في توقيت انعقاد دورة «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» السادسة والثلاثين (-9 18 نوفمبر 2014) التي افتتحها وزير الثقافة المصري د. جابر عصفور، وبينما كان الاحتفال بتكريم المخرج الألماني فولكر شوليندورف، الباحث المغربي نور الدين صايل والنجمة نادية لطفي، حضر نبيل بن عبد الله وزير الإسكان المغربي وممثل جلالة الملك المغربي محمد السادس إلى مسرح مدينة الداخلة السياحية، في منطقة الصحراء المغربية، ليفتتح دورة مهرجان الداخلة السينمائي الخامسة (-9 13 نوفمبر 2014)، ويُشارك رئيس المهرجان شرف الدين زين العابدين في تسليم الدروع التكريمية للنجم المصري محمود عبد العزيز، الفنانة المغربية تريا العلوي والمنتج التونسي نجيب عياد.

Ad

مشهد يُعيد إلى الأذهان أزمة عاصفة احتدمت بين مديري المهرجانات السينمائية الكبرى في العالم العربي؛ مثل: {القاهرة، مراكش، دبي، أبو ظبي}، وكانت سبباً في تضاربها بعدما أصرت إدارة كل مهرجان على إعلان {الاستقلال التام أو الموت الزؤام}، واختارت مواعيد تكاد تتطابق مع دورات مهرجانات أخرى، ما تسبب في ارتباك لم ينجُ منه أحد؛ فعلى صعيد الأفلام التي تمثل لب أي مهرجان، أصابت الحيرة شركات الإنتاج والتوزيع، وأصبح على إداراتها تحديد خياراتها بدقة، والمفاضلة بين مهرجانين لا يمكن إسقاط أحدهما من الحسبان، وكانت تُسفر الحيرة عن خيبة أمل الجمهور الذي يفاجأ بأنه محروم من الاستمتاع بباقة أفلام جميلة، لأنها ذهبت إلى مهرجان منافس، بينما يجد المخرج نفسه مُجبراً على تفضيل مهرجان على حساب آخر برغم أنه يؤثر أن يعرض فيلمه في المهرجانين، في حال إقامتهما في موعدين منفصلين!

في المقابل لم تكن لجان التحكيم تعاني أزمة؛ نظراً إلى وفرة العناصر الفنية وكثرة الكفاءات التي تغطي لجان تحكيم المهرجانات التي تُقام في التوقيت نفسه، فضلاً عن تطعيم غالبيتها بعناصر تمثل السينما العالمية، عكس الحال على صعيد الحركة النقدية السينمائية؛ فالنقاد الذين يعملون في النقد السينمائي بمهنية يُعدون على أصابع اليد، من ثم كانت الأزمة تتفاقم عندما تجد إدارات المهرجانات {المتداخلة} نفسها مُرغمة على دعوة أشخاص لا تخرج قائمة المدعوين عنهم، ويُصبح عليهم شد الرحال من مهرجان إلى آخر، بل يجد البعض نفسه مضطراً إلى الرحيل عن مهرجان قبل أن تُختتم لياليه ليلحق بمهرجان انطلق للتو، وكأنه جرّاح ترك مريضه فجأة من دون أن يستكمل الجراحة!

احتدمت الأزمة بين المهرجانات العربية {المتلاطمة} إلى درجة دفعت مديريها إلى منحها الأولوية، وكأنها ليست أزمة بل تظاهرة ثابتة يُقيمها المهرجان ويرعاها سنوياً؛ فمع كل مهرجان كنا نفاجأ باجتماع بين مديري المهرجانات السينمائية العربية بحجة الوصول إلى تنسيق يحول دون {التضارب}، بل ذهبوا إلى {كان} ليضعوا حلاً لخلافاتهم، وانتهت اللقاءات إلى فشل نتيجة تعنت البعض وعنجهية البعض الآخر، وعجز عن الوصول إلى لغة مشتركة، قبل أن يلوح بصيص أمل في الأعوام القليلة الماضية وتنجح إدارات مهرجانات كبرى مثل: دبي وأبو ظبي والقاهرة وقرطاج في التشاور بين بعضها البعض ومع {الاتحاد الدولي للمنتجين}، ما نتج منه اختيار {مهرجان أبو ظبي السينمائي} الفترة من 23 أكتوبر إلى مطلع نوفمبر لإقامة دورته الثامنة، واستقر {مهرجان القاهرة السينمائي الدولي} على الفترة من 9 إلى 18 نوفمبر لانطلاق دورته السادسة والثلاثين، في حين اختار {دبي} 10 إلى 17 ديسمبر لبدء أعمال الدورة الحادية عشرة.

المفارقة أن تياراً من السينمائيين، انضم إليه بعض النقاد، يرى أن تكدس المهرجانات السينمائية العربية في فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر (أكتوبر، نوفمبر وديسمبر) له جانبه الإيجابي المتمثل في ابتكار تفاعل وتنافس بين السينمائيين، وشركات الإنتاج، وإدارات المهرجانات نفسها، التي تسعى إلى الاستحواذ على أهم الأفلام، بهدف إقناع كبار الضيوف بالتوافد على بلدان المهرجانات وتفضيلها عن غيرها في ظل ما يُطلق عليه البعض {تكاملاً لا تنافساً}، بينما يرى آخرون في ما يجري على أرض الواقع في المنطقة العربية {حرباً أهلية} أو في أفضل الأحوال {حرب تكسير عظام}، وهي انعكاس لخلافات سياسية ضاربة في الجذور!