تعهدت إيران أمس بالوقوف إلى جوار سورية وتقديم ما يلزم تجاه ما أسمته «صمودها في مواجهة الحرب الظالمة»، وبينما أعربت منسقة الاتحاد الأوروبي عن أملها في أن تلعب طهران دورا إيجابيا لإنهاء الصراع السوري، شنت «النصرة» أعنف هجوم لها على «حزب الله» في القلمون.

Ad

تلقى نظام الرئيس السوري بشار الأسد أمس دفعة من الدعم الإيراني الحذر، في محاولة لوقف حالة الانهيار التي تشهدها صفوف النظام بعد الهزائم الأخيرة التي لقيتها القوات الموالية له في المشال، خصوصاً في محافظة إدلب، حيث خسر الأسد مدينة إدلب ومدينة حسر الشغور الاستراتيجية ومعسكر القرميد، بالإضافة إلى الضغوط العسكرية القوية التي تمارسها فصائل المعارضة على منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي، والتي تربط بين محافظتي إدلب واللاذقية معقل الأسد.

وأكد رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني خلال لقائه وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج في طهران أمس، أن بلاده «ستقف إلى جانب سورية وستقدم ما يلزم لتعزيز صمودها في مواجهة الحرب الظالمة التي تتعرض لها».

كما بحث الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني مع الفريج «تعزيز التعاون الاستراتيجي بين سورية وإيران في مختلف المجالات، وآلية تعزيز العمل المشترك، للوقوف في وجه التحديات التي تواجه المنطقة».

وكان الفريج التقى أمس الأول نظيره الإيراني العميد حسين دهقان، وأكد الطرفان أن «إيران وسورية ومحور المقاومة لن يسمحوا للاعداء بتحقيق أهدافهم في المنطقة والنيل من سورية وصمودها»، وشددا على أن طهران ودمشق «لن تسمحا لأي طرف كان بالمساس بمحور المقاومة، الذي يدافع عن عزة وحقوق شعوب المنطقة».

تركيا وحملة مكتومة

من جهة أخرى، كان بارزاً تجنب المسؤولين الإيرانيين الحديث عن أي تطورات ميدانية تشهدها سورية، خصوصا في الشمال، بعد أن اتهمت وزارة الخارجية السورية تركيا بتقديم إسناد ناري ودعم لوجستي مباشر إلى «التنظيمات الإرهابية» التي تهاجم في إدلب، واصفة التطورات الأخيرة بأنها «عدوان تركي مباشر» على سورية. وكان عدة كتاب موالين للنظام السوري بدأوا حملة انتقادات مكتومة لإيران مطالبين إياها بـ«إدانة الغزو التركي» للشمال، وعدم الوقوف موقف المتفرج على ما يحصل.  

خط بحري

إلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أمس أن طهران تريد تدشين خط بحري مباشر مع سورية من أجل زيادة المبادلات التجارية بين البلدين الحليفين.

وقال الملحق التجاري في السفارة الإيرانية لدى دمشق علي كازيمبيني لوفد سوري يزور طهران، إن «الخط البحري المباشر سيزيد المبادلات التجارية البالغ حجمها مليار دولار حالياً».

وطهران الداعم الإقليمي الرئيسي للنظام السوري، الذي يخوض حرباً ضد المتمردين منذ أكثر من أربعة أعوام، وتقدم مساعدات عسكرية للجيش السوري، لكنها تنفي إرسال جنود الى هذا البلد.

وكان الرئيس بشار الأسد أعلن لقناة فرانس 2 مؤخرا أن «قادة وضباطا يتبادلون الزيارات بين البلدين طبقاً للتعاون القائم بينهما منذ زمن طويل. وهذا يختلف عن المشاركة في المعارك».

يذكر أن طهران تقدم مساعدات مالية أيضا، فقد فتحت في 2013 ثلاثة اعتمادات لحساب دمشق يبلغ حجمها 7.6 مليارات دولار.

الاتحاد الأوروبي

على صعيد آخر، عبّرت منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني أمس الأول عن الأمل بأن تلعب إيران دورا مهما وإيجابيا في مسعى جديد للأمم المتحدة لاستئناف المفاوضات الرامية إلى إنهاء أربعة أعوام من الحرب الأهلية في سورية.

وقالت موغريني إنه «من الضروري أن تصل المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية الست إلى نهاية ناجحة، وهو ما قد يعزز دور إيران الإقليمي، وعلى وجه الخصوص لتشجيع النظام (السوري) على عملية انتقال يقودها السوريون بطريقة بنّاءة».

واعتبرت موغريني أن إشراك ايران ضروري. وقالت «أدرك تماما مخاوف دول عربية كثيرة في المنطقة بشأن دور إيران... لكنني مقتنعة أنه سيكون من السذاجة تصور أن دولة مثل إيران يمكن ببساطة أن تختفي من الخريطة».

في غضون ذلك، قال مبعوث الأمم المتحدة إلي سورية ستيفان دي ميستورا، إنه سيبدأ اجتماعات في مايو مع ممثلين للحكومة وجماعات المعارضة السورية والقوى الإقليمية، بما في ذلك إيران، لتقييم امكانية التوسط لإيجاد نهاية للحرب.

«النصرة» وحزب الله

وفي تطور ميداني جديد، شنّت «جبهة النصرة» أمس أعنف هجوم على «حزب الله» في منطقة جبال القلمون الحدودية بين سورية ولبنان، مستهدفة سيارات الإمدادات التابعة له، ما أسفر عن مقتل 6 من الحزب.

«داعش» والجولان

في السياق، اندلعت معارك أمس الأول للمرة الأولى بين «جبهة النصرة» وحلفائها من جهة وجهاديين قريبين من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من جهة أخرى في هضبة الجولان على مقربة من المواقع الإسرائيلية في الشطر المحتل من المنطقة.

وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن بوقوع «اشتباكات عنيفة بين مقاتلي فصائل إسلامية وحركة أحرار الشام الإسلامية وجبهة النصرة من طرف ومقاتلي سرايا الجهاد، (الذين أعلنوا ولاءهم للدولة الإسلامية) في منطقة القحطانية بريف القنيطرة القريبة من الحدود مع الجولان السوري المحتل».

ولفت إلى مقتل 12 مقاتلا من النصرة وحلفائها وسبعة مقاتلين من سرايا الجهاد، فيما تم اسر 15 مقاتلا من السرايا، موضحاً أن «النصرة» وحلفاءها «تمكنوا من التقدم والسيطرة على نقاط لسرايا الجهاد في القحطانية».

من جهته، قال عصام الريس المتحدث الرسمي باسم الجبهة الجنوبية، التي تضم مجموعة من الكتائب منضوية تحت لواء «الجيش الحر»، إن المعارك بدأت الاثنين الماضي، بعدما نصب مقاتلو سرايا الجهاد كمينا لقافلة من مقاتلي الجبهة الجنوبية أسفر عن مقتل 6 منهم، مضيفاً أن «جبهة النصرة انضمت إلى المعركة، لأن داعش عدونا المشترك».

(طهران، دمشق ــ أ ف ب،

د ب أ، رويترز)

كاتب «أسدي» لطهران: لماذا تركتمونا؟

برز أمس مقال يشبه نداء استغاثة كتبه الصحافي الأردني ناهض حتر، وهو «منظر ممانع» موال لنظام الرئيس بشار الأسد، ونشره في جريدة الأخبار اللبنانية المقربة من «محور الممانعة»، وذلك على خلفية التطورات التي يشهدها الشمال السوري.  

وكتب حتر في المقال الذي حمل عنوان «لا تتركوا الحصان وحيداً»: «لا يكاد يمرّ يوم واحد، من دون أن يبادر مسؤول إيراني إلى تصريح ساخن ضد العدوان السعودي على اليمن. إلا أننا لا نسمع سوى صوت الصمت الإيراني الرهيب، إزاء الغزو التركيّ لشمالي سورية»، مضيفاً ان «هذا الصمت يشكّل مساحة سياسية للتحرك العسكري الأمني التركي العلني في إدلب وريفها وجسر الشغور، في الأيام الصعبة التي تعيشها سورية منذ أكثر من أسبوع».

ويقول حتر إن «الغزو التركي مكشوف بالعين المجرّدة. ومع ذلك، لم تنبس طهران بكلمة واحدة نحوه»، ويضيف: «هذا درس جديد على الوطنيين العرب أن يتعلّموه، فالدول، مهما بلغت سياساتها من المبدئية، تظل، في النهاية، أسيرة لمصالحها».