بدأ الناخبون اليونانيون التصويت اليوم الأحد في الانتخابات التشريعية التي يُرجح أن تحمل إلى الحكم حزب سيريزا الرافض لسياسة التقشف، مدفوعين بأمل في استعادة بعض السيادة إزاء دائني البلاد والشعور بأنه لم يعد لديهم الكثير ليخسروه.

Ad

وتُرجح آخر استطلاعات الرأي فوز سيريزا بتقدمه ما بين 2,9 و6,7 نقاط على حزب الديموقراطية الجديدة الذي يتزعمه رئيس الوزراء المحافظ انتونيس ساماراس.

وقد وافقت حكومة ساماراس الائتلافية "مع الاشتراكيين في حزب باسوك" منذ 2012 على كافة الإصلاحات تقريباً التي طلبتها ترويكا الدائنين الممثلة بالاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، مقابل منح اليونان قرضا بقيمة 240 مليار يورو منذ 2010 لتأمين بقائها.

وبدأت بعض الإصلاحات تعطي ثمارها لكن اليونانيين في حياتهم اليومية لا يهتمون بالدخول الناجح إلى أسواق سندات الديون في أبريل الماضي مثل اهتمامهم بالبطالة التي ما زال معدلها يتجاوز 25% أو برواتبهم التي خفضت بمقدار النصف منذ اندلاع الأزمة.

ويدعو ساماراس اليونانيين إلى عدم الاستسلام قبل بضعة أسابيع من نهاية برامج المساعدة.

لكن يبدو أنهم يفضلون أكثر الاستماع إلى الكسيس تسيبراس وهو يقول أنه في حال حصول حزبه سيريزا على الأغلبية المطلقة اليوم الأحد "لن يكون هناك ترويكا" الأثنين.

ويترجم الناخبون في مركز التصويت في نيا سيرني بجنوب أثينا الذين توافدوا منذ فتح الصناديق عند الساعة السابعة صباحاً صعوبة الخيار.

وقالت آنا وهي أستاذة متقاعدة في الخامسة والستين من العمر أنها تشعر "بعدم أمان كبير" و"تتوجس من سيريزا" وتستعد للتصويت للديمقراطية الجديدة لكن "بدون أن تعرف كثيراً ما هو الأفضل".

وعبرت ايللي الطالبة في العشرين من العمر عن الشعور نفسه لكنها صوتت من جهتها لسيريزا آملة في "وضع أفضل لأوروبا"، إلا أنها بقيت مترددة حتى اللحظة الأخيرة لأنها "تخشى من أن يؤدي فوز سيريزا إلى وضع البلاد في حالة عجز عن السداد".

إلا أن الانتخابات اليونانية تثير الأمل لدى الأحزاب الاأخرى في اليسار الراديكالي الأوروبي مثل بوديموس في أسبانيا أو حزب اليسار بزعامة جان لوك ميلينشون في فرنسا.

أما شركاء اليونان في الاتحاد الأوروبي فارتأوا من جهتهم بعد أن أبدوا قلقهم، التزام الهدوء والتريث حتى صدور النتيجة.

وستقفل صناديق الاقتراع أبوابها عند الساعة 17,00 بتوقيت غرينتش فيما ينتظر بدء صدور أولى التقديرات في الساعة نفسها.

وكانت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل التي ضاق اليونانيون ذرعاً بالتوجيهات التي تصدرها بلادها بانتظام، صرحت الجمعة "أن الشعب اليوناني سيختار بشكل حر ومستقل الطريق التي سيسلكها وأنني على ثقة بأننا سنجد حلولاً بهدوء".

ويأمل سيريزا بالحصول على الغالبية المطلقة بفضل منح الفائز حكماً 50 مقعداً "من أصل 300"، لكن ذلك يتطلب حصوله على 36% من الأصوات وتصويت 12% من الناخبين لأحزاب لن تدخل إلى البرلمان لعدم تجاوزها عتبة الـ 3%  المطلوبة من الأصوات.

وتبدو المهمة صعبة، فالأكثر ترجيحاً أن يتحالف سيريزا مع أحزاب مثل حزب "النهر" الجديد المنبثق من اليسار الوسط الذي تعطيه استطلاعات الرأي بين 5 و6% من الأصوات والذي تمكن من ادخال نائبين "من أصل 21 نائباً يونانياً" إلى البرلمان الأوروبي في مايو الماضي في أول ظهور له.

وهناك شريك آخر محتمل أن بلغ نسبة الـ 3% وهو الحركة السيادية لليونانيين المستقلين.

إلى ذلك فإن نتيجة حزب الفجر الذهبي الذي يستوحي أفكاره من النازيين الجدد تشكل أيضاً رهاناً في الاقتراع، فبالرغم من المحاكمة التي تنتظر عشرات من أعضائه بتهمة "الانتماء إلى منظمة إجرامية" وسجن سبعة من نوابه الـ 16 بينهم قادة الحزب، من المحتمل أن يبقى الفجر الذهبي الأحد الحزب السياسي الثالث في البلاد.

وفي هذه الحالة سيتوجب بحسب الدستور استشارته إن لم يتوصل أي من الحزبين اللذين سيحتلان الطليعة إلى تشكيل حكومة.

وهو وضع قد يكون مربكاً بقدر ما هو غير مجد لأنه لا فرصة أمام الفجر الذهبي في ايجاد شركاء ليحكم.

وفي حال فشل الأحزاب الثلاثة التي ستأتي في الطليعة في تشكيل حكومة سيتعين على اليونانيين العودة إلى صناديق الاقتراع في مارس المقبل.