجلسة الثانيةوفي الجلسة الثانية التي خصصت لمناقشة البحوث المقدمة في أثر الكساد في زكاة عروض التجارة اشار الخادمي إلى أقوال جمهور فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة في وجوب الزكاة في السلع الكاسدة ومفاده أن الكساد لا يعتبر مسقطاً لوجوب الزكاة في السلع التجارية وعروض التجارة بوجه عام.وتطرق منصور في بحثه إلى معنى زكاة عروض التجارة وحقيقة الكساد لغة وفقها وعند الاقتصاديين والمحاسبين والفروقات بينها موضحا أن مصطلح عروض التجارة مركب من «عرض» و»تجارة» والتجارة هي تقليب المال بالبيع والشراء لغرض تحصيل الربح. وعروض التجارة عند الفقهاء هي «كل ما أعد للتجارة كائنة ما كانت سواء من جنس تجب فيه زكاة العين كالأنعام أو الثياب وسائر أنواع البضائع» وحكم زكاة عروض التجارة عند جمهور العلماء الوجوب.وأشار الدكتور منصور الى أن الكساد العام الذي تتوقف فيه التجارات فحكمه حكم المال الضمار يزكى إذا عادت الحركة التجارية إلى مجراها الطبيعي بعد زوال السبب الخارج عن إرادة التاجر والدولة. أما الكساد الذي هو محل بحث وخلاف عند الفقهاء فهو الكساد الذي ينبغي أن تكون له ضوابط حتى يتحقق البحث فيه، فهو عدة أنواع مثل أن يكون الكساد أغلبياً، فإن كان الكساد قليلاً ومتوسطاً فلا يؤثر على الزكاة إذا كان على رأي المالكية التاجر المتربص. أو أن يكون العرض كثيراً والطلب قليلاً بمعنى اختلاف قانون العرض والطلب بالنسبة لعروض التجارة مما يسبب انخفاضا في الأرباح أو البيع برأس المال أو حصول الخسارة، وأن يكون العرض والطلب مؤشرين حقيقيين الى وجود الكساد مع حصول النماء.