مشاعر خوف وقلق تنتاب المصريين العائدين من جحيم ليبيا إلى بلدهم عبر منفذ السلوم البري هرباً من الأجواء الميدانية الصعبة التي يشهدها البلد المجاور، وخصوصاً في الدقائق التي يمرون فيها على متن السيارات من مدينة «درنة» أبرز معاقل تنظيم الدولة الإسلامية - داعش» المعروف بـ»ولاية ليبيا»، فمازال حادث نحر 21 قبطياً على يد هذا التنظيم عالقة في أذهان المصريين العاملين في ليبيا وتدفعهم إلى مغادرتها خشية أن يطالهم المصير ذاته.

Ad

وديع مجلي، من أبناء محافظة أسيوط «بصعيد مصر»، أحد الشباب الذين التقتهم «الجريدة» لحظة وصوله إلى منفذ السلوم البري قادماً من ليبيا، وبينما بدت عليه علامات التوتر، قال: «الوقت القصير الذي استغرقناه ونحن في الميكروباص في طريقنا من درنة إلى طبرق مرت علينا كأيام طويلة»، مضيفاً: «أحمد الله أنني وصلت سالماً إلى مصر».

يتابع مجلي: كنت أعمل في «بنغازي» عامل بناء، وبعد عرض فيديو ذبح الأقباط تحولت حياتي إلى جحيم وقررت العودة إلى مصر، فكرت في العودة من خلال معبر «رأس جدير» على الحدود التونسية، لكنني تراجعت بعدما علمت بتهديدات «فجر ليبيا» بإمهال المصريين 48 ساعة لمغادرة ليبيا، وقررت الاتجاه شرقاً صوب السلوم، ولحظة مروري أنا ومجموعة من المصريين من «درنة» بالسيارات حبسنا أنفاسنا، وكنت أستنجد بالعذراء سراً أن تحميني، خشية أن يدرك أحد أنني مسيحي، ومرت الدقائق وكأنها أيام وبمجرد أن وصلت طبرق تنفست الصعداء.

الأجواء المروعة ذاتها عاشها جمال عمران، الذي كان يعمل في مقهى بمدينة «البيضا»، وقال: منذ فترة مرّ أمامي موكب سيارات دفع رباعي، يستقلها ملثمون مسلحون، وحين سألت عنهم قيل لي «لا تسأل فإن مروا عليك ولم يقفوا عندك فاعرف أنك ولدت من جديد..هؤلاء أنصار الشريعة ومجاهدو درنة»، مضيفاً: «حين تابعت أخيراً مذبحة الأقباط قررت مغادرة ليبيا والعودة إلى مصر».

أما صدام عبدالستار من أبناء محافظة قنا بصعيد مصر، فيقول: كوني أمياً لا أجيد سوى الزراعة، سافرت إلى ليبيا قبل حوالي ثلاثة شهور، وهناك عملت في مزرعة بمدينة أجدابيا، وقبل أيام علمت بواقعة ذبح المصريين على يد الدواعش، فقررت العودة إلى مصر خوفاً على حياتي.

على بوابات المنفذ تحدث إلينا حمادة السيد من أبناء محافظة المنيا، قائلاً: كنت أعمل في «سرت» وبعد واقعة ذبح المصريين وجدت أنه لا طائل من البقاء واخترت العودة من خلال منفذ السلوم، وكنت أعلم أننا سنمر على «درنة» معقل الدواعش، وبالفعل أثناء عبورنا من المدينة قرأت سورة الفاتحة ورددت الشهادتين.