في وقت يواجه الجيش المصري هجمات إرهابية متوالية في محافظة شمال سيناء، برز عدد محدود وإن كان في غاية الخطورة من ضباط الجيش السابقين الذين انضموا إلى صفوف الجماعات الإسلامية المتشددة كتهديد حقيقي يضفي تعقيدات على جهود الرئيس عبدالفتاح السيسي في التصدي للتطرف الذي يرى فيه خطرا على وجود الدولة.

Ad

وتزايدت المخاطر بفعل انضمام هؤلاء الرجال إلى حركة التمرد التي سقط فيها مئات القتلى من رجال القوات المسلحة والشرطة منذ أطاح الجيش بمساندة قوى مدنية بالرئيس السابق محمد مرسي عام 2013.

ويتمثل خطر هؤلاء الضباط السابقين في معرفتهم بالجيش المصري، أكبر جيوش العالم العربي، وفي ما يقدمونه للمتشددين من تدريب وتوجيه استراتيجي، بل وتنفيذ عمليات انتحارية تستهدف مسؤولي الدولة.

وقال الأستاذ المشارك في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكينز خليل العناني إنه منذ عزل مرسي انضم بعض الضباط السابقين إلى جماعة "أنصار بيت المقدس"، وشاركوا في التخطيط والتنفيذ في هجمات على الجيش وعلى منشآت أخرى لاسيما في سيناء.

وأضاف العناني: "لا يمكن أن نتحدث عن هروب واسع النطاق أو اتجاه عام باتجاه التطرف. نحن نتحدث عن حالات فردية يمكن أن يهرب أصحابها ويجدون ملاذا آمنا في سيناء. ومع ذلك فالهجمات مميتة وباهظة".

والسيسي على علم تام بخطر الإسلاميين داخل المؤسسة العسكرية، إذ إنه كان قائدا عاما للقوات المسلحة ومديرا للمخابرات العسكرية.

رقابة لصيقة

وكانت خلية متطرفة من ضابطي الجيش عبود الزمر وخالد الإسلامبولي اغتالت الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1981. وبعد سنوات أصبح ضابط الجيش المصري السابق سيف العدل يشغل واحدا من أعلى المراكز القيادية في تنظيم "القاعدة".

وقال مسؤول رفيع بالجيش المصري لـ"رويترز" إن الهروب من الخدمة ليس ظاهرة، مضيفا: "من المنطقي والطبيعي أن نتابع كل فكر منحرف. فأي قوات مسلحة يجب أن تكون أفكارها سوية وعندها ولاء. ونحن نأخذ كل الإجراءات الضرورية، النسبة لا تذكر. يمكنك أن تعدهم على أصابع اليد الواحدة".

وذكر مصدر عسكري آخر ان "الجيش به وحدة تتابع أي فرد يشتبه في أن عنده ميلا للأفكار المتطرفة"، متابعا: "نعم هناك أفراد من أعضاء القوات المسلحة نكتشف أن لديهم أفكارا دينية متطرفة لكن أعدادهم قليلة جدا... ربما اثنان أو ثلاثة في دفعة من 2000 فرد".

ويحاكم أكثر من 200 شخص من بينهم عدد قليل من ضباط الجيش والشرطة السابقين بتهمة الانضمام إلى جماعة "بيت المقدس".

من الجيش إلى الجهاد

ومن الأمثلة البارزة على اعتناق أحد أفراد القوات المسلحة للفكر الجهادي هشام العشماوي، ضابط القوات الخاصة بالجيش، فهو لم يكن يتكلم في السياسة قط، بل نادرا ما كان يؤدي الصلاة جهرا.

وفي مقطع فيديو أعدته وزارة الداخلية، وناشدت فيه الناس تقديم أي معلومات تؤدي إلى القبض عليه، ظهر العشماوي حليق الذقن في منتصف الثلاثينيات من العمر، ولم تظهر عليه أي من المظاهر التي تبدو على المتشددين.

وقالت مصادر بجهاز الأمن الوطني، الذي يجمع تحريات عن أعضاء جماعة "بيت المقدس"، إن "العشماوي نقل في البداية إلى أعمال إدارية، ثم قدم لمحاكمة عسكرية بعد أن شوهد يجتمع بعدد من الضباط، ويحدثهم في الدين، ويحرضهم على عدم الانصياع لأوامر قيادات الجيش".

النار بالنار

ويدرك تنظيم "بيت المقدس" قيمة ما يحققه انضمام ضباط سابقين بالجيش إلى صفوفه من دعاية.

وفي مقطع فيديو سجل قبل هجوم انتحاري حاول فيه الضابط وليد بدر اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، ظهر بزيه العسكري وراح يفند أسباب مقاتلة الجيش. ويصور هذا المقطع الجيش على أنه قوة تقهر الشعب والسيسي عدوا.

وقال وليد في هذا التسجيل: "لقد أعلن الجيش المصري الحرب على ديننا، فقتل الكثير من المسلمين، وأسر الكثير، واعتدى على بيوت الله... لماذا تستحون من المواجهة المسلحة. فمن الناحية العقلية لابد من مواجهة الحديد بالحديد والنار بالنار".

(القاهرة - رويترز)