اليمن وحوار الرياض
لم أستمتع بقراءة كتاب يسلط الأضواء على السياسة الخارجية بقدر ما استمتعت بقراءة كتاب التغييرات والسياسة الخارجية لكريستوفر هيل، فعلى عكس ما هو متوقع من جمود أدبيات العلاقات الدولية ونظرياتها وهوس باحثي العلاقات الدولية بالتباهي بالمصطلحات المعقدة يأتي ذلك الكاتب، فيزيل الحواجز اللغوية المبالغ بها، ويكتب بلغة سهلة وجمل بسيطة.فيعرف هيل السياسة الخارجية بأنها التدويل المستمر لقضايانا وحياتنا اليومية، وبأنها مجموعة العلاقات الخارجية التي تتمتع بها الدولة المستقلة فتصبح لاعبا مستقلا.
ومن خلال صفحات الكتاب يأتي موضوع المنظمات الإقليمية ومستقبلها، والذي يهمنا كدول خليجية متمسكة بمنظومة مجلس التعاون وتتطلع للاتحاد.تعاني منظومة الخليج اليوم ارتدادا بسبب آثار الأزمات على دول الجوار الخليجي، والسبب في اعتقادي يعود إلى ظروف الجوار التراكمية، ولو عدنا إلى فترة انتهاء الحرب الباردة، وتحديدا إلى عام 1991، والتي لم تكن اعتيادية، فهي الفترة التي أعقبت حرب تحرير الكويت، لوجدنا أنها تزامنت مع موجات التغيير التي اجتاحت أغلب دول العالم، فرياح التغيير قد هبت آنذاك على شرق أوروبا والاتحاد السوفياتي السابق بعد تفككه، ودول أميركا الجنوبية أيضا، التي تسابقت مجتهدة نحو الحداثة رغبة في الالتحاق بالعالم المتطور. ولم تكن منطقتنا بمنأى عن عواصف التغيير، فدولنا الخليجية قد تفاعلت مع الحقوق السياسية للمرأة وإصلاح القوانين الانتخابية عام 2005، أما منطقة الشمال الإفريقي، فقد مرت بربيع عربي عام 2011، وتأثرت منظومة مجلس التعاون بالتغييرات المجاورة وتفاعلت معها بقضاياها. واليوم اختارت دول التعاون أن تمد يد العون لليمن الواقع على حدود المنظومة، والذي غفا وأفاق وهو يتطلع إلى الشراكة مع دول الخليج، وبات "على صفيح ساخن" مثقلا بقضايا تقع على كاهل وزراء خارجية دول الخليج، فأنجزوا عام 2012 المبادرة التوافقية وصاغوا معالم جديدة مقترحة للبيئة السياسية الخليجية وعلاقاتها بالدول ذات الحاجة الماسة للمساعدة الإنسانية والسياسية معا كاليمن وسورية، فهل تجدي المبادرة المطروحة باجتماع الرياض؟ والذي انعقد قبل أربعة أعوام، وهي المبادرة ذات المبادئ الخمسة، التي تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتحديد الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة لتسيير الأمور سياسيا وأمنيا واقتصاديا، والعدالة في اختيار الأطراف المعنية بوضع الدستور وإجراء الانتخابات.ما يراه اليمن اليوم رغم الظروف الداخلية هو وضع الثقة مرة أخرى بدول التعاون، وانتظار حوار الرياض القادم، ذلك الحوار الذي سيجمع الأطراف اليمنية مع محترفي الدبلوماسية من أهل الخليج، ومن يدري فقد تمتد المبادرة لتصبح مقترحا لسورية أيضا، مقترحا فقط ينتظر التحرك الدولي باتجاه سورية، لعله يحتوي السياسيين المخضرمين العرب ولا يرتكز على الدبلوماسيين الأجانب الجدد فقط، بعفويتهم وأخطائهم فهل نتعظ؟!كلمة أخيرة استطاعت الجامعات الخاصة أن تلزم الطلبة بالدخول بالهويات الطلابية، بل استحدثت نظاما لدخول القاعات الدراسية بالبطاقة الممغنطة أيضا، فتشكلت بذلك بيئة تعليمية سليمة، أما جامعة الكويت فالأبواب قد فتحت على مصراعيها دون حسيب أو رقيب، حتى شوهدت سيارات تعليم القيادة تتجول بين المباني، وأخرى استهدفت مضايقة الطالبات، فإلى متى؟!