اخلع نظارتك الطبية، وارتدِ الشمسية، واحجب النور، تعال تخيّل معي: ماذا لو كانت الحياة بلا حروب؟! بلا موت؟! بلا دماء؟! بلا شهداء؟! بلا أسرى؟! تخيل لو أن هذا العالم بسيط كحديقة مليئة بالفراشات، ولا نسمع فيه سوى صوت العصافير وأشعار قباني ودرويش والسمّان وجميع من نحب.
تخيل أن تتبدل أصوات المدافع بموسيقى ترقص عليها أرواحنا، تخيل أن تبدأ يومك بابتسامة، وتنير شرفتك أشعة شمس نقية لا تحمل تلوث البشر، تخيل لو أن الحروب لم توجد فكيف ستكون حياتنا؟ ستتلون سماؤنا بألوان قوس قزح، وتتعطر بعطر اللافندر،لا جوع ولا جشع ولا قصص حزينة، لا احتلال ولا حروب أهلية، لا طائفية ولا عنصرية، الأسود يزين الأبيض، تمازج الألوان سيجعل من لوحة الحياة جميلة لحد الإعجاب. تخيل لو أن النفس البشرية تتخلص من جشعها وأنانيتها وعشقها للسلطة والاستمتاع بذل الناس، تخيل لو أن الظلم يختفي، والعدالة تصبح أسلوب حياتنا.نرقص على ألحان موسيقى لاتينية، دون أن نلتفت إلى لون وشكل من يشاركنا الرقص، نتعبد في بيوت الله دون خوف من كراهية وعنصرية، نعطف على بعضنا بروح الإنسان الطاهر الذي لم تلوثه الحياة بعد.ماذا لو كنا أنقياء كما خلقنا الله في البدء؟ ماذا لو عشنا في المدينة الفاضلة، وأصبحت ممكنة وليست مجرد مثل بيزنطي تضرب به أمثال الخيبة؟ ماذا لو عشنا بدون خوف، لأننا نعرف بأن حقنا لن يضيع، وسنرى أن لكل مجتهد نصيبا، ومن زرع حصد؟ ماذا لو كانت كل الدروس المثالية التي تعلمناها في المدرسة واقعية لا مفاهيم ساذجة في هذا العالم القاسي؟تخيل كيف هي الحياة بدون حرب، كيف ستكون جميلة؟ يلعب الأطفال، ويسعد الكبار، وتصبح الأحلام ممكنة لا مستحيلة، تخيل لو أننا نحب بعضنا دون سبب فقط من أجل الخير، ونعطي دون أن ننتظر مقابلاً، ونسامح ونغفر وتستمر الحياة الوردية كما تمنيناها دوما.رقصت هذه الفكرة في مخيلتي صباح اليوم، فارتسمت بوجنتي ابتسامة أشرقت لها روحي المتعطشة للسلام، ولونت سمائي بألوان الطيف، وإن كنت حالمة فما زال الحلم ممكناً، لم تمنعه القوانين والقيود بعد، وما زال الحلم ممكناً رغم كل شيء، وما زال الحلم هو الباقي لنا وسط عالم مجنون بالحروب وتوابعها، سأظل أحلم بأن يوما ما سينعم العالم بالسلام، يوما ما ستتحقق الأحلام.قفلة:احلم معي لنبني بيتا كبيرا في مخيلتنا، يجمعنا كلنا كسفينة نوح، سنعبر بها إلى بر الأمان، ما زال في قلوبنا متسع للأمل والأحلام، لا تحرم نفسك من أن تحلق قليلا، لا ضير بذلك، حلّق وتذكّر أن لك جناحين، أنت من يقرر أن يخلعهما أو يطير بهما، حلّق معي فلم نعد نمتلك سوى أحلامنا.
مقالات
منظور آخر: كيف هي الحياة بلا حروب؟
31-05-2015