حملة «نكتمل»
يحكى أن رجلاً تشاجر مع زوجته إلى درجة الاحتدام، وحتى لا تسوء العلاقة ولإطفاء ذلك الحريق انسحب قليلاً إلى الخارج، أما الزوجة فألقت بنفسها على الأريكة ينهشها الأسى والحزن على حالها، وإذ بطفلها ذي الستة أشهر يحبو إليها بضحكته التي تسرق الألباب وتُسَرّي النفس وتحط من ثقل وطاقة الشحنات السالبة التي اكتسبتها من ذلك الشجار، فلم يكن منها إلا أن أخذته ولاعبته وضمته إليها لتتحد مع شفافيته وبراءته الطفولية التي تجعلها تعيش كل لحظة بلحظتها، حيث لا ماض ولا مستقبل، مجرد اللعب مع تلك الطفولة الناصعة البياض، عاشت مع طفلها لحظات رائعة من اللعب ثم إطعامه والاستئناس بطريقة تناوله وإسقاطه الطعام على نفسه، ثم "تحميمه" وتبديل ملابسه وخلوده إلى النوم، ونظراتها إليه التي تنبع عن حنانها وتذكرها بحقيقتها الصافية النقية، والتي لا يمكن أن تقسو على نفسها بمشاجرات تافهة بل عليها أن ترقى. أما الزوج فبعد أن هدأت ثورته، ذهب ليتسكع في بعض المجمعات ليعود إلى حالته الطبيعية، وكأن شيئا لم يكن، وفي المجمع يلتقي بحملة "نكتمل" فسأل ما المقصود بـ "نكتمل"؟ فردت عليه إحدى المتطوعات في تلك الحملة بأنها حملة تطوعية تدعو إلى توثيق الروابط الأسرية والحفاظ على نواة الأسرة من التفكك وتبصير الفرد والمجتمع بأهمية ذلك الرباط الوثيق الذي بدعمه وتقويته يصبح المجتمع قوياً ناضجاً لا ينهار من صغائر الأمور بل يحلها بالتفاهم وخلق حوار بناء بين الزوجين، يدعوهما لفهم احتياجاتهما المعنوية قبل المادية، والتي تبنى عليها أواصر المحبة والألفة والتعاون وفهم كل منهما طبيعة ونمط الآخر، وكيفية التعامل معه، كما أنها تقوم بورش تدريبية للمقبلين على الزواج حديثا ومن مضى على زواجهم أكثر من سبع سنوات فما فوق، وأسميناها "جسور التواصل"، وأخيراً دورات تدريبية لأهل الزوجين لإرشادهم بكيفية صناعة أبناء مؤهلين للزواج، بالإضافة إلى وجود مرشدين وأكاديميين يمكنهم أن يقدموا جلسات إرشادية لك ولزوجتك في كيفية تدارك الأمور وعدم استفحالها وكيف تحل مشكلاتك الزوجية وهل هي أسرية أم نفسية؟ وستجد كل الخير في حملتنا.
أخذ الزوج نفساً عميقاً وأطلقه دليلاً على ارتياحه لما سمعه، وكأن الأقدار ساقته إلى هذه الحملة البناءة التي وجد فيها حاجته، وقبل أن يسأل قدمت له تلك المتطوعة بروشورات الحملة للتواصل معها وابتسمت له وأخذ تلك البروشورات مع ابتسامة يعلوها الرضا، كمن وجد كنزاً يساعده في القضاء على مشاكله الزوجية ويعرفه كيف يتعامل مع زوجته، كما يُعرف زوجته كيف تلبي احتياجاته، إذ إن غياب معرفة كل منهما باحتياجات الآخر يجعلهما يقعان في أخطاء ومشاكل رغم صغرها إلا أنها تكبر وتتضخم، فتصل إلى الطلاق، فبوجود المعرفة والاطلاع والدورات التثقيفية، وجلسات الإرشاد التي تضيء الطريق لحل المشاكل بإدراك بسيط ووعي بالذات أولاً ثم الوعي بعمق تلك العلاقة الجميلة التي سنها الله للبشرية وباستقرار أمنها ووجود الرحمة والمحبة والألفة وتوفر التفاهم والحوار البناء والاحترام، كل هذه المعاني كفيلة بصنع نواة مجتمعية قوية ومتماسكة، فقرر بعدها شراء هدية رائعة لزوجته لتكتمل المحبة وتكتمل لبنة تلك المجتمع.