مهما كان الدور الذي تؤديه قاسياً أو بعيداً عن قناعاتها الإنسانية والاجتماعية، يجد المشاهد صعوبة في الفصل بين شخصيتها الحقيقية وبين الشخصية التي تبرع في تجسيدها، فيجد نفسه طوعاً منجرفاً نحو التعاطف أو الرفض.

Ad

في رمضان الماضي، أطّلت الممثلة اللبنانية كارمن لبّس عبر الشاشات اللبنانية والعربية من خلال دورين دراميين متناقضين في {الأخوة} و{سرايا عابدين}، مستفزّة الجمهور بوقاحة {فاتن} وسلوكها، وكاسبة محبته وتعاطفه بشخصية {نازلي}.

حول الدورين وأعمالها تحدثت إلى «الجريدة».

ما أهمية الجائزة التكريمية التي نلتها في «مهرجانات بيروت الدوليّة للتكريم بياف»؟

من منّا لا يحبّ أن يُكرّم! اعتبر التكريم هدية تقديراً لاجتهادي المهني.

كيف تقيّمين مشاركتك في مسلسل «سرايا عابدين»؟

أراه من ضمن أهم الأعمال التي أفخر بضمّها إلى سيرتي المهنية، وذلك بفضل إنتاجه والتقنيات التي استخدمت لإنجاحه، وبفضل نصّه وإخراجه والإضاءة والطاقم، فجاء كل شيء متكاملا لذا فرحت بالمشاركة فيه.

هل من منحى جديد لشخصيتك «نازلي» في الجزء الثاني؟

لا منحى آخر للشخصية في الجزء الثاني، بل ستكون استمرارية للأول.

هل استخدام التقنيات الحديثة في التصوير ضروري لتنفيذ الأعمال الدرامية؟

بالطبع، لأنها تسهّل ترجمة الأعمال وبيعها إلى الدول الأجنبية بعدما أصبحت موازية لنوعيّة أعمالها. إلى ذلك بات المشاهد قادراً على تمييز نوعيّة الصورة الأقرب إلى السينما، لذا لم يعد المنتجون قادرين على غشّه.

انطلق المسلسل من أحداث تاريخية لكنه عُدّل بشكل درامي على غرار مسلسل «حريم السلطان»، فهل يستحوذ هذا النوع من المسلسلات على اهتمام الجمهور العربي؟

لفتت الدراما التركية المنتجين العرب إلى اهتمام الجمهور العربي بالقصص الاجتماعية المتمحورة حول الحب والخيانة، لذا بعدما اقتصرت المسلسلات التاريخية على الحروب والانتصارات من دون التطرّق إلى الجانب العاطفي الذي هو جزء أساس في حياة القادة، تغيّرت المعادلة. يدرك الجميع تاريخ الخدوي وإنجازاته التي حققها على الصعيد الوطني، إنما أحد لا يعرف تفاصيل حياته الشخصية، لذا من الطبيعي أن تكون سيرته الخاصة التي نراها في المسلسل وليدة خيال الكاتب. صحيح أن البعض انتقد المغالطات التاريخية الواردة فيه، إنما ليس من الضروري أن يلتزم الكاتب بالسيرة التاريخية كما هي وإلا أصبح العمل وثائقياً.

لماذا تقبلين بأدوار عربية أقل مستوى من أعمالك المحلية؟

لا بطولة مطلقة في مسلسل «سرايا عابدين»، فأدوارنا كلنا مهمّة، فضلا عن أن البطولة المطلقة لم تعد واردة كما في السابق، خصوصاً بعدما أصبحت الأعمال تمتدّ إلى أكثر من 30 حلقة تلفزيونية. أمّا في مسلسل «الإخوة» فلم تكن ثمة بطولة مطلقة لشخصية ملائمة لسنّي. شخصياً، لا مانع لديّ في المشاركة كبطلة ثانية في أعمال يؤدي بطولتها ممثلون أصغر منّي سنّاً.

لماذا؟

إنه أمر طبيعي، خصوصاً ألا بطولات مطلقة تُكتب لنساء من أعمارنا، فبعد سنّ الـ45 يضعوننا في دور الأم، وقلّة تكتب للمرأة الناشطة في المجتمع التي حققت ذاتها ومسيرتها المهنية. فضلاً عن أن محطات التلفزة تطالب بأن تكون البطلة يافعة وجميلة، علماً أننا كممثلات مخضرمات لا تنقصنا أي مقوّمات جمالية.

«فاتن» في «الإخوة» مستفزّة في سلوكها الاجتماعي ومختلفة جداً عنك، فكيف استطعت أداءها؟

رغم اختلافنا، لم أجد صعوبة في أدائها، بل تسلّيت جداً وضحكت كثيراً. يظنّ البعض أن الصعوبة تكمن في أداء دور مرّكب وصعب، إنما على العكس، عندما نرى مواصفات شخص مغاير لنا، يسهل عندها تركيب الشخصية، بينما أداء دور شبيه بنا أصعب، كوننا لا نستطيع مراقبة أنفسنا كيف نمشي ونحكي ونتصرّف لنقلّدها. من جهة أخرى، وجدت صعوبة في أداء بعض الحوارات المبنية على الاعتذار بطريقة مذلّة، لأنني في حياتي اليومية أدرس خطواتي جيّداً، لئلا أخطئ تجاه الغير واضطر إلى اختبار مواقف مشابهة.

هل ترين أن ثمة نساء فعلا مثل «فاتن»؟

تنطبق شخصية «فاتن» على نساء كثيرات في هذا العصر، رغم أنه يُفترض تقدّم الإنسان مع السنين، لكن المجتمع، للأسف، يتقدّم بالسنوات لا بالفكر. لذا اعتبر أن «فاتن» رسالة إلى الفتيات لأنها اتكلت منذ صباها على جمالها، فصرف الرجال الأموال عليها، وهكذا ربّت ابنتها على هذا المنطق. إنما عند بلوغها سنّاً متقدمة، لم يعد الرجال يرغبون فيها، ما أدى إلى سلوكها طرقات ملتوية لتأمين معيشتها بعدما أصبحت غير قادرة على البدء من جديد.

يختلف الدوران قالباً ومضموناً، فأي منهما الأقرب إلى قلبك؟

«نازلي» طبعاً، لأنها تشبهني بتصرفاتها مع الخدم ورفضها للعبودية وإنسانيتها، إنما لست رومانسية مثلها.

تختبرين ماهية الإنتاج الضخم والتقنيات المتطوّرة في مشاركتك بأعمال عربية، هل من أمل أن يسير الإنتاج المحلي على خطى الإنتاج العربي؟

يقتصر الفارق بينهما على التمويل المادي والتقنيات المتطورة وعدد فريق العمل المساعد. أمّا في الأمور المتعلقة بنوعية النص والإخراج والأداء فلا فارق بين الاثنين.

ألا تجدين أن الأعمال العربية المشتركة تحتلّ مساحة أكبر من الأعمال اللبنانية؟

أتمنى أن تنتشر الأعمال المحلية إلى خارج الحدود اللبنانية، مثلما فعلت الأعمال الخليجية والسورية والمصرية، إنما تحتاج المحطات إلى عمل مشترك، كونه مربحاً مادياً أكثر ويستقطب جمهوراً عربياً أوسع عبر توافر خليط عربي اجتماعي من الدول العربية كافة.

 

هل يأتي الخليط العربي في المسلسلات في سياق منطقي للأحداث؟

يأتي الخليط أحياناً بشكل غير منطقي ومفبرك، لذا يجب ابتكار منطق معيّن يجمع الخليط العربي المتوافر في الدول العربية، وبالتالي يجب ترجمة هذا الواقع في العمل الدرامي بسياق منطقي للأحداث.

هل معيار نجاح الممثل اللبناني مرتبط بمدى مشاركته في الأعمال العربية المشتركة؟

أحياناً تؤمن المشاركة في أعمال مشتركة نجاحاً أكبر للممثل، انطلاقاً من تحقيقه انتشاراً عربياً أوسع. إنما نلاحظ أن ثمة قيّمين على الدراما اللبنانية لا يعرفون كل الممثلين العرب والطاقة المهنية لكل منهم، رغم أن ذلك ضروري، فتدخل أحياناً الوساطات والعلاقات الشخصية على خطّ اختيار الممثلين على حساب الكفاية المهنية.

ما تفاصيل «زهرة فؤادي»؟

الفيلم من إنتاج شركة «أرز برودكشن»، كتابة الإيراني محمد غلامي بمشاركة رضا اسكندر المشرف العام على الإنتاج، وإخراج الإيراني علي غافري واللبناني أحمد يوسف. يتم توليفه راهناً على أن يُعرض في 2015 في صالات سينمائية لبنانية معيّنة، وأؤدي فيه دور أم الشهيد.

هل قصته حقيقية؟

قصة شاب أطلع والدته على نيته القيام بعملية استشهادية ضد الإسرائيليين، وبعدما نفّذ قراره أخفت الأم استشهاد ابنها طيلة 18 عاماً، موهمة الناس أنه مسافر إلى الكويت ويرسل إليها الأموال، فتحاملت على جرحها وألمها.

تخضع هكذا مواضيع سينمائية للأخذ والردّ، فهل تشاركين، إيماناً منك بقضية معيّنة أم لأنك ممثلة يجب أن تؤدي الأدوار كافة؟

يجب أن أؤدي الأدوار كافة، واعتبر هذا الدور قوياً ومفعماً بالأحاسيس الإنسانية، خصوصاً أن هذه المرأة لا تزال حيّة تُرزق، كذلك زوجها. لا أدري مدى تقبّلها لفكرة أن تكون قصتها فيلماً سينمائياً، شخصياً أرفض ذلك. في النهاية، القصة حقيقية، وهذا الفيلم شبيه بأي فيلم آخر، لذا من واجب صالات السينما تقييمه تقنياً لا على صعيد المضمون، وترك قرار حضوره أو عدمه للجمهور. للأسف، يقولبون الفنان وفق الأعمال التي يقدّمها، فيضعونه في خانة 8 أو 14 آذار، علماً أن ذلك تخلّف فكري، لأنني شاركت في فيلم «شتّي يا دني» الذي يحكي قضية المخطوفين اللبنانيين في السجون السورية كما شاركت في فيلم «33 يوم» المتمحور حول حرب تموز.

أشارك في الأعمال بمعزل عن رأيي السياسي، لأنني أرى أن الاختلاف بالرأي غنى يطوّرنا فكرياً، لذا يجب أن نحبّ الآخر ونحترمه بغض النظر عن رأيه، فليس الاختلاف بالرأي عداوة لأن ثمة أموراً كثيرة تجمعنا غير السياسة.

 

شارك ممثلون لبنانيون كثر في إنتاج سينمائي إيراني، فما ميزة السينما الإيرانية؟

تشبه السينما الإيرانية هوليوود بتطورها على الصعد كافة، لذا تشارك الأفلام الإيرانية في المهرجانات الدولية للسينما. من هنا نعتبر أن المشاركة فيها مهمّة لمسيرتنا المهنية.

ما أعمالك الدرامية المقبلة؟

نستكمل تصوير الجزء الثاني من «سرايا عابدين»، وأقرأ سيناريوهات في انتظار الاتفاق. كذلك نتشاور راهناً حول المشاركة كضيفة في مسلسل «علاقات خاصة».