المؤسف أن الحكومة تستخدم حرمان أطفال «البدون» الأبرياء من التعليم أداةَ ضغط على أولياء أمورهم، بعد أن فشلت أدوات الضغط الأخرى التي جربتها منذ ربع قرن تقريباً ولم ينتج عنها سوى المزيد من المعاناة والظروف القاسية واللا إنسانية التي تعانيها فئة «البدون»، وهو ما رصدَتْه، مراتٍ عديدة وتحدثتْ عنه كثيراً، تقارير منظمات حقوق الإنسان.

Ad

التعليم، خاصةً في مراحله الأولى، حق إنساني أساسي كفله الدستور والمواثيق والقوانين الدولية، ومن المفترض ألا يُحرَم الأطفال، تحت أي ذريعة، حقَّهم في التعليم، إذ أكدت المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن "لكل شخص الحق في التعليم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان". كما تنص اتفاقية حقوق الطفل الدولية التي تعتبر ملزمة للكويت على حق الأطفال في التعليم، لهذا فإن حرمان أطفال "البدون" حقَّهم في الحصول على التعليم يعتبر مخالفة صارخة للمواثيق الدولية وللدستور أيضاً.

هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن حرمان أطفال أبرياء لا ذنب لهم من التعليم، في الوقت الذي تَعرف الحكومة عدم قدرة أهاليهم على تعليمهم في المدارس الخاصة، سيخلق منهم في المستقبل القريب شباباً غير متعلمين، وناقمين على المجتمع، وهو الأمر الذي سيكون له تبعاته السلبية سياسياً واجتماعياً.

 والأمر الآخر المؤسف أن الحكومة تستخدم حرمان أطفال "البدون" الأبرياء من التعليم أداةَ ضغط على أولياء أمورهم، بعد أن فشلت أدوات الضغط الأخرى التي جربتها منذ ربع قرن تقريباً ولم ينتج عنها سوى المزيد من المعاناة والظروف القاسية واللا إنسانية التي تعانيها فئة "البدون"، وهو ما رصدَتْه، مراتٍ عديدة وتحدثتْ عنه كثيراً، تقارير منظمات حقوق الإنسان، سواء الدولية أو المحلية، حيث يعاني أفراد فئة "البدون" وأُسرهم ظروفاً معيشية بالغة القسوة وغير إنسانية، بعد أن حُرم أغلبهم الحصولَ على حقوقهم الإنسانية والاجتماعية تحت حجج ومبررات واهية تدين الحكومة في المقام الأول لأنها تُثبت، مرة تلو الأخرى، فشل سياساتها خلال نصف قرن في حل المشكلة جذرياً، حيث زادتها تشعباً وتعقيداً.

والآن بدلاً من الاعتراف بفشلها في حل المشكلة والبحث عن بدائل جديدة تخفف معاناة "البدون" وتسهل حل مشاكلهم الحياتية، فإن الحكومة تلجأ إلى أساليب عقيمة تنتهك حقوق الإنسان، مثل حرمان الأطفال الأبرياء حقَّ التعليم.

حسناً فعلت جمعية المعلمين عندما فتحت أبوابها للأطفال الأبرياء لتلقي التعليم الأولي على أيدي معلمين متطوعين، بالرغم من أن ذلك يخفف قليلاً من حدة المشكلة، لكنه لن يعالجها بشكل جذري. معالجة مشكلة تعليم الأطفال "البدون" تتطلب تراجع الحكومة عن قرارها غير الإنساني على الفور والسماح لهم بالانضمام إلى المدارس النظامية.