نفذت السلطات المصرية حكماً بالإعدام بحق 6 من أعضاء تنظيم «أنصار بيت المقدس» صباح أمس، في وقت سادت مصر الرسمية والشعبية حالة من الغضب لاغتيال ثلاثة قضاة أمس الأول، بينما رفضت القاهرة تعليق بعض الدول والمنظمات الدولية بشأن إحالة أوراق الرئيس المعزول محمد مرسي إلى المفتي.

Ad

فيما بدا كأنها ردة فعل مصرية على استياء الولايات المتحدة وعواصم غربية عدة من إحالة الرئيس الأسبق محمد مرسي إلى المفتي، أمس الأول، تمهيداً لإعدامه، نفذت السلطات المصرية فجر أمس، حكماً بالإعدام بحق 6 من المحكوم عليهم في القضية المعروفة إعلامياً بـ«خلية عرب شركس»، في أول تنفيذ لحكم الإعدام في عناصر تابعة لتنظيم «أنصار بيت المقدس» الإرهابي.

وقال مصدر مصري لـ«الجريدة»، إن تنفيذ الحكم تم في تمام الخامسة صباح أمس، بعدما صدق وزير الدفاع صدقي صبحي على أحكام الإعدام في 24 مارس الماضي، في المتهمين الـ6 الذين قتلوا عقيدين اثنين من الجيش، خلال مشاركتهما في حملة أمنية واسعة على إحدى البؤر الإرهابية التابعة لجماعة «أنصار بيت المقدس» في عرب شركس بالقليوبية شمال القاهرة مارس 2014.

كانت المحكمة العسكرية قضت بإحالة أوراق 7 متهمين إلى المفتي، وصدر ضدهم حكم بالإعدام من بينهم واحد غيابيا، في أكتوبر الماضي، إثر إدانتهم بارتكاب عدة جرائم من بينها استهداف حافلة جنود بمنطقة الأميرية وكمين مسطرد، وقتل ضابطي الهيئة الهندسية بمنطقة عرب شركس في محافظة القليوبية، فضلا عن توجيه الاتهام لهم بالانتماء إلى جماعة أنصار بيت المقدس التي أعلنت التبعية لتنظيم «داعش» وغيرت اسمها إلى «ولاية سيناء».

استنكار واستياء    

من جهة أخرى، وفي وقت لم تستنكر أي دولة أوروبية اغتيال ثلاثة قضاة في مصر أمس الأول، أعربت وزارة الخارجية المصرية أمس عن الاستياء تجاه ردود فعل بعض الدول والمنظمات الدولية حول قراري محكمة الجنايات بشأن إحالة أوراق القضيتين المعروفتين إعلامياً بقضية «التخابر»، و«الهروب من سجن وادي النطرون» المتهم فيهما الرئيس المعزول إلى المفتي لأخذ الرأي الشرعي، تمهيداً لإصدار أحكام بالإعدام.

وجددت «الخارجية» في بيان لها التأكيد على عدم ملاءمة التعليق على قرارات وأحكام القضاء المصري لما تنطوي عليه من تدخل مرفوض شكلا وموضوعاً في الشؤون الداخلية للبلاد، مضيفة: «لعل ما يثير الدهشة أن تنبري هذه الدول في الدفاع عن متهمين بارتكاب أعمال إرهابية، في الوقت الذي تتغافل أو تتراخى هذه الدول عن عمد عن إصدار بيانات تدين الحادث الإرهابي البشع الذي وقع في مدينة العريش، وأدى إلى استشهاد ثلاثة من القضاة الأبرياء».

في غضون ذلك، أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن «قلقها الكبير» لحكم الإعدام الصادر بحق الرئيس المعزول وأكثر من مئة متهم في قضية الهرب من السجون خلال ثورة 25 يناير، وقال دبلوماسي اميركي «نشعر بقلق عميق بسبب حكم آخر بالإعدام الجماعي أصدرته محكمة مصرية بصورة لا تنسجم مع واجبات مصر الدولية ودولة القانون».

القرضاوي و«النهضة»

بدوره، نفى الشيخ يوسف القرضاوي، الذي أدرجت المحكمة اسمه بقرار الإحالة إلى دار الإفتاء، ضلوعه في قضية اقتحام السجون، وقال في بيان إنه كان في قطر في ذلك الوقت.

وفي تسجيل فيديو بث على حسابه على «تويتر» أمس دان القرضاوي قرار الإحالة، واعتبر أن الأحكام كلها لا قيمة لها، ولا يمكن أن تنفذ، لأنها ضد سنن الله في الخلق.

في السياق، وصفت حركة النهضة الإسلامية في تونس قرار القضاء المصري بحق مرسي، بالأحكام الظالمة، داعية إلى إلغائها وعدم استخدام القضاء لـ«تصفية» خصوم سياسيين.

وحددت المحكمة جلسة النطق بالحكم في الثاني من يونيو بعد ورود رأي المفتي. ورأي المفتي شوقي علام غير ملزم قانونا، ويمكن أيضاً الطعن على الحكم أمام محكمة النقض.

موجة حزن

إلى ذلك، سادت موجة من الحزن الشارع المصري، بعد مقتل القضاة الثلاثة في العريش، إذ نعت مؤسسة الرئاسة في بيان رسمي، «القضاة الذين راحوا ضحية عمل إرهابي آثم في شمال سيناء»، وتقدم رئيس الحكومة إبراهيم محلب، يرافقه وزير الدفاع ورجال القضاء، الجنازة العسكرية التي أقيمت للقضاة في مطار ألماظة العسكري مساء أمس الأول.

وأصدرت أحزاب وقوى سياسية عدة بيانات إدانة للحادث، وقال شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، إن «العمل الإرهابي الجبان الذي يستهدف قضاء مصر الشامخ لإثنائه عن تطبيق القانون والقصاص ممن أجرم في حق شعبه ووطنه، لن يخيف رجال القضاء الشرفاء»، مشدداً على أن «هؤلاء الإرهابيين لا علاقة لهم بدين أو إنسانية، وانهم مجموعة من المجرمين الخارجين على القانون».

وزارة العدل

من جهته، تولى وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي مهام وزارة العدل رسميا أمس، وبدأ مهام منصبه بعقد اجتماع طارئ مع عدد من مستشاري وزارة العدل، لبحث التطورات المتعلقة باغتيال عدد من القضاة ووكيل للنيابة، وأكدت مصادر لـ»الجريدة» أن الهنيدي بحث آليات التصدي لظاهرة الاعتداءات المتكررة على ممثلي العدالة في الفترة الأخيرة وكيفية التصدي لها بالتنسيق مع الأجهزة المعنية.

تأمين ومخاوف

في الأثناء، ومع تزايد التهديدات بملاحقة العناصر الإرهابية لرجال القضاء، قال مصدر أمني لـ«الجريدة»، إن وزير الداخلية أصدر تعليماته برفع حالة الطوارئ في جميع أجهزة الشرطة، ومراجعة جميع خطط تأمين المحاكم على مستوى الجمهورية، فضلا عن التأمين الشخصي للقضاة، لمواجهة أي محاولات لاستهدافهم.

ميدانيا، وبينما كشف مصدر أمني مصري عن مقتل 7 على الأقل من العناصر الإرهابية، في حملات جوية للجيش شمالي سيناء، مساء أمس الأول، تعرضت دورية أمنية لحادث إطلاق نار من قبل مجهولين أثناء تفقد الحالة الأمنية على الطريق الدائري بمدينة الفيوم جنوب غربي القاهرة، صباح أمس وتبادلت القوة إطلاق النيران مع المهاجمين الذين فروا هاربين وسط الزراعات من دون وقوع إصابات بشرية من الجانبين.