يرى الناقد الفني نادر عدلي أن ثمة عوامل عدة أسهمت في اختفاء الأفلام الهندية عن الساحة الفنية، منها ارتباط المنتجين الفنيين بالسوق الأميركي وشركات الإنتاج التابعة لهوليوود، وعدم توافر أي دور عرض لهذه النوعية من الأفلام، علاوة على أن أدبيات المجتمع المصري أساءت إلى فكرة مشاهدة تلك الأفلام بعبارة «ده فيلم هندي».

Ad

واعترف عدلي أن تلك الأفلام شابتها مبالغات عدة جعلت معالجتها أموراً بصرية عدة وفي حبكات السيناريو، تبدو «وهمية وغير واقعية»، ما أدى إلى حالة عزوف وتراجع عن مشاهدة  تلك الأفلام التي لمع نجومها وأحبهم الجمهور. وأشار إلى أن انتشار عدد من الفضائيات أخيراً متخصصة في عرض هذه الأفلام، بالإضافة إلى تدشين فعاليات كـ «الهند على ضفاف النيل» سيجبران الموزعين والمنتجين على الالتفات إلى بوليوود.

واختتم عدلي حديثه بأن لدى الأفلام الهندية رصيداً كبيراً في ذاكرة المشاهد المصري، والدليل الاحتفاء البالغ بالنجم أميتاب باتشان، وصفحات التواصل الاجتماعي التي انفجرت بكم هائل من الحديث عن النجم والوفد المرافق له وتسابق فضائيات كبرى لعقد لقاءات معه، ولو سألنا الأجيال الحالية عن نجوم من الهند سيذكرون على سبيل المثال شاروخان، وهي كلها مؤشرات تنفي أي مخاوف من الفشل، في حال عادت تلك النوعية إلى دور العرض.

وأوضح أن تلك العوامل تمثل عائقاً أمام عودة السينما الهندية، وأن الحل يكمن في تخصيص دور عرض للأفلام الهندية مثل سينما شبرا، والتي كانت لا تقدم سوى الأفلام الهندية وإنشاء شركة توزيع سينمائية مصرية - هندية.

وتمنى عدلي أن يثمر التقارب الهندي المصري الأخير عن توقيع اتفاقية تبادل سينمائي تعرض من خلالها الأفلام المصرية في الهند والعكس صحيح.

المنتج أحمد السبكي يقول إن «ثمة أعمالاً هندية نجحت بشكل كبير، ودخل عبرها نجوم السينما الهندية إلى دائرة الضوء أخيراً وظهروا في كثير من المحافل الدولية ومنصات التكريم. حتى إن بعضهم أطلَّ على الجمهور عبر دائرة هوليوود، الأمور التي ننظر إليها باعتبارها دلائل نجاح لتلك النوعية من الأفلام، وفي حال توجه القيمين على دور الإنتاج والموزعين السينمائيين إليها فمن ناحية تجارية بحته أرى أنهم لن يخسروا».

وفسر السبكي انحسار تواجد الأفلام الهندية عن الساحة بحالة التدهور العامة التي تعرض لها الوسط الفني نتيجة الأحداث السياسية، ففي العام 2013 كانت ثمة محاولات لعودة الأفلام الهندية إلى دور العرض، وسمعنا حينها عن تنسيق بين شركات إنتاج كبرى والسفارة الهندية في القاهرة واتفقت حينها على عرض أحد أجزاء فيلم يسمى بـ «كريش»، وهو أحد أشهر الأفلام الهندية الناجحة، ولكن الأمر لم يتحقق نتيجة التظاهرات الدائمة والصدامات أمام قصر الاتحادية في عهد مرسي.

واستطرد السبكي أن المشاهد المصري مقبل على نوع جديد من الدراما وهي الهندية، فإحدى الفضائيات حديثة الظهور تعاقدت على عرض «مسلسل هندي»، ونتابع ردود الفعل عليه، موضحاً أنه من الممكن حينها أن يتلفت كثير من أبناء الوسط إلى ضرورة التركيز على الأفلام الهندية وأتوقع أنها في حال ظهورها في السوق المصري في ظل حالات ركود تصيب السينما المصرية من حين إلى آخر ستشهد نجاحاً كبيراً.

انغلاق ثقافي

رأى الناقد الفني كمال رمزي أن عدم ظهور الأفلام الهندية على الساحة الفنية يرجع إلى أمرين أساسيين أولهما: «الانغلاق الثقافي» الذي يعانيه المجتمع ككل قبل المنتمين إلى الوسط الفني والقيمين على أمور الإنتاج والتوزيع، فثمة بلاد عدة في العالم تقدم أفلاماً رائعة كإيران وكوريا والهند، ولكننا لا نلتفت إليها بأي شكل، ولا نشاهد سوى الأفلام الأميركية التي تركز على المفاهيم الاستهلاكية البحتة والإبهار البصري والإنتاج الطائل، ولا يدرك كثيرون أننا أمام شرائح شبابية تتعرض لكل تلك الأنواع باعتبار عالمنا أصبح قرية صغيرة وألوان الإبداع كافة متاحة، إلا داخل دور العرض المصرية.

وتابع رمزي أن العامل الآخر يعود إلى سيادة «الأفلام التجارية» على دور العرض والساحة الفنية بأكملها، بالإضافة إلى اللجوء إلى أفلام تهدف إلى الربح السريع في مواسم سينمائية معروفة، مما شكل حواجز بين تلك المضامين وكل ما سواها من أفلام سواء محلية أو عالمية.

وأبدى رمزي قلقه من مسألة إقبال المصريين مجدداً على الأفلام الهندية في حال عرضها، لأن السببين الماضيين أدا بلا شك إلى تغير ذائقة الجمهور الذي قد لا يتفاعل مجدداً مع ما تحتوي عليه تلك الأفلام من ثقافات مغايرة أو أنماط لم يعتادوها من أغان ورقص واستعراضات (الأفلام الهندية) على عكس الأميركية والمصرية.

المخرج مسعد فودة أشار إلى أن السينما الهندية قد لا تطل إلى مجتمعنا عبر «دور العرض» فقط، فثمة مقترحات سابقة تنادي بتصوير أفلام هندية داخل الأراضي المصرية استغلالاً لبيئات عدة مشابهة بيننا وبينهم، علاوة على سمات مشتركة عدة من بينها الحضارة والميراث الثقافي والعلاقات القديمة، وسبق أن أعلن منتجون هنود كبار عن مبادرات لتنشيط السياحة المصرية عبر تصوير أفلام هندية في مصر.

وتابع فودة بأن تلك هي النافذة الوحيدة التي يرى أن من الممكن أن تعود بها صناعة السينما الهندية إلى مصر، وليس عبر الشاشات، لأنني أرى أن سينما الهند لا تشهد إقبالاً عالمياً أو رواجاً واضحاً في السوق السينمائي العربي منذ 25 عاماً، ولكن مصر تملك الإمكانات الطبيعية والمناخ الجغرافي والأجواء الصحراوية التي قد يحتاج إليها صانعو الأفلام الهندية لتصوير منتجاتهم في مصر، وحينها ستعود علينا منافع اقتصادية وسياحية واستثمارية دون اقتصار تواجد الهنود على الأفلام والنجوم وتذاكر الشباك.