إبعاد التعليم عن السياسة لا عن الرقابة هو ركيزة تطويره، لكن الواقع الذي نعيشه في الكويت يسير على خلاف ذلك، فالأصوات النشاز تعلو مع كل مناسبة تحت مبررات أن المناهج خط أحمر، دون مراعاة للمخرجات التربوية إن كانت بحاجة إلى تحديث يتماشى مع جودة التعليم والتطور الطبيعي للمجتمع ومحيطه الإقليمي والعالمي.

Ad

بودّي أن أذكر بعض الحقائق حول موقع التعليم في شقه السياسي قبل الخوض في النواحي الفنية، فبالرغم من أهمية تحديث المناهج كفلسفة ديناميكية تتطلبها المصلحة الوطنية فإن واقع التربية الذي شهد صراعات سياسية تمثلت بمجموعة استجوابات أدت إلى إقصاء أكثر من وزير، لم يشفع له أي إنجازات أو تحالفات سياسية سواء على مستوى مجلس الوزراء أو مجلس الأمة.

وفي السياق نفسه تجد وزارة التربية تعيش تحت ضغط الأسئلة البرلمانية، حيث لها نصيب الأسد مقارنة مع بقية وزارات الدولة، ناهيك عن الضغط الشعبي المتمثل بالكتابات والدراسات التي تملأ صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي من المختصين وأهل الميدان.

ومن أجل ذلك ولأهمية التعليم وموقعه من قلب التنمية جاءت قضية تطويره ضمن أهم أولويات المجلس لارتباطها الوثيق بمستقل الأجيال، والشريك الأساسي في منظومة تنمية الموارد البشرية.

وسأتعرض في هذا المقال لمحور تطوير المناهج في التعليم العام بغية الوقوف على بعض الحقائق، ومنها ما يحمله الطالب عند التخرج من علوم ومعارف ومهارات أساسية في المجالات التعليمية "المعرفي، والوجداني، والنفس حركي"، وما تحصل عليه من معارف في اللغة العربية والإنكليزية، وإلمامه بأساسيات العلوم الحياتية والرياضيات، وتنمية مهارات التواصل الاجتماعي، واستخدام التقنيات التكنولوجية.

قياس مخرجات التعليم العام يجب قراءته من مصدره، للحكم على نجاحه من عدمه، بحيث يبدأ احتسابه من بوابة مؤسسات التعليم العالي، فالدولة ضمنت مكاناً تعليمياً لكل طالب، فمن خلال تلك المعادلة الإحصائية يمكن التعرف على نسب الطلبة الذين استطاعوا إكمال دراستهم دون تعثر، وأعدادهم، وكذلك نسب التسرب.

على الجانب الآخر تقف المناهج الإسلامية خارج تلك المعادلة لأنها خط أحمر عند البعض يحرم المساس به أو حتى مناقشته، وكأن الدين الإسلامي دين لا يحاكي العقل ويقارع الحجة بالحجة، وكأنه دين ما جاء للبشرية جمعاء ودين لا يحمل قيماً حياتية عظيمة، يقدم مصلحة الأمة على المصلحة الفردية، وتتسامى فيه روح التسامح والإيثار والإخلاص والرحمة والتعاون والصدق التي مكنته من الانتشار في كل الكرة الأرضية وفي كل المجتمعات.

إن كانت المناهج تحمل تلك المعاني السامية إذاً فليكن خطا أحمر أما إذا كانت الإجابة لا فما المانع من تصحيحها وتصويبها في الاتجاه الصحيح، فالدين الإسلامي دين سماحة لا دين غلو؟

ودمتم سالمين.