أهل المواهب ومشاهير السخرية!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
في المقابل ينتشر بين كثير من الناس، وبالأخص بين بعض مشاهير "السخرية" في شبكات التواصل الاجتماعي، وأنا أسميهم كذلك لأنهم في الحقيقة ليسوا أكثر من "مهرجين ساخرين"، هم أشخاص لا يفقهون أصول النقد الموضوعي بل لا يستطيعونه، وذلك لأنه مهارة تفكيرية عالية يعجزون عنها بطبيعة الحال لقلة حصيلتهم المعرفية وربما إمكاناتهم التفكيرية، أقول إنه يشيع بين هؤلاء أن يسخروا من أصحاب المواهب وخصوصا أصحاب المواهب المتعددة، والتشكيك والاستهزاء بهم وبقدراتهم. وهذا المسلك عليل لأكثر من سبب، أولا لأن أسلوبهم تجريحي خارج عن الأدب كما ذكرت وليس من الموضوعية في شيء، وثانيا لأن المواهب منتشرة ومتاحة للجميع كما بينت، ووجودها عند شخص ما ليس بالأمر الخارق، بل إن تعدد المواهب أصلا ليس بشيء صعب ولا استثنائي، والمحك كما قلنا هو العمل الشاق المصاحب لتنمية وتطوير هذه المواهب ورعايتها، وثالثا، لأن على من يريد أن ينتقد بشكل موضوعي حقا أن ينظر إلى نتاج تلك المواهب وثمراتها الناتجة، من حيث هل هي جيدة وفق معايير مجالها أم لا. وبالطبع على من يريد ذلك أن يمتلك الإلمام بالمجال الذي سينتقد فيه، فليس من المقبول ولا حتى المعقول أن يخرج أحدهم لينتقد عملا إبداعيا لشخص ما وهو في الأساس لا يمتلك شيئا من معرفة ولا سابقة من خبرة في ذلك المجال الإبداعي!كثير من "مهرجي السخرية" على شبكات التواصل الاجتماعي قد "شطحوا" بعيدا عن مسار الأدب والذوق في سخريتهم من الآخرين، وكل ذلك بفعل "السكرة" لكثرة المتابعين، "فنطحوا" واستمرؤوا أن ينالوا من العاملين والنشطين في كل المجالات، بل وصلت الحال ببعضهم أن يوجه اللوم لمن لا يقبل "بسخريته" تلك بأنه لا يمتلك روحا رياضية ويضيق صدره بالنقد، وهو نفسه أبعد ما يكون عن أصول النقد بل الأدب!