بهاء طاهر... أصدق من عبروا عن صراعات المرحلة

نشر في 23-03-2015 | 00:01
آخر تحديث 23-03-2015 | 00:01
No Image Caption
فاز بجائزة ملتقى القاهرة للرواية العربية

توج الأديب المصري بهاء طاهر بجائزة «ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية» الذي اختتمت فاعلياته أخيراً، وأقيمت على مدار أربعة أيام في المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية بعنوان «تحولات وجماليات الشكل الروائي».
قال رئيس لجنة تحكيم جائزة «ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية» الأديب واسيني الأعرج في حيثيات فوز بهاء طاهر بالجائزة التي تبلغ مئتي ألف جنيه: «عبَّر إنتاج بهاء طاهر الأدبي ببراعة نادرة عن المرحلة وصراعاتها، وشكَّل الإنسان «محوراً» لرحلته الإبداعية الصادقة. أما طاهر فذكر: {إنني فخور بجائزة ملتقى القاهرة الدولي للرواية العربية، وأعتبرها وساماً على صدري، كذلك بأنني كنت مرشحاً في الدورة الأولى، وهنأت عبد الرحمن منيف لحصوله عليها، ولكنني كنت أتمنى أن تكون هذه الجائزة من نصيب الشباب}.

وأضاف: {أمنيتي لا تعني أن شيوخ الكتاب لا يستحقون الجائزة، ولكن أتمنى أن يحصلوا عليها في وقت قريب. لو كان الأمر بيدي لأقترحت أن تكون مناصفة بين عجوز وشاب}.

ينتميء بهاء طاهر إلى جيل الستينيات الأدبي، حصل على ليسانس الآداب في التاريخ عام 1956 من جامعة القاهرة. حاز جوائز عدة من بينها جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1998، وجائزة {جوزيبي أكيربي} الإيطالية سنة 2000 عن {خالتي صفية والدير}، والجائزة العالمية للرواية العربية عام 2008 عن روايته {واحة الغروب}. وكان رفض جائزة مبارك للآداب التي حصل عليها عام 2009 في العام 2011 أثناء الاحتجاجات التي شهدتها مصر، وقال إنه لا يستطيع أن يحملها وقد أراق نظام مبارك دماء المصريين الشرفاء.

عمل طاهر مترجماً في الهيئة العامة للاستعلامات، ومخرجاً درامياً ومذيعاً في إذاعة {البرنامج الثاني} الذي كان أحد مؤسسيه حتى عام 1975 حيث منع من الكتابة، ليسافر بعدها إلى جنيف حيث عاش بين عامي 1981 و1995 وعمل مترجماً في الأمم المتحدة .

قدم طاهر خلال مشواره الأدبي الممتد عدداً كبيراً من الأعمال الأدبية تشكل نقاطاً بارزة في الأدب العربي.

مشاركات

 

شهدت فعاليات المؤتمر مشاركات أكثر من مئتي أديب وناقد وعدد كبير من الروائيين العرب الذين أدلوا بشهاداتهم حول الرواية العربية وتحولاتها وتقنياتها. قالت الروائية الكويتية فاطمة يوسف العلي: {حين أتحدث عن مشواري الإبداعي ورحلتي الروائية أجدني مدفوعة إلى البدء منذ أن وعيت فيها أهمية قلمي وما يكتبه، أهمية روايتي الأولى {وجوه في الزحام} التي صدرت عام 1971 واستعرضت خلالها ثلاث قضايا مهمة، أولها الواقع المعيش في المجتمع الكويتي، وثانيها وضع المرأة الكويتية وتحقيق ذاتها، وثالثها الصراع العربي الإسرائيلي والحس القومي العروبي}.

تستكمل العلي شهادتها: {أمضيت عمري ووهبت جهدي للدفاع عن المرأة وكرست وقتي واهتماماتي لتحقيق تاء التأنيث ما تصبو إليه من أحلام وطموحات، وقد أرقني كثيراً انتشار قضايا مثل العنوسة والبطالة والزواج المبكر والمرأة والعمل وغيرها، إنها رحلة ثرية اتسمت بكل الحرية في التعبير عن صوت بني جنسي وتحية لبلدي الكويت التي منحتني هذه الحرية}.

الروائي خليل صويلح قال في شهادته: {ليست كتابة الرواية وحدها مهنة شاقة، بل الانتهاء من كتابتها. أن تجد نفسك فجأة في منطقة اللاجاذبية معلقاً في الفراغ بعد أشهر وربما سنوات من المخاض والولادة واختراع حيوات وكمائن وأوهام لشخصيات كانت تشاركك حياتك بتفاصيلها كافة. أشباح لا يراها أحد سواك تتجوَّل معك أينما حللت في الشارع والمقهى والحمام، في اليقظة والمنام، قبل أن تتسرب على مهل إلى ثنايا النص تحفر مجراها في التراب على هيئة ساقية قد تتحوَّل إلى نهر أو تغرق في الطين الرطب}.

يستكمل صويلح: {في لحظة ما ستخونك البلاغة في إيصال ما كنت تنوي تدوينه بدقة، ذلك أن للشخصيات رغباتها المضمرة وحياتها السرية التي قد تتمرد على أقدارها، عند منعطف ما، لن تتمكن من تقشير طبقات اللغة نحو البذرة الأولى كي تمهد التراب بما يليق بحياة حقيقة ستنمو في الضوء وأصعب ما ستواجهه في مسالك الكتابة إهمالك واقعة أو فكرة أو مكان والذهاب إلى منطقة أخرى من السرد تاركاً خلفك ضحايا بنصف رئة للتنفس وبكنوز مدفونة في جدار أو تحت رخام أرضية غرفة ما.

ودوَّن الروائي اللبناني عباس بيضون شهادته قائلاً فيها: {لمن لا يعرفني أنا شاعر قبل أن أكون روائياً، لكني شاعر قصيدة النثر التي يمت اسمها إلى النثر بقدر ما يمت إلى الشعر، ويمكن لذلك أن نجد لها صلة بالسرد ظاهرة في قصائد أول شعرائها بودلير وألوزيوس برتران، كما هي حاضرة في أعمال منظريها فرنسواز برنار على سبيل المثال}.

وتابع: {يمكن لشعرية السرد أن تكون في الأسلوب الذي يوازي الشعر حين يقصد إلى حقائقه بقوة الحدس والتركيز العميق والتصفية الذكية واللماحة والأسلوب يوازي الشعر، حين يثقل اللمح الذي هو استبصار وحدس بشيء يسبق الحقيقة أو يوحي بها، فالسرد يوازي الشعر في الشخصيات التي لا يعوزها، في دواخلها المفارقة والازدواج والتمايز والملكات التي تمت إلى الشعر}.

الروائي الفلسطيني إبراهيم نصرالله سأل في شهادته: {هل تستطيع الرواية رؤية الأشياء حقاً إن لم تتمرد عليها}، وما الذي يعنيه القبول بالمنجز الجاهز سواء كان حدثاً روائياً أو شكلاً فنياً غير أنه سيسلبها السبب الأول لوجودها والقائم في معنى التجاوز والحوار مع الأشياء لا الاستسلام المسبق لها؟ يؤكد نصرالله اكتشافه أن عدد الشهادات التي يجمعها الكاتب كما حدث معه في الإعداد لكتابة {الملهاة الفلسطينية يمكن أن يتحول إلى عبء كبير على نصه، فجمال الحكاية قد يغوي الكاتب لإدراجها داخل روايته بغض النظر عن أهمية هذه الحكاية للسياق العام، حتى تتحوَّل في النهاية إلى جامع الحكايات.

يختم نصر الله بأن أصعب ما في الحكاية الفلسطينية أن عليك أن تكون ضد الذاكرة الجاهزة والصورة القارة في ذهن الناس عنها، بمعنى أنك تكتب لتكون أحياناً ضد الذاكرة الجاهزة كي توجد ذاكرة فنية أي أن تحرر الشاهد من شهادته وأنت تلقي بزوائدها وتقوجها لمعناها وتحرر نفسك ككاتب، لأنك لست في النهاية مدون أحداث وسير.

back to top