حاولت السلطات الإيرانية احتواء الانتفاضة الكردية في مدينة مهاباد التي شهدت تظاهرات إثر انتحار شابة كردية هرباً من اعتداء أحد الموظفين الحكوميين عليها. وبينما أفادت التقارير عن توسع التظاهرات إلى مدينة أخرى على الأقل، رهن الخبراء توسع الانتفاضة بموقف حزب العمال الكردستاني.

Ad

حاولت السلطات الإيرانية احتواء الانتفاضة الكردية التي شهدتها مدينة مهاباد في ولاية أذربيجان شمال غربي إيران، بعد انتحار الشابة الكردية فريناز خسرواني (26 عاماً) بإلقاء نفسها من نافذة «فندق تارا» حيث تعمل، بسبب محاولة موظف حكومي إيراني اغتصابها في 4 الجاري.

وأفاد المتحدث باسم القضاء الإيراني غلام حسين محسن أجائي أمس بأن المتهم في قضية خسرواني قيد التوقيف، وأن «جريمته واضحة»، لكنه أضاف أن «درجة الجريمة ستتضح عقب استكمال التحقيق».

وانتقد المتحدث، في الوقت نفسه، طريقة تناول بعض وسائل الإعلام المحلية والدولية للقضية، متهما إياها بنشر الادعاءات المضللة للرأي العام.

في المقابل، نفى قائد شرطة مدينة مهاباد سعيد منتظر المهدي أن يكون الشخص المتهم في قضية الفتاة الكردية يعمل في وزارة السياحة، أو أن يكون أحد رجال الأمن أو المخابرات، كما ذكرت التقارير، وشدد على أنه «من أبناء مدينة مهاباد وليس مقيماً من محافظة أخرى»، في محاولة للقول إن القضية هي بين الأكراد.

وأفادت التقارير المحلية في المواقع الكردية بأن الاضراب عم مدينة مهاباد أمس الأول، وقالت شبكة «رووداو» الإعلامية الكردية، ان المئات من الكرد خرجوا أمس الأول «في مدينة سردشت شرقي كوردستان (ايران) في تظاهرة مساندة لمدينة مهاباد»، مضيفة أن «قوات الشرطة الإيرانية قمعت التظاهرة باستخدام العنف».

ولفتت «رووداو» إلى أن «التظاهرة بدأت من ميدان سرجاوة وتوجهت إلى ميدان صلاح الدين الأيوبي»، مشيرة الى أن «قوات الأمن اعترضت المتظاهرين، وحاولت تفريقهم، الأمر الذي أدى إلى اندلاع أعمال العنف بين الجانبين، في حين أطلقت قوات الشرطة الرصاص الحي على المتظاهرين، واعتقلت عددا منهم».

وكان آلاف المتظاهرين خرجوا الخميس الماضي الى الشوارع في مهاباد وقاموا بإحراق جزء من «فندق تارا»، كما أضرموا النيران بسيارات ودراجات نارية تابعة لعناصر الأمن، الذين استخدموا في البداية الغاز المسيل للدموع، ومن ثم أطلقوا الرصاص الحي في الهواء. وأسفرت التظاهرات عن إصابة 50 شخصاً.

وتضامن الأكراد حول العالم مع الاحتجاجات في مهاباد. وأمس تظاهر العشرات أمام القنصلية الإيرانية في اسطنبول. وخرجت تظاهرات يوم الجمعة الماضي في مدن ومناطق كردية في سورية، خصوصا في عامودا وقامشلو. وفي أربيل تظاهر العشرات متضامنين مع أكراد مهاباد. وشهدت مدينة استوكهولم تظاهرة كردية منددة بالنظام الإيراني.

وأعلنت أحزاب إيرانية وسورية وعراقية كردية دعمها لـ»انتفاضة مهاباد»، إلا أن حزب العمال الكردستاني وهو الحزب الأكثر حضورا في هذه المدينة لم يعلن موقفا واضحا بعد. وفي حال دعم الكردستاني الانتفاضة فإن الملف الكردي في إيران سيسبب قلقا كبيرا للنظام.

ويعمل الكردستاني في إيران تحت اسماء اخرى منها حزب «بيجاك» (الحياة الحرة) و»حزب كودار» و»قوات حماية شرق كردستان». وكان حزب العمال الكردستاني حيد الأكراد عن «الثورة الخضراء» في عام 2009 بعد انتخاب محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية بالتزوير. ويعتقد مراقبون أن حزب العمال لديه تفاهمات مع طهران.

في المقابل، دعا حزب «كومله» الكردستاني الإيراني الى توسيع التظاهرات التي جرت في مهاباد إلى جميع المدن ذات الأغلبية الكردية، وطالب الحكومة الايرانية بـ»إيقاف التمييز القومي والطائفي ضدهم».

وزير الثقافة الإيراني: لم يعد بإمكاننا فرض الرقابة

أقر وزير الثقافة الإيراني، علي جنتي، بأن التكنولوجيات الحديثة في مجال الإنترنت والأقمار الاصطناعية جعلت مراقبة الإعلام مهمة مستحيلة، داعيا الى تغيير في المقاربة، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الطلابية أمس.

وقال جنتي إن «مراقبة الإعلام من الناحية التقنية او الجغرافية أصبحت مستحيلة. لا يمكننا منع دخول الأخبار الى البلاد».

ووتابع: «اليوم مع تطور شبكات التواصل الاجتماعي يحصل تبادل بعض المعلومات بالاتجاهين وفي مجموعة (ضمن هذه الشبكات)، ولا يمكننا منع ذلك بأي حال من الأحوال».

وأضاف «إذا كنا في الماضي استطعنا فرض رقابة من خلال الضغط على وسائل الإعلام، فاليوم لم يعد هذا الأمر ممكنا».

ويعتبر امتلاك معدات لاستقبال القنوات التي تبث عبر الاقمار الاصطناعية غير قانوني في إيران، لكن العديد من الإيرانيين يملكون الأطباق اللاقطة لمشاهدة برامج الشبكات الأجنبية. وتقوم الشرطة من حين الى آخر بعمليات تفتيش لضبط هذه المعدات.

وقال الوزير إن التكنولوجيات التي طورتها الدول الغربية ستسمح خلال عامين او ثلاثة باستقبال «ألفي قناة تلفزيونية تبث عبر الأقمار على الهواتف النقالة».

وأضاف: «مع هذه التكنولوجيات الجديدة لن يحتاج الأفراد الى الأطباق اللاقطة التي يمكننا مصادرتها».

وأوضح جنتي أن الحكومة تقوم بعملية «مراقبة ذكية» لشبكات التواصل الاجتماعي، ولا تفرض حظرا بكل بساطة، كما كانت الحال في الماضي. وأشار الى أنه «تتم مراقبة المضمون غير الأخلاقي والمعارض للدين (...)، وهذه العملية حققت نجاحا بنسبة 90 في المئة على تطبيق «أنستغرام لتقاسم الصور»، مشيرا الى أن ملايين الإيرانيين يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي في إيران.

وتبقى بعض شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر او فيسبوك محظورة، كما العديد من المواقع ذات المضمون السياسي او الإباحي. لكن الإيرانيين يستخدمون أجهزة للالتفاف على هذا الحظر.

(طهران ــ أ ف ب)

مهاباد والجمهورية الكردية

تحظى مدينة مهاباد بمكانة رمزية بالنسبة للأكراد، لكونها كانت مركز جمهورية مهاباد الكردية التي تأسست في أقصى شمال غرب إيران بدعم من الاتحاد السوفياتي عام 1946، ولم تدم أكثر من 11 شهراً.

وأعلنت الجمهورية في 22 يناير 1946 على يد كل من قاضي محمد ومصطفى البرزاني والد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني.

وكان الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين توغل داخل إيران بحجة أن شاه إيران رضا بهلوي كان متعاطفاً مع أدولف هتلر. إلا أنه بعد انسحاب القوات السوفياتية من إيران، بضغط من الولايات المتحدة، شنت السلطات هجوماً على مهاباد، وتم إعدام قاضي محمد في 31 مارس 1947 في ساحة عامة، بينما انسحب مصطفى البارزاني مع مجموعة من مقاتليه من المنطقة.