2014 كان عام خير على المكسيك حتى اختفاء الـ 43 طالباً
في النصف الأول من العام 2014 حققت المكسيك على ما يبدو انتصاراً في حربها على مهربي المخدرات، حتى اختفاء وعلى الأرجح مقتل 43 طالباً في قضية هزت البلاد وأثارت أزمة وطنية خطيرة.
وقال لورنزو ماير أحد أشهر المؤرخين المكسيكيين لوكالة فرانس برس أن "كل شيء كان منظماً كالساعة، كل شيء كان في مكانه، لكن ذلك لن يكون أبداً على هذا المنوال بعد الآن".فقد أظهرت الأشهر الستة الأولى من العام برأيه "المكسيك الوهمية للنخبة السياسية والاقتصادية" قبل أن "يظهر فجأة وجه المكسيك الذي كانت عليه على الدوم لكنه كان مغطى بصورة فنية من قبل الطبقة السياسية".وفي نظر الرئيس الشاب النشط انريكي بنيا نيتو "48 عاماً" كانت سنة 2014 بالأحرى عاماً جيداً حتى تلك الليلة المشؤومة في 26 سبتمبر عندما هاجمت الشرطة المحلية 43 طالباً ومدرساً في ولاية غيهيرو الفقيرة "جنوب" وسلمتهم إلى مهربي مخدرات عمدوا كما يُعتقد إلى قتلهم.وتحت شعار "إنقاذ مكسيكو" بدأ الرئيس كمنقذ للبلاد في فبراير على الصفحة الأولى لمجلة تايم التي أشادت بقدرته على خفض عدد عمليات القتل بنسبة 29% منذ وصوله إلى الحكم في العام 2012.وبعد بضعة أسابيع من ذلك وتحديداً في 22 فبراير، علّق وسام آخر على صدره مع توقيف جواكيم "آل شابو" غوزمان زعيم كارتل سينالوا الذي يعتبر في رأس قائمة المطلوبين في العالم.وفي التاسع من مارس قتلت قوات الأمن زعيماً آخر لعصابات المخدرات يدعى نزاريو مورينو الملقب "آل شايو" مؤسس كارتلي "فاميليا" و"فرسان الهيكل".وأخيراً في أكتوبر بفارق أسبوع ألقي القبض على هكتور بلتران ليفا زعيم الكارتل الذي يحمل اسم عائلته واحد أكثر المطلوبين في المكسيك والولايات المتحدة، ثم فيسنتي كاريلو فونتس زعيم كارتل "خواريز".وعلى صعيد آخر حقق الرئيس نجاحاً في أغسطس مع تصويت البرلمان على إصلاحه الهام برمزيته الذي ينهي 76 عاماً من احتكار الشركة الوطنية بيميك قطاع التنقيب عن النفط ليفتح بذلك الطريق أمام المستثمرين الأجانب. لكن أشباح ماضي البلاد عادت تلاحقه أواخر سبتمبر مع بدء عملية البحث اليائسة لأهالي الطلاب الـ 43 الذين فقدوا في ايغوالا.وفي مطلع ديسمبر تم التعرف إلى هوية أحدهم بين البقايا البشرية المتفحمة التي عثرت عليها الشرطة في مكب ونهر استناداً على معلومات أدلى بها مهربو مخدرات اعترفوا بقتلهم.وبذلك اضمحلت الآمال بالنسبة للطلاب الـ 42 الآخرين، حتى وإن واصلت عائلاتهم المطالبة باستمرار عمليات البحث، لكن أيضاً باستقالة انريكي بنيا نييتو المتهم بأنه تأخر في ادراك حجم المأساة.وكشف التحقيق حالة العنف الشديد السائدة في ولاية غيريرو حيث كشفت مقابر جماعية سرية مع العثور على 38 جثة.وقد نزل الآف المكسيكيين الذين ضاقوا ذرعاً بالحرب على كارتلات المخدرات التي خلفت مئة ألف قتيل أو مفقود منذ 2006، إلى الشوارع للتظاهر فيما تدهورت شعبية الرئيس إلى نحو 40%، وهو أدنى مستوى لرئيس مكسيكي منذ عشرين سنة.ولفت خافيير أوليفا الخبير في شؤون الأمن في الجامعة الوطنية المستقلة في مكسيكو إلى "أن مستوى الغضب مرتفع إلى درجة لم يعد معها سوى قلة من الناس تتذكر الإصلاحات بشأن الطاقة والاتصالات" التي أجراها بنيا نييتو، وقال أن الأزمة قد "تتفاقم" إن واصلت الحكومة "الارتجال".واضطر الرئيس الذي طالما آثر التركيز على القوة الاقتصادية للمكسيك، لمواجهة المشكلة معلناً عن مشروع اصلاح دستوري ينص على حل أجهزة الشرطة البلدية التي تسللت إليها العصابات الإجرامية بشكل واسع.لكن عدداً من المحللين ومنظمات حقوق الإنسان أبدوا تشكيكاً في فعالية ذلك مشيرين إلى أن الجريمة المنظمة والفساد ينخران كل مستويات السلطة.واعتبر آدم ايساكسون الخبير في الشؤون الأمنية في مركز أبحاث عن أميركا اللاتينية في واشنطن "أن ذلك يمكن أن يساعد في بعض الولايات، لكن هذا الاقتراح يستند إلى فرضية غريبة بعض الشيء مفادها أن أجهزة الشرطة التابعة للدولة والفدرالية في حالة أفضل".