لا أدب في المهجر الجديد

نشر في 02-11-2014
آخر تحديث 02-11-2014 | 00:01
 ناصر الظفيري من هو ابراهيم نصرالله؟

فرحت جدا لاستضافة الجالية الفلسطينية والسورية للشاعر والروائي ابراهيم نصرالله في أوتاوا خلال هذا الشهر، ورحت أدعو الزملاء الذين أعرفهم وأتوقع اهتمامهم بالأدب والثقافة بشكل عام لحضور الأمسية فيأتي الرد مخيبا لأملي "من هو ابراهيم نصرالله؟". هذا السؤال ليس من عامة المهاجرين والمقيمين هنا لكنه من أساتذة جامعيين وخريجين في تخصصات مختلفة مازالوا متعلقين بالهم الشرقي والوعي بثقافتهم.

في أتاوا عدد كبير من دور العبادة للمسلمين، مساجد ومصليات يقوم عليها الأخوة بجهدهم الذاتي وتدعمهم جهات كثيرة ولم تفكر احدى الجاليات العربية بإنشاء مركز ثقافي أو اجتماعي، طبعا أن تتفق الجاليات لإنشاء مركز فهذا أمر صعب لا يتقبله الذهن العربي ولم يعتد الايمان به، ولهذا ستقام الأمسية في كنيسة للجالية اللبنانية.

وتعتبر اللغة العربية اللغة الأكثر انتشارا في أوتاوا العاصمة بعد الانكليزية بالرغم من أن الفرنسية هي اللغة الرسمية الثانية للبلد. ولكن الجالية العربية هي الأقل اهتماما بثقافتها والأقل تواصلا مع مثقفيها. لا توجد مكتبة لبيع الكتب العربية في المدينة ولا يجمع الكتّاب، ان وجدوا، مكان أو مقهى يتبادلون فيه كتاباتهم وهمومهم ولا يلتقي المهاجرون بشعرائهم وأدبائهم ومثقفيهم الزائرين للمدينة كما يلتقون بمطربيهم ومطرباتهم الذي يتجولون من مدينة الى أخرى وسط حضور جماهيري كبير. حتى أن بعض الهيئات الاسلامية أصبحت تستقطب بعض المطربين والعازفين في محاولة لجمع التبرعات لأنشطتها المختلفة.

حين تدعو جهة غير عربية كاتبا أو مثقفا أو مهتما بشأن سياسي كزيارة نعوم تشومسكي لجامعة كارلتون أو ديفيد زوزكي رجل البيئة فإنها تفرض رسوما لدخول المحاضرة تماما كما يفرض المسرح رسوما لرواده وتباع التذاكر قبل موعد الزيارة بأشهر أحيانا. هذه الثقافة غير موجودة لدينا فالمحاضر يأتي بالمجان وتتحمل الجهة الداعية تذكرته واقامته ليوم أو أكثر ويدعى الحضور بالمجان ولا يحضر أحد.

لا يحضر أحد لأن تلك أصبحت ثقافة خاصة لدينا في المهجر، وظاهرة تحتاج الى دراسة فالجيل الثاني من المهاجرين لن يكترث كثيرا بثقافتنا العربية رغم حرص الجيل الأول على أن يتمسك الأبناء بدينهم وعاداتهم وتقاليدهم. وهو يرتكب الخطأ الأكبر حين يفصل ثقافة هذا الجيل الجديد عن دينه. فيخرج مثقفا ثقافة غربية يصارع دينا مختلفا عن هذه الثقافة.

تغيرت ثقافة المهجر وطبيعته اليوم عن تاريخ أدب المهجر وثقافته التي نشأنا عليها. كنا شبابا في سنوات التعليم الجامعي الأولى نتداول كتب جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ونقرأ أشعار ايليا ابي ماضي ونتابع الروابط الأدبية التى أنشئت في أميركا الشمالية والجنوبية ونراها تقدم لنا ثقافة مختلفة عن السائد في الشرق. وأكثر من ذلك دخلت في صراع ونزاعات في جرأة نقدها للواقع الأدبي في الشرق، وكان الغربال والغربال الجديد لميخائيل نعيمة من الكتب النقدية المهمة التى اتسمت بجرأتها في الطرح ومهاجمة رموز شعرية دون الاكتراث لأسمائها الكبيرة، كما حدث مع أحمد شوقي في القصة الشهيرة بينهما. اختفت كل مظاهر هذه الثقافة التى تتواصل مع الغرب وتستوعبه وتلتفت الى الشرق لترفد تجاربه. ما يطمح اليه المهاجر اليوم هو محل يستريح فيه من عناء بلده وعمله، أي عمل، يسد حاجته وحاجة أطفاله.

سأنتظر أمسية ابراهيم نصرالله في الأسبوع القادم ولنا عودة.

back to top