«ما العدالة: معالجات في السياق العربي»... أسئلة وأفكار تقارب الثورات العربية

نشر في 12-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 12-12-2014 | 00:01
No Image Caption
صدر عن {المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات} كتاب {ما العدالة: معالجات في السياق العربي} يتضمن خلاصة منتخبة ومركزة للأبحاث المقدمة في المؤتمر السنوي للمركز العربي في مارس 2013، ويقع في 520 صفحة من القطع الكبير.
قدّم لكتاب {ما العدالة: معالجات في السياق العربي} المدير العام لـ {المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات} الدكتور عزمي بشارة، وتناول محورين: الأول تحليلي، عالج فيه المعالم الأساسية في طريق العدالة، كما تبدو، بصورة أساسية، في نظرية أرسطو للعدالة، وصولاً إلى مقاربة التصورات الماركسية النيتشوية والفكر ما بعد الحداثي عموماً، متوقفاً عند مفهوم العدالة في التراث الفكري العربي وتطوره، وإشكالياته وقضاياه النظرية. أمّا المحور الثاني، فيدور حول أفكار في شأن العدالة في الحداثة، نظريات العقد الاجتماعي، وانقسام المدارس الفلسفية في شأن العدالة، وصولاً إلى تبلور فكرة العدالة كمجموعة من الحقوق والواجبات وتأسيس مفهومها على المساواة الاجتماعية.

بين العدل والعدالة

في الفصل الأول «العدل في حدود ديونطولوجيا عربية» يفرّق فهمي جدعان بين العدل والعدالة، ويبحث في مفهوم العدل لدى العرب بين الإسلاميين والعلمانيين. أما في الفصل الثاني «الحق في العدالة في الخطاب الفلسفي المعاصر» فيبرز محمد الأشهب حضور الفلسفة العملية في الخطاب الفلسفي المعاصر التي تعنى بقضايا المواطن في حياته اليومية، بدل الاهتمام بقضايا ذات طابع ميتافيزيقي، ليخلص إلى أن من غير المستغرب أن تكون مسألة العدالة، والعدالة في بُعدها الكوني، الموضوع الرئيس في الخطاب الفلسفي العملي.

طرح محمد جبرون في الفصل الثالث «العدالة في الفكر السياسي التراثي: الحد والمحدودية» إشكالية الانقسام السياسي والاجتماعي في شأن مفهوم العدالة في الوطن العربي، لا سيما بين التيارين الإسلامي والعلماني، وذلك من خلال محاور أهمها: نظرية العدالة في الفكر السياسي التراثي؛ حدود نظرية العدالة في الفكر السياسي التراثي؛ الإصلاحيون العرب ومحاولات تجديد مفهوم العدالة: الإمام عبده نموذجاً.

ينطلق سعيد بنسعيد العلوي في الفصل الرابع «في العدالة أولاً: من وعي التغيير إلى تغيير الوعي» من أن البحث عن العدالة في مختلف تجلياتها كان الخيط الناظم الذي وحّد بين رجال الفكر والسياسة في العالم العربي الإسلامي المعاصر، في سؤالهم عن قوة الغرب وهيمنة الاستبداد في العالم العربي، وأن نظراً جديداً في فكر النهضة يحملنا على إقرار أن الإشكالية التي حكمت الفكر العربي الإسلامي في الفترة التي نتواضع على نعتها بالنهضة هي إشكالية العدالة المفتقدة.

العدالة والحرية

في الفصل الخامس، «تمثّلات العدالة والحرية في التاريخ الإسلامي» يتقصى وجيه قانصو رحلتَي العدالة والحرية في الوعي الإسلامي، والأطوار التي انتقلت إليها كل واحدة منهما في دائرة الوعي، والصور المتنوعة التي اتخذتها داخل الواقع السياسي والمجال الاجتماعي، فضلا عن جدل العدالة والحرية ومفهوم كل منهما على مستويات متعددة تشمل المستوى اللغوي والفكري.

في الفصل السادس يبحث فادي فاضل في «المصالحة في القانون الدولي: غاية ومسار لا عفوية ومصافحة»، مركّزاً على العدالة الانتقالية في المجتمعات التي ترث ماضياً عنيفاً من أعمال العنف والقمع. ويعالج الباحث في ضوء هذه الأسئلة قضايا المصالحة ومتطلبات الديمقراطية، مشيراً إلى أنه ليس من وصفة واحدة لتحقيق مصالحة ناجحة، ويختم رؤيته بأنه لا يمكن استيراد المصالحة أو فرضها من الخارج، ويطرح بالتالي دوراً مسؤولاً للمجتمع الدولي في عملية المصالحة، محدداً بعض القواعد الأساسية لذلك.

في الفصل السابع يبحث عبد العزيز لبيب في ضوء مقاربة فكرية «العدالة في وضع استثنائي: ملاحظات في مآزقه الدولية»، ويعني بالاستثناء كما يعرّفه فقهاء القانون وفلاسفته، «ما لا يستوي مع القاعدة العامة ولا يخضع للأحكام الجارية». ويلحظ أن الاستثناء منذ حروب نابليون، على الأقل، لا ينفك وقائعياً وتشريعياً يتسرب إلى دائرة قانون الحرب تخصيصاً، وإلى دائرة القانون تعميماً، وإلى دائرة الحق تأصيلا، وإلى دائرة العدالة معيارياً، حتى سرى في عصرنا هذا سرياناً شديداً في طيّات العولمة السياسية الحقوقية، ثم ازداد تعميماً وصار وكأنه من طبيعتها.

يقدم مراد دياني في الفصل الثامن «اتّساق الحرية الاقتصادية والمساواة الاجتماعية في نظرية العدالة، أو استقراء معالم النموذج الليبرالي المُستدام لما بعد الربيع العربي»، مُقاربةً معيارية لإشكاليّة اتّساق الحرية والمساواة داخل نظرية العدالة، على اعتبار أنها عنصر مركزي لمرحلة ما بعد الربيع العربي، ينبني عليها كثير من الرّهانات، السياسية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية. وبذلك يصبّ هذا البحث في منحى المساهمات الفكرية التي تحاول التوفيق بين مبدأي الحرية والمساواة عوض المُعارضة بينهما، والجهد العلمي الرّامي إلى درء الإبهام المحيط بالنّموذج الليبرالي داخل الوطن العربي، والذي من شأنه أن يسهم في إثراء النّقاش حول سُبل البناء المؤسّساتي الأنجع والأقوم لخصوصّياتنا الذّاتية، حول ما يجمعنا معاً أو ما يمكن أن يجمعنا معاً، بمعنى الأُفق الذي ينبغي أن يُوجّهنا ويقود حركة تاريخنا.

في الفصل التاسع، يبحث محمد الحداد في «جدلية العدالة والحرية في ضوء الثورات العربية: الديمقراطية باعتبارها عدالة القرن الحادي والعشرين»، منطلقاً من أن المرحلة التي أطلقتها هذه الثورات لم تستقر بعدُ، لكنها تحتمل تغييراً كبيراً في المسلمات الثقافية والنماذج الفكرية العربية. وفي ضوء ذلك يحاول البحث أن يقارب قضاياه من خلال قراءة هذه الثورات في ضوء بعض الأفكار الحديثة في فلسفة العدالة، وعرض بعض جوانب فكرة العدالة في التراث العربي، لتميّز بين ما يبدو صالحاً للاستمرار اليوم وما يبدو قابلاً للتجاوز، متوقّفاً عند أن فكرة العدالة في التراث العربي كانت مطروحة بمعزل عن مبدأ الحرية.

كذلك يناقش الإمكانات المستقبلية للربيع العربي بين أن يمثّل بداية حركة كونية لمواجهة العولمة الحالية القائمة على مبادئ ظالمة، فيصبح نموذجاً مرجعيّاً لتحقيق العدالة والحرية بين الشعوب، أو أن يتجه إلى الانغلاق وتفعيل النمط التقليدي للعدالة المنفصلة عن الحرية، أو ما يطلق عليه نموذج «ولاية الفقيه».

إشكالية السجن

في الفصل العاشر، فيبحث عبد الحي مؤذن في «العدالة الانتقالية والسلطوية المُلبرلَة: نموذج المغرب»، متوقفاً عند مفهوم العدالة الانتقالية وتبلوره، وتطويره خيارات تتخطى مبدأ العدالة العقابية إلى مبدأ العدالة التعويضية في انتظار ترسيخ الديمقراطية، وتجنّب المواجهة الدموية بين الأطراف المتعارضة، وتحقيق المصالحة بينها لضمان مسلسل سلمي للدمقرطة يكون بديلاً من الثورات ذات الطابع العنيف.

يؤسس محسن بوعزيزي في الفصل الحادي عشر بحثه: «العدالة في عيون السجناء: بحث في التمثّات الاجتماعية من داخل السجون التونسية» في ضوء مقاربة سيميولوجية اجتماعية حول إشكالية السجن والعدالة وتمثّلاتها لدى من يرون أنفسهم في فضاء السجن بمعرفتهم العملية محرومين منها.  

back to top