هل يفسد الدولار القوي القفزة المفاجئة في الناتج الأميركي؟

نشر في 27-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 27-12-2014 | 00:01
فجأة بدأ الاقتصاد الأميركي يحقق درجة من المكاسب، فقد أعلنت الحكومة في الأسبوع الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة قفز بنسبة 5 في المئة في الربع الثالث من هذه السنة. وهذا أفضل بمعدل 1.1 نقطة مئوية من التقديرات السابقة للحكومة، وهو أسرع معدل من النمو الاقتصادي الفصلي خلال أكثر من عقد من الزمن.

ومثل التقرير الحكومي إشارة اخرى على تحسن الاقتصاد الأميركي بعد سنوات من مواكبة ما بعد الركود، واشتمل على الكثير من الأنباء الجيدة، وشرع المستهلكون ينفوق من جديد، كما ارتفعت أرباح الشركات بأكثر مما كان متوقعاً في السابق، وتحسن إنفاق الشركات بمعدلات جيدة أيضاً.

ودفع ذلك الى شعور العديد من الناس بأن إمكانات الاقتصاد الأميركي في سنة 2015 تبدو جيدة. ويقول روبرت ايسنبيس وهو اقتصادي كبير ومراقب لدى مستشاري كمبرلاند "الأخطار موجودة، ولكننا تعايشنا معها منذ فترة كما نحسن الأداء".

الاقتصاد أفضل بكل تأكيد مما كان عليه قبل سنة، ولكن هل هو أفضل بـ5 في المئة حقاً؟ حقق سوق العمل حتى الوقت الراهن من هذه السنة ما معدله 240000 وظيفة في الشهر، وهذا جيد ولكن ليس بنسبة 5 في المئة -والاقتصاد الذي ينمو على الدوام بنسبة 5 في المئة سيخلق أكثر من 575000 وظيفة شهرياً. ونحن نبعد كثيراً عن ذلك الرقم. كما أن النمو بنسبة 5 في المئة يجعل الولايات المتحدة على مقربة تامة من الصين التي رغم مصاعبها الأخيرة في النمو، تشهد تحولاً اقتصادياً رئيسياً.

وتلك هي المشكلة. كان المساهم الرئيسي في أرقام النمو في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث العمل التجاري من الخارج. وقد أضاف عجز تجاري أصغر – تصدير أكثر واستيراد أقل – 0.8 نقطة مئوية الى الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث، أو حوالي 20 في المئة من النمو. ومن الصعب تصديق استمرار أخبار الولايات المتحدة التجارية الجيدة وخاصة مع دخولنا سنة 2015.

وفي المقام الأول، تبدو اقتصادات بقية دول العالم تمر بفترة تباطؤ، وفيما استمر النمو في الولايات المتحدة على الرغم من ذلك يصعب أن نصدق أننا سنستمر في النمو خصوصا بنسبة 5 في المئة إذا انكمش اقتصاد بقية دول العالم.

وقد يطرح الدولار مشكلة أكبر. وكان الدولار خلال الأشهر الستة الماضية ارتفع بأكثر من 12 في المئة مقارنة مع سلة عملات دولية، وهذا ما يجعل من الصعب بالنسبة الى الشركات الأميركية بيع بضائعها في الخارج. وكان ذلك وراء القدر الضئيل من التباطؤ في الربع الثالث عندما بدأت قيمة الدولار بالتحسن، ولكن ذلك قد يتحول الى رياح معاكسة في السنة المقبلة.

تتمحور الأنباء الجيدة حول أسعار النفط التي هبطت بحوالي 30 في المئة في الربع الأخير. والنفط الأرخص ثمناً يخفض بصورة كبيرة تكلفة مستورداتنا وعجزنا التجاري.

كما أن أسعار النفط الأدنى في محطات الوقود توفر المال على المستهلك الأميركي الذي يستطيع إنفاقه على أشياء اخرى. ويتعين أن يشكل ذلك تحسناً اقتصادياً ولكن ربما ليس كما يظن البعض من الناس. وإذا أنفق المستهلك الأميركي ذلك المال على بضائع من الخارج، وهي أرخص بشكل نسبي، فإن ذلك سيفاقم العجز التجاري في الولايات المتحدة، ويجعل من الصعب تحقيق قفزة النمو بنسبة 5 في المئة في الأشهر والسنوات المقبلة.

* (مجلة فورتشن)

back to top