فجر يوم جديد: {خالد ... وصالح}

نشر في 29-09-2014
آخر تحديث 29-09-2014 | 00:01
 مجدي الطيب وكأنه يعلم أنه على موعد مع الموت، فمن يرصد حجم نشاطه في الآونة الأخيرة يُدرك، من دون عناء، أن خالد صالح كان يُسابق الزمن لتقديم كل ما في جعبته من موهبة فطرية ظهرت في مرحلة عمرية متأخرة، بعض الشيء، لكنها كانت سبباً في أن يدخل قلوب الناس بسرعة غير متوقعة.

رغم مشاركته في فيلم {جمال عبد الناصر} (1999) إخراج السوري أنور قوادري، الذي اختاره لتجسيد شخصية رجل المخابرات صلاح نصر، ومشاركته في أفلام مثل: {جنة الشياطين}، {أم كلثوم}، {كرسي في الكلوب}، إلا أن أحداً لم يشعر به حتى جاء دوره في فيلم {خلي الدماغ صاحي} (2001) ليلفت إليه الأنظار لكنه عاد، لأسباب تتعلق بالمناخ الإنتاجي الفاسد، إلى القبول بأدوار باهتة في {شرم برم}، {النعامة والطاووس} و{محامي خلع}.

 ومع مجيء 2004 ابتسمت الأقدار للممثل المغمور، ومن مشهد بسيط في فيلم {تيتو} انفعل فيه على أحمد السقا، الذي كان يتحدث معه على الجانب الآخر من الهاتف، ما أدى إلى قيامه بتحطيم الهاتف، أصبح اسم خالد صالح يتردد على كل لسان!

  يمكن القول إن 2004 كان {وش السعد} على خالد صالح؛ ففيه قدم شخصية الزوج الذي يبدو متسلطاً لكنه يحمل في داخله قلباً محباً لزوجته في فيلم {أحلى الأوقات}، وبعد تألقه اللافت اختير، في العام التالي مباشرة، للمشاركة في أربعة أفلام هي: {خالي من الكوليسترول}، {فتح عينيك}، {ملاكي إسكندرية} و{حرب أطاليا}. غير أن 2006 شهد تراجعاً ملحوظاً في أدائه عبر أفلام: {عن العشق والهوى}، {ثمن دستة أشرار} و{أحلام حقيقية}، قبل أن ينتفض ويستعيد ذاته من خلال شخصية {كمال الفولي}، رجل الدولة الذي بيده مقاليد الأمور في فيلم {عمارة يعقوبيان}.

تستمر الانتفاضة في 2007، الذي شهد أول وآخر تعاون بينه والمخرج الكبير يوسف شاهين في فيلم {هي فوضى}؛ حيث يجسد شخصية {حاتم}، أمين الشرطة الطاغية، السادي والفاسد، ويحلّق بالشخصية الدرامية في آفاق خيالية من الإبداع، والإقناع، على صعيدي الشكل والمضمون.  أيضاً شهد العام نفسه مشاركته، كضيف شرف في فيلم {حين ميسرة}، ربما على سبيل المجاملة للمخرج خالد يوسف، الذي رد له الجميل في العام التالي؛ إذ أسند إليه دور البطولة في فيلم {الريس عمر حرب}، وكعادته يصول ويجول، ويقدم دور عمره .

  لأسباب لا يعلمها أحد انشغل {غول التقمص}، الذي لم يقع يوماً في فخ التصنع، بالدراما التلفزيونية، عامي 2009 و2010، باستثناء مشاركته في فيلم {ابن القنصل} (2010). في 2011 عاد إلى التعاون مع مخرجه الأثير خالد يوسف في فيلم {كف القمر} لكن التجربة لم يُكتب لها النجاح، وبأخلاق الفرسان جامل المخرجة ساندرا نشأت، عندما وافق على الظهور في مشهد واحد في فيلم {المصلحة} (2012).

 مع إطلالة 2013 كانت سعادته كبيرة ببطولة فيلم {فبراير الأسود} ومشاركة رفيق عمره خالد الصاوي بطولة فيلم {الحرامي والعبيط}، وكان يحلم بالتعرف إلى نتيجة تجربته السينمائية في فيلم {الجزيرة 2}، لكن الموت غيبه، بعدما أصرّ على إجراء {جراحة معقدة بالقلب}، حسب تقرير الجراح العالمي مجدي يعقوب، ليتخلص من الآلام التي داهمته أثناء تصوير مسلسل {حلاوة الروح} في شهر رمضان الماضي، وهو يعلم أنه خضع لعملية قلب مفتوح عام 2004. ومن سخرية الأقدار أن متاعبه مع القلب بدأت تتفاقم عندما طرقت الشهرة بابه، بعد نجاحه المُذهل في فيلم {تيتو} الذي نال عن دوره فيه جائزة أفضل دور ثانٍ في {المهرجان القومي الحادي عشر للسينما المصرية} (2005 )!

  وصل خالد صالح إلى محطة النجاح والشهرة بعد رحلة كفاح مريرة، وكان طبيعياً أن يُعلن أن بينه وبين الغرور قطيعة دائمة، مثلما ظل على تواضعه، وتعامله الإنساني الراقي والمتحضر مع الجميع، فضلاً عن كرمه الحاتمي غير المسبوق؛ فهو الفنان الوحيد الذي تبرّع بمبلغ مائة ألف جنيه لـ{مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية} في دورته الثانية، ثم عاد للتبرع بخمسين ألف جنيه لدعم الدورة الرابعة من المهرجان، كذلك تبرع لـ {المهرجان القومي للمسرح} بمبلغ خمسة وستين ألف جنيه تضاف إلى جوائزه التي يمنحها للعروض الفائزة في التمثيل والإخراج والسينوغرافيا والتأليف.

أيضاً يشهد له الفنانون الناشؤون في الحقل الفني بأياديه البيضاء، وإسهامه، من دون تردد، في تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، بدليل نقله أحد الممثلين المغمورين من مستشفى حكومي إلى مستشفى استثماري ليعالج من مرض في القلب، وتكفّل بنفقات العلاج بالكامل، فمن يردّ له صنيعه؟ وكيف؟

back to top