بعد تحسن كبير خلال الأزمة المالية العالمية هبط سعر الذهب إلى نحو 1200 دولار للأونصة، أي إلى أقل من ثلث سعره في فترة الذروة في سنة 2011، ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى وجود عوامل تغير وضع هذا المعدن الثمين.

Ad

يفترض أن تفضي حالات الشك وعدم اليقين إلى رفع سعر الذهب، ولكن لا الغليان ولا موجة الاضطرابات في الشرق الأوسط ولا المصاعب التي تمر بها منطقة اليورو، ولا السياسة النقدية الفضفاضة بصورة لافتة في الدول الغنية حققت تلك الغاية المنشودة، وبعد تحسن كبير خلال الأزمة المالية العالمية هبط سعر الذهب إلى نحو 1200 دولار للأونصة، أي إلى أقل من ثلث سعره في فترة الذروة في سنة 2011، ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى وجود عوامل تغير وضع هذا المعدن الثمين، ويقول هاري دنت وهو ناشر نشرة إخبارية على موقعه على الإنترنت "شهدنا كل عوامل تحسن سعر الذهب، من طباعة لا نهاية لها للأوراق النقدية، ومعدلات فائدة عند الصفر في المئة، وارتفاع الديون ونسبتها في القطاعين الخاص والعام، والسؤال هو: ما سبب التضخم العالي؟".

يأتي الضغط الأكبر على سعر الذهب من توقعات ارتفاع معدل الفائدة في وقت لاحق من هذه السنة في الولايات المتحدة، ويقول ماثيو تيرنر من بنك ماكواير إن معدلات الفائدة المتدنية تخفض تكلفة امتلاك الذهب، وعلى العكس من ذلك فإن معدلات الفائدة العالية ترفع تكلفة حيازة أصول لا تنطوي على فائدة، ويظن السيد تيرنر أن التوقعات المتعلقة بارتفاع معدلات الفائدة ترجع في الأساس إلى سعر الذهب، وإذا لم تتحقق بالسرعة المتوقعة فإن تحسناً قد يطرأ على سعر المعدن الأصفر.

لكن ذلك لن يحدث في وقت قريب بما يكفي بالنسبة إلى منتجي الذهب، ويقول نيكولاي زيلينسكي وهو رئيس شركة "نورغولد" التي تملك عدة مناجم في إفريقيا والاتحاد السوفياتي السابق إن لدى نصف عدد كل منتجي الذهب تدفقات نقدية سالبة، وبعضهم مثقل بالديون أيضاً، وإذا لم يرتفع السعر فإن الإنتاج قد يهوي إلى مستوى لم نشهده منذ أيام الحربين العالميتين.

يتسم المتحمسون للذهب بالتفاؤل الشديد، ويتم تسعير المعدن الأصفر بالدولار؛ ولذلك فإن حقيقة أن السعر ظل  مستقراً في حين كانت العملة الأميركية في ارتفاع يفضي إلى الابتهاج؛ لأن من شأن ذلك جعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة إلى المشترين بالعملة الأجنبية، ويشتري المستهلك الصيني المزيد من الذهب، بعد هبوط حاد نجم بشكل جزئي عن حملة مكافحة الفساد، وينسحب ذلك على الهنود وهم من أكبر مستهلكي الذهب، وذلك بعد أن رفعت حكومة نيودلهي القيود على الاستيراد في السنة الماضية، ولكن على الرغم من ذلك فإن الحقيقة تبقى وهي أن الذهب في حالة صعبة.

وقد يتمثل أحد الأسباب بأن لدى المستثمرين العديد من الخيارات في الوقت الراهن، وفي وسع المواطنين الذين لا يثقون بعملاتهم الوطنية شراء أصول تختلف من الأسهم إلى البيتوكوين، وفي شهر مارس الماضي قال لورانس فينك وهو رئيس بلاك روك التي تعتبر أكبر شركة إدارة أصول في العالم إن الذهب "فقد بريقه" بسبب التوافر الأوسع للعقارات، ويضيف "لقد أصبح بالإمكان بقدر أكبر للعائلات العالمية تخزين الثروة خارج بلادها".

وتمثل روسيا الاستثناء الرئيسي في هذا المسار، حيث قام البنك المركزي بشراء كميات كبيرة من الذهب ليضاعف موجوداته منه إلى ثلاثة أمثال منذ سنة 2005، وقد اشترى 30 طناً من الذهب في شهر مارس فقط؛ ليرفع مخزونه إلى 1238 طناً، وعلى أي حال فإن هذه الخطوة من جانب موسكو لا تعكس قناعة في احتمالات الذهب الجيدة على شكل نفور من الدولار.