أحس بكثير من الانقباض والضيق حين تكون المقالة هجوماً على أحد، أي أحد، فما بالك بصاحبة قلم يدعي ناشره أنه مقروء ويحقق انتشارا لم يحظ به كبار كتابنا الروائيين. شخصيا حاولت أكثر من مرة أن أقرأ أحلام مستغانمي ولم أستطع أن أكمل لها رواية واحدة. وكنت أنقل هذا الشعور لزملاء آخرين لأجدهم يتبادلونه معي. والحقيقة التي لا نختلف عليها أن أحلام مستغانمي لها شهرة في الوطن العربي، أما أسباب هذه الشهرة فتعود لأمور أخرى بعيدة عن مستوى النص ولها علاقة بمحتوى النص ونوعية قارئه.

Ad

كل عام أزور معرض الكتاب طوال أيام المعرض تقريبا وهي الفرصة المثلى للقاء الزملاء والتعرف على كتاباتهم الجديدة، وفي كل مرة أدخل فيها المعرض أرى الدار التى تعرض عناوين أحلام  مستغانمي ابتداء من "ذاكرة الجسد" وحتى "الأسود يليق بك" مرورا بـ"عابر سرير" قبل أن تتحول للشعر في عنوان يدل على نوعية قراء مستغانمي "عليك اللهفة"، ولم أر أحدا يزدحم على كتبها أو حتى يهتم بالوقوف أمامها. وحين علم القراء أن أحلام مستغانمي ستزور معرض الكتاب هذا العام دخلوا في جدل طويل حول تغريدتها الأخيرة وعشقها للطغاة. ولن أنافش الأمر الأخير لأسباب أهمها أن الطاغية في رحيله لم يعد موضوعا وانما تاريخا نختلف عليه كعادتنا العربية. وأكثر من ذلك هناك أمور نفسية يعانيها عشاق الطغاة لست في صدد تبريرها ولكني أكثر المشفقين عليهم.

أما موضوع التغريدة فهو موضوع يستحق التعليق لأسباب أهمها جهل الكاتبة بالمجتمع الذي ستزوره، وكان بامكانها أن تستخدم أقل الوسائل تكلفة لتعرف أن الكويت ليست البلد الذي قصدته في تغريدتها ولا يفرض على زائرته زيا معينا، كما أن سن السيدة أحلام مستغانمي تكفيه الحشمة المعتدلة التى تليق به.

وجهل السيدة أحلام بطبيعة الحرية التي تعيشها الكويت غير مبرر الا اذا كانت الجهات الرسمية قد طلبت منها أن ترتدي العباءة خوفا على الرجال من فتنة في الهواء،  وهو أيضا أمر غير معقول فقد دعت الكويت أكثر من مطربة اغراء واثارة ولم يطلب منها أحد احضار عباءتها معها، الا اذا رأت أحلام مستغانمي أنها الأكثر اثارة أيضا.

ما اثار اهتمامي في موضوع زيارة أحلام مستغانمي أكثر من تغريدتها هو مفارقة علاقة القارئ بالكاتب كشخص وعلاقته بكتاب الكاتب بعيدا عنه. وما ينطبق على أحلام هنا ينطبق على بقية كتاب المراهقين. ففي الحالين يغيب القارئ عن العمل في حال غياب كاتبه عنه، ليختلف الوضع حين يتواجد الكاتب حول كتبه فيزدحم القراء من حوله. التفسير الوحيد لذلك هو الاهتمام بشهرة الكاتب وارتباط اسمه في ذهن القارئ بعيدا عن أهمية الكتاب. يحدث ذلك هنا ويحدث أيضا في الغرب حين تصدر مذكرات أحد المشاهير ويتزاحم القراء احتفاء به وليس بكتابته التي تأتي كأمر ثانوي.

كل هذه الضجة المفتعلة في وسائل الاتصال الاجتماعي غير مبررة وربما كانت أحلام مستغانمي ذكية في استفزازهم للاهتمام بها، ما يهمنا هو مستواها الابداعي وهو أقل بكثير من المتوسط  لغة وقضية وتقنية.