هل سيساهم مجلس الأمة في زيادة الإنتاج وتطوير الحقول؟

نشر في 24-03-2015 | 00:04
آخر تحديث 24-03-2015 | 00:04
لم يمر تصريح وزير النفط وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة، د. علي العمير، بشأن إشراك مجلس الأمة في قضايا النفط وتحديداً تطوير الحقول مرور الكرام، بل فتح الباب أمام العديد من الأسئلة التي قد تجد جواباً لها لدى المتخصصين في القطاع النفطي وخصوصاً الجدوى من هذا الاقتراح أو التوجه، وسط متوالية إشكالية تتعلق في جانب منها بمجلس الأمة ذاته، أقلها حول مدى الدراية الكافية للنواب بالصناعة النفطية؟ أضف إلى ذلك السؤال: كيف ستستقبل الشركات العالمية هذه التصريحات؟ وهل ستغامر بدخول هذا القطاع الكويتي، في وقت ما زالت شواهد سابقة سلبية للتدخلات السياسية ماثلة في الأذهان؟

وكان العمير أكد في تصريح له الشهر الماضي، أن «الحكومة ستشرك مجلس الأمة ولجانه بما لديها من أفكار حول تنظيم الاستعانة بالشركات المؤهلة في مجال تطوير الحقول النفطية، وأن هذه الأفكار تعد مهمة لتنفيذ استراتيجية القطاع النفطي للوصول إلى هدف جاهزية الطاقة الإنتاجية لرفع الإنتاج، حسب ما هو مخطط له».

وفي الحقيقة، لا أحد يعلم ما الجدوى من إشراك مجلس الأمة ذي الدور التشريعي والرقابي في القضايا الفنية والمعقدة مثل الصناعة النفطية، فالجميع يعلمون بأن الكويت عانت سابقاً كثرة التدخلات في هذا القطاع، ما انعكس سلباً على سمعتها وسط الشركات العالمية، وأحوج ما نكون اليوم إلى ترميمها، ومحاولة اللحاق بركب من سبقونا من نظرائنا في الخليج.

وإليكم التفاصيل:

في البداية، قال العضو السابق في المجلس الاعلى للبترول، موسى معرفي، إن اقحام مجلس الامة في قضايا ومشاريع النفط هو حديث لتضييع الوقت ولن يجدي نفعا، بل سيزيد الطين بلة بسبب غياب المتخصصين في هذا القطاع داخل اروقة المجلس، ما سيعرقل الكثير من المشاريع، مشيرا الى انه على وزير النفط ان يكون حلقة وصل بين المجلس ومؤسسة البترول، من خلال تقديم كل المشاريع الحيوية والدراسات للجان المعنية في المجلس لمناقشتها.

وأضاف: «لطالما نتساءل لماذا لا تكون مؤسسة البترول الكويتية بنفس استقلالية (أرامكو السعودية)، إذ لا يستطيع أحد التدخل في عملها، وذلك لأن الأوامر الرسمية العليا تمنع هذا التدخل»، موضحاً أن الشركة أصبحت في مصاف الشركات العالمية في التطوير والإنتاج، فالقطاع النفطي في السعودية يدار بطريقة مهنية، نظرا إلى أهميته، لا كما يحدث لدينا في الكويت، إذ يتدخل أعضاء مجلس الأمة في التوظيف والتعيينات وحتى في الترقيات التي أخلّت بعمل القطاع.

ووصف مستقبل القطاع النفطي بأنه يعيش مرحلة الضياع، وأنه غير متفائل على الرغم من أن الكويت لديها خير كثير، وفيها كفاءات وطنية كثيرة، وبها قيادة سياسية، إذ يجب أن يكون عنوان المرحلة المقبلة التعاون معها، لأن التعاون هو الذي سيؤدي إلى إحداث التنمية الحقيقية، مضيفا أن شيئا من هذا التعاون لمصلحة البلد غير موجود، متمنيا وضع حد للابتزاز السياسي الذي يحدث على القطاع النفطي بين فترة واخرى.

كما حمل معرفي جزءا من القصور على مؤسسة البترول الكويتية التي لا تسوق لمشاريعها بالشكل المطلوب، خاصة لاعضاء مجلس الامة، مستشهدا بما حصل في مشروع الشراكة مع «الداو»، ومؤكدا ان المرحلة المقبلة في الصناعة النفطية تتطلب خبرات من الشركات الكبرى العالمية، لاسيما في انتاج النفط الثقيل والحفر العميق، وهو ما تقوم به جميع الدول المجاورة.

خبرات عالمية

من جهته، قال الخبير في استراتيجيات النفط عبد الحميد العوضي، إن طرح مثل هذه الفكرة في اقحام مجلس الامة يعد امرا غريبا، حيث يعلم الجميع انه لا يوجد متخصصون في الصناعة النفطية في المجلس، مضيفا انه من الاجدر اخذ رأي اهل الخبرة في هذا المجال، الذين عملوا سابقا في القطاع لمعرفة ما تحتاجه الصناعة.

وأضاف العوضي ان هناك جهة اخرى على الوزير الاخذ بمقترحاتها، مثل اعضاء مجلس ادارة مؤسسة البترول، كذلك اللجوء والاجتماع مع الشركة المعنية «نفط الكويت» للتعرف على احتياجاتهم لزيادة الانتاج.

وأوضح ان الكويت اليوم تحتاج الى خبرات عالمية، حيث إن القيادة الحالية تعتبر ناشئة، خاصة بعد التغيرات الاخيرة فيها، إذ ان معظم الدول المنتجة للنفط تستعين بهذه الخبرات بهدف استغلال الثروة النفطية بشكل جيد، مبينا ان الوزير معني اليوم بتحقيق استراتيجية الكويت لزيادة انتاجها بالتعاون مع جميع الاطراف ذات الصلة بالصناعة النفطية.

تعطيل المشاريع

من جانبه، قال المستشار في الصناعة النفطية، وليد الحشاش، إن مثل هذا التصريح من وزير النفط قد يعطي رسائل سلبية للشركات العالمية، مشيرا إلى ان الكويت عانت من التدخلات السياسية في السابق عبر مجلس الامة لتعطيل مشاريع نفطية، ما اعطى انطباعا سلبيا عن الكويت بشكل عام، تحديدا القطاع النفطي، الذي يعد من اهم المرافق الحيوية في البلاد.

وأكد الحشاش ان الكويت اليوم بحاجة الى ترميم سمعتها الخارجية التي فقدتها بسبب التدخلات السياسية، حيث اضاعت العديد من الفرص التي كانت ستضعها في مصاف الدول المتقدمة في الصناعة النفطية، الا انه لازال هناك من لا يريد وضع حدود او رسم سياسة واضحة لكل جهة ومؤسسة، فمجلس الامة اليوم غير معني بالقطاع النفطي طالما تم الموافقة على البيانات المالية والحساب الختامي لمؤسسة البترول وشركاتها التابعة، مشيرا إلى ان المعني بمشاريع القطاع النفطي مؤسسة البترول والمجلس الاعلى للبترول، الذي يحدد ويرسم السياسية النفطية، واقحام مجلس الامة يعتبر معرقلا، والشواهد الماضية كثيرة على ذلك.

وأوضح أن هناك جهة تراقب القطاع عبر ديوان المحاسبة، وهنا المجلس معني بالنظر في هذا الملاحظات واصلاحها، مشددا على انه «اذا اردنا التطور للقطاع النفطي فعلينا العمل بشكل مؤسساتي منظم مع وضع حدود لكل السلطات، مع اعطاء نوع من الخصوصية للقطاع النفطي الذي يعد الركيزة الاساسية لاقتصاد الدولة».

حقول الشمال

أما عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التكنولوجية - قسم هندسة البترول، د. أحمد الكوح، ذكر انه إذا كان اشراك مجلس الامة من باب المتابعة العامة والاطلاع على ما يجري بالشركات النفطية بشكل عام فهو أمر مهم لزيادة الشفافية، أما اذا كانت هناك حاجة تشريعية من قبل الوزارة فهذا الاشراك أمر مستحب و نشجع عليه، مشيرا إلى ان القطاع النفطي يقوم بالمطلوب منه، وفي كل يوم يتطور لما هو أفضل.

واضاف أنه «إذا كان الحديث بإشراك الشركات النفطية في حقول الشمال في السابق من باب المشاركة في الإنتاج، وهذا الامر على حد علمي مرفوض دستوريا، فمن الباب العلمي فقد أثبت التاريخ أن الشركات الأجنبية تستنزف الحقول لانها تريد الانتاج بأسرع وقت و الربح السريع»، مؤكدا أن «لنا عبرة مما حصل مع شركة أرامكو في السعودية وأهم الشركات النفطية من شراكة من أجل حقول الغاز، حيث اشترطت الشركة ان تشتري الغاز بسعر ثابت وليس بسعر السوق، اذا ما تم اكتشاف كميات كبيرة و لكن للأسف جميع هذه الشراكات الأربع لم تكن ناجحة و غير مجدية اقتصاديا».

وأوضح انه من المعروف أن الكويت يتم تعطيل مشاريعها بسب تدخلات سياسية، وكذلك تجارية، مطالبا بترك القطاع النفطي يحدد قراراته ونكون بالنسبة له مراقبين في حال حدوث اي مخالفة او تقصير. وبالنسبة للامور التجارية فأغلب الشركات النفطية تتمتع بشفافية عالية اذا ما تمت مقارنتها مع باقي الدول وجميع المناقصات والتداولات تجدها على مواقعها منشورة بكل شفافية. وأما ارقام المخزون النفطي وباقي الامور المتعلقة بالجانب العلمي فهي محافظ عليها بشكل سري وهذا طبيعي بالنسبة للشركات الحكومية ومتعارف عليه عالميا، ولكن في حال توقيع مذكرات تفاهم فيتم تبادل المعلومات من اجل الابحاث العلمية. ولا اعتقد أن هناك حاجة للوزير بأن يشارك المجلس المعلومات النفطية الدقيقة، ما لم يتم طلب ذلك منه بشكل مباشر.

وطالب الكوح وزير النفط بأخذ الحذر من إدراج السياسة بالنفط، لأن الكويت لديها خبرات سيئة مع هذا الامر، وتم تعطيل بعض المشاريع لهذه الاسباب، مؤكدا أن المواقع الاجنبية تذكر تحديدا للمستثمر الاجنبي أن الكويت لها تاريخ بالتدخلات السياسية من أجل تعطيل المشاريع، ولكن علينا أن نحسن هذه الصورة في مشاريعنا المقبلة.

back to top