ما هو المشهد الذي سيتبدى في الاجتماع المقبل لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) عقب التقارب والاتفاق الإيراني ومجموعة دول (5+1) حول نشاط طهران النووي ورفع الحظر الاقتصادي عنها؟ لاسيما وسط تصور البعض أن الاجتماع سيكون أكثر أهمية من سابقه، مع استبعاد حدوث أي مشكلات قد تؤدي إلى فقدان المنظمة مكانتها وأهميتها في المحافظة على التوازن في أسواق النفط. ولاستشراف ما سيكون عليه المشهد خلال اجتماع «أوبك» المقبل، التقت «الجريدة» مجموعة من خبراء النفط وإليكم التفاصيل:

Ad

في البداية، قال الكاتب والمحلل النفطي المستقل كامل الحرمي، إن الاجتماع المقبل لـ(أوبك) لن يتغير فيه أي شيء، وهناك رسالة واضحة للمنتجين من خارج المنظمة بأنكم متى ما خفضتم إنتاجكم - والمعنيان هما روسيا والمكسيك - فستقوم المنظمة بالتخفيض، مضيفاً أن إيران ستنتج المزيد من النفوط، لكن المشكلة قد تكون في تصريف هذه الكميات وتسويقها.

وقال الحرمي، إن (أوبك) على حق بحيث لا تستطيع بمفردها أن تتعامل مع هذه التطورات، وعلى الدول النفطية الكبرى من خارج أوبك، ومنها روسيا، مشاركتها أولاً في خفض الإنتاج، وإلا فإن حرب الأسعار ستستمر، ومعدل الخصومات سيكبر، وستحافظ كل دولة على حصتها السوقية بكل قوة، لافتاً إلى أن وقت التضحيات قد ولّى، وعلى الجميع المشاركة وبالتساوي. وأضاف، أنه على الرغم من عدم رضا أغلبية الأعضاء في البداية من قرار عدم خفض الإنتاج والإبقاء على معدل إنتاج 30 مليون برميل يومياً، أصبح الجميع مقتنعين الآن بأن رأي الأقلية كان سليماً ومناسباً، ولم يكن هناك من قرار بديل آخر.

وأوضح، أن الدول الأكثر تضرراً من قرار المنظمة النفطية هي ذات النفوط الأعلى كلفة، وعليها أن تخفض، أو أن تجبر على تعديل إنتاجها. وليس من المعقول أن هذه الدول تستفيد طوال الوقت من قرارات وتضحيات (أوبك)، ومن دون أي كلفة سوى زيادة في مدخولاتها المالية وحصولها على حصص سوقية أكبر.

وذكر الحرمي أن دور (أوبك) ما زال قوياً ومتماسكاً، وهذا هو الدور الأهم للمنظمة البترولية، مشيراً إلى أن الأسعار لن تتحسن وستظل عند المعدلات الحالية ما بين 55 و60 دولاراً لفترات طويلة إلى أن تخفض الدول ذات التكلفة العالية إنتاجها، وتنخفض في الوقت نفسه الكميات الهائلة من المخزون النفطي والتخمة النفطية التي تملأ كل خزان نفطي، والتي قد تزيد الآن على 5 ملايين برميل.

أمن الطاقة

من جهته، قال الخبير النفطي محمد الشطي، إنه لا يمكن تخيل العالم من دون توفر من يقوم بدور أمن إمدادات الطاقة واستقرار الأسواق والأسعار، مضيفاً أن (أوبك) تمتلك احتياطيات نفط ضخمة تقوم بدور صمّام أمان للسوق النفطي، مع التشديد على أن العالم يحتاج لـ (أوبك).

وأضاف الشطي، أن (أوبك) مرّت وتمرّ بفترات تظهر متغيرات جديدة، وفي السابق كان يقابل الفائض في السوق ارتفاع الطلب بشكل يستوعب أي اختلال فيه عبر السنوات، وتاريخياً أظهرت (أوبك) نجاحاً كبيراً وتغلبت على العديد من التحديات وحافظت على تماسكها.

وأوضح، أن التحدي الحالي كبير ومعقد من ناحية ظهور طفرة النفط الصخري، وبالتالي وجود فائض في السوق، ومن جهة أخرى بتعافي الإنتاج في كثير من بلدان (أوبك) والتي كانت تعاني مشكلات جيوسياسية أو تقنية، كما أن معدل تنامي الطلب على النفط يشهد اعتدالاً. وأوضح، أن التحديات الجديدة رغم صعوبتها، لكن (أوبك) ستتغلب عليها لأن مصالح أعضائها هي في استمرار المنظمة وحدة تتحرك بانتظام لمصلحة شعوبها. وذكر الشطي أنه مرت على العديد من دول (أوبك) مشكلات جيوسياسية لكنها لم تؤثر أبداً على القرارات، مبيناً أن اجتماع (أوبك) المقبل سيكون مهماً ونقلة نوعية في إثبات المنظمة أنها منظمة متماسكة يهمها استقرار الأسواق.

رفع حصة إيران

من جانبه، قال خبير اقتصادات الطاقة مشعل السمحان، إن إيران تريد الآن أن تدعم اقتصادها داخل (أوبك) من خلال رفع حصة إنتاجها والعمل على دعم أسعار النفط عبر المنظمة، بحث تدعو إلى تخفيض إنتاج المنظمة ولو 500 ألف برميل يومياً، وهذا الأمر يعطي دعماً للسوق، خصوصاً أن هناك من سيؤيد طلب إيران بهذا الأمر مثل فنزويلا التي تعاني مشكلات اقتصادية كبيرة بسبب انخفاض أسعار النفط.

أما عن احتمال حدوث نوع من التصادم في الاجتماع المقبل، فأفاد السمحان، أن إيران «عودتنا على أنها اللاعب السياسي الأقوى في المنطقة، وأعتقد أنها لن تدخل في أي تصادم الآن حيث ستخسر جولة في المعركة، إنما ستسعى إلى الحفاظ على وجود (أوبك) وإن حاولت أطراف أن تفرط عقد المنظمة، فستلتزم هي الحكمة، وستصارع في أن تكون (أوبك) داعمة لاقتصادها».

وذكر أن إيران عانت في الفترة الماضية وسوف تتجه الآن إلى اتخاذ خطوات اقتصادية عبر بوابة إعادة الحياة إلى الصناعة والتجارة الإيرانية، وتحديداً مع الدول الآسيوية وتركيا، والبوابة الأخرى ستكون عبر الإيرادات النفطية، لكن ستواجه مشكلات في أسواق النفط على المستوردين السابقين، وبالكميات نفسها وستحارب من أجل عودتها، كما ستواجه معضلة انخفاض أسعار النفط والتي لا تخدم اقتصادها، وستسعى إلى الاعتماد على التبادل التجاري والصناعي الموسع وبالتحديد مع الصين.