تقدم سامية حلبي في معرضها المقبل في {أيام} لندن مجموعة مختارة من أعمالها السابقة، وهي اختارت منها نحو 12 لوحة متنوعة مبتكرة من شأنها أن تطرح وجهة نظر نادرة تصوِّر مسيرة تجربتها الفنية، وهي أعمال تعرض للمرة الأولى في أوروبا.

Ad

يشمل المعرض أعمالاً ترجع إلى مجموعة تراتبية مسبقة قدمتها الفنانة في معارض مختلفة، مثل: {طبيعة صامتة هندسية} (1970-1966)، {لولبي ودائري} (1971- 1975)، {تحليق قطري} (1979-1974). ميَّز هذه المجموعات نهج حلبي المتمثل في تصوير الواقع من خلال التجريد، واقترحت من خلالها خصاص شكلية تشير إلى المبادئ الراسخة في الطبيعة. ومن خلال هذه الآلية اعتمدت الفنانة نمطاً تحفيزياً مستنداً إلى تجارب حسية، ما يعطي المتفرج فرصة التعرف إلى معطيات مألوفة مسبقاً من بيئته المباشرة. وتقدم الأعمال المعروضة استقراءات حلبي المنهجية التي تخص الأمثولة المادية في المجال الفني، ما يعطي طرحاً لنظريات جمالية ناشئة منبثقة من حالة التجريب المتشكل علمياً.

قدمت حلبي مجموعة {طبيعية صامتة هندسية} بعد سنوات قليلة من تخرجها في جامعة إنديانا مع درجة الماجستير في الفنون الجميلة، طرحت من خلالها خصائص تحليلية للضوء وقدرة انعكاسه من مواد متنوعة، مع التركيز بشكل مكثف على كيفية إدارك المتلقي للحدود التي ينظر إليها، فابتكرت أعمالاً ثلاثية الأبعاد مرسومة بدقة عالية وتلاشت فيها الحواف تقريباً، استندت فيها إلى إمكان استكشاف أهمية الظلال وإلى الخصائص الشكلية للألوان المألوفة، ما أدى إلى إبداع تواصل ظاهر بين العمق والحجم. وما لبث أن توصلت حلبي بعد ابتكار كثير من الأعمال التجريبية إلى نهج تطلق عليه {اقتران بصري}، وهو يعتمد على بناء الواقع من العناصر الأساسية فيه، ثم إعادة بنائه ثانية كسلسلة من الخصائص الشكلية للتجريد.

الفنانة المولودة في القدس عام 1936، ركزت في سلسلة لاحقة على الحركة المبطنة والعمق والضوء الذي من الممكن طرحها من خلال مختلف التقنيات المعروفة، مثلاً: الرسم البياني للأشكال على ورق، التفاعلات اللونية، إمكان الانخداع البصري من تدرجات الضوء، ثم اقترحت لاحقاً استخدام الفراغ غير المحدود وتداخله مع الخطوط القطرية ذات الأبعاد العمقية والطويلة المتباينة، استكشفتها تباعاً عبر دراسات في الأشكال الأسطوانية والأفق.

حول الفنانة

سامية حلبي فنانة تجريدية بارزة، وباحثة في الفن الفلسطيني. اشتهرت كرائدة في التجريد المعاصر في العالم العربي. ورغم استقرارها في الولايات المتحدة منذ عام 1951 فإنها عرضت أعمالها في جميع أنحاء المنطقة العربية والخارج. وتتواجد أعمالها في مؤسسات دولية، من بينها: متحف غوغنهام للفنون في نيويورك وأبو ظبي، المتحف الوطني للفنون في واشنطن، معهد الفنون في شيكاغو، معهد الدراسات العربية في باريس، المتحف البريطاني، متحف: المتحف العربي للفن الحديث في قطر.

وعملت حلبي أستاذة مساعدة بدوام كامل في مدرسة ييل للفنون في أميركا، وشغلت منصبها هذا لعقد تقريباً في بداية حياتها المهنية، كذلك عملت أستاذة في جامعات في الولايات المتحدة. اهتم مؤرخو الوسائط الجديدة بأعمال الفنانة أخيراً، إلا أنهم أعادوا تقييم تجاربها الفنية حالياً مع لوحات مسبقة مصممة على الكمبيوتر عام 1980 كانت قد ابتكرت برنامح لتنسيقها، وعرضت في مركز لينكولن ومتحف بروكلين للفنون في نيويورك وصنفت على أنها أعمالاً ترجع إلى الفن الحركي.

نشرت كتاباتها الفنية في مجلة «ليوناردو»، صحيفة الفنون والعلوم والتكنولوجيا، مجلة الدراسات العربية الفصلية. كذلك نشرت بشكل مستقل مبحثاً بعنوان تحرير الفن الفلسطيني: لوحات ومنحوتات فلسطينية في النصف الثاني من القرن العشرين (2002)، اعتبر مقرراً مبتكراً في تاريخ الفن الفلسطيني. ونشرت لها بووث كليببورن عام 2014 كتاب السيرة الفنية الثاني بالنسبة للفنانة بعنوان: خمسة عقود من الرسم والابتكار.

قدمت معارض فردية عدة من بينها معرضها الاستعادي المتنقل «خمسة عقود من الرسم والابتكار» الذي عرض في مركز بيروت للمعارض 2015، وغاليري أيام القوز دبي 2014. من معارضها الفردية أيضاً: غاليري أيام لندن 2013، غاليري أيام المركز المالي دبي 2011، غاليري أيام بيروت 2010، غاليري أيام دمشق 2008، مركز سكاكيني للفنون رام الله فلسطين 2000. كذلك شاركت في معارض جماعية من بينها: المدرسة الوطنية للفنون نيويورك 2015، متحف غوغنهام أبو ظبي 2014، غاليري برودواي 1602 نيويورك 2014، معهد الدرسات العربية باريس 2009، متحف متروبوليتان طوكيو 2004.