تحبس القاهرة أنفاسها مع انطلاق المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد المصري، اليوم، وسط حضور دولي مكثف، واستعدادات أمنية مشددة، بعدما راهن نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي على المؤتمر لانتشال اقتصاد بلاده من التعثر.

Ad

يفتتح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم، المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد المصري، في مدينة شرم الشيخ، وتنتهي أعماله بعد غد، وسط حضور عربي ودولي واسع، بعد تأكيد وزارة الخارجية المصرية مشاركة وفود 90 دولة و25 منظمة دولية، يتقدمها عدد من الحكام وكبار المسؤولين العرب.

وينظر على نطاق واسع إلى المؤتمر الاقتصادي، الذي يحمل شعار "تنمية ودعم الاقتصاد المصري"، باعتباره فرصة حقيقية لانتشال الاقتصاد المصري من تعثره المستمر منذ ثورة 25 يناير 2011، في ظل ارتفاع معدلات البطالة، وزيادة قياسية في عدد السكان اقتربت بمصر من تخطي حاجز 100 مليون نسمة.

وبدا واضحا اهتمام القاهرة بإنجاح المؤتمر، عبر توفير كل عوامل النجاح له، بإصدار حزمة تشريعات خلال الأيام القليلة المقبلة لتيسير إجراءات الاستثمار، بينما فرضت قوات الجيش والشرطة إيقاعها على الشارع المصري باستحكامات أمنية مشددة، وانتشار مختلف القوات لتأمين البلاد خلال فترة انعقاد المؤتمر، وتحسبا لقيام أي جهة بأعمال إرهابية للتأثير سلبا على المؤتمر.

وعقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اجتماعا مع قيادات الجيش والشرطة المصرية أمس، لاستعراض تطورات الأوضاع الأمنية الداخلية، والاستعدادات والخطط التي أعدتها مختلف أجهزة الأمن لتأمين المؤتمر الاقتصادي، مشددا على ضرورة تحلي رجال الأمن بأعلى درجات اليقظة لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة، مؤكدا أن العمليات الإرهابية لن تزيد المصريين إلا إصرارا على بلوغ طموحاتهم من أجل بناء مصر المستقبل.

وبينما وصل رئيس الحكومة المصرية إبراهيم محلب إلى شرم الشيخ أمس الأول، للإشراف على الترتيبات النهائية قبل بدء المؤتمر، قال وزير الخارجية سامح شكري إنه تم التأكد من مشاركة وفود 90 دولة، منها 20 على المستوى الرئاسي، فضلا عن مشاركة وفود 25 منظمة دولية.

وتعتمد القاهرة بشكل أساسي على حجم دعم دول الخليج لإنجاح المؤتمر، ما ظهر جليا في حجم الحفاوة التي استقبل بها المسؤولون المصريون حكام الخليج، إذ دعمت السعودية والإمارات والكويت النظام المصري القائم على شرعية ثورة 30 يونيو، التي أنهت حكم جماعة الإخوان المسلمين، وتقدر حجم المساعدات الخليجية لمصر بنحو 12 مليار دولار.

وقال وزير الاستثمار المصري أشرف سالمان، لـ"الجريدة"، إن المؤتمر خطوة حقيقية نحو المستقبل، عبر التأسيس لاقتصاد مصري قادر على مواجهة الأزمات، مشددا على أن القاهرة أنهت حزمة من الإجراءات التشريعية لإنهاء مشاكل المستثمرين الأجانب، كاشفا عن وضع مجموعة من الحوافز سيتم طرحها خلال المؤتمر لتشجيع المستثمرين على ضخ أموال في مصر.

وأشار سالمان إلى أن الحكومة المصرية تعتزم تقديم الدعم الكامل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لإنعاش الاقتصاد المصري، إضافة إلى حزمة من المشروعات العملاقة، مضيفا: "مشروع محور قناة السويس سيحظى باهتمام خاص خلال جلسات المؤتمر، باعتباره كلمة السر في انطلاقة مصر الاقتصادية".

من جهته، كشف مصدر مصري رفيع المستوى لـ"الجريدة" عن المشروعات التي ستطرحها القاهرة خلال المؤتمر الاقتصادي، والتي تضم 6 مشروعات ضخمة، إضافة إلى قائمة تضم 54 مشروعا، من أبرزها مشروع واحة أكتوبر على مساحة 10 أفدنة بتكلفة تبلغ 150 مليار جنيه، إضافة إلى طرح الاستثمار في بناء محطات كهرباء عملاقة لسد العجز في هذا القطاع، فضلا عن محور قناة السويس الذي يضم مجموعة ضخمة من المشروعات لتحويل منطقة القناة إلى مركز لوجستي عالمي.

ضربة استباقية

ووسط استحكامات أمنية مشددة في القاهرة والمحافظات المصرية، عقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اجتماعا مع قيادات الجيش والشرطة المصرية أمس، لاستعراض تطورات الأوضاع الأمنية الداخلية، وكذلك الاستعدادات والخطط التي أعدتها مختلف أجهزة الأمن لتأمين المؤتمر الاقتصادي.

وشدد السيسي على ضرورة تحلي رجال الأمن بأعلى درجات اليقظة لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة، مؤكدا ان العمليات الإرهابية لن تزيد المصريين إلا إصرارا على بلوغ طموحاتهم من أجل بناء مصر المستقبل.

واستبقت الأجهزة الأمنية افتتاح المؤتمر بعمليات واسعة لضرب تجمعات التنظيمات المسلحة، وأعلنت وزارة الداخلية المصرية أمس ضبط 75 من القيادات الوسطى لعناصر تنظيم "الإخوان المسلمين"، المتهمين في قضايا أعمال العنف والتحريض عليه، إضافة إلى ضبط أحد عناصر تنظيم الإخوان القائم على إدارة صفحة "العقاب الثوري"، بموقع فيسبوك، بالإسكندرية، والتي تحرض على أعمال عنف ضد الشرطة.

وتأتي التحركات الأمنية المكثفة في القاهرة والمحافظات خشية محاولات قوى متطرفة إفشال المؤتمر عبر سلسلة من التفجيرات، آخرها تفجير عبوة ناسفة أمام البنك التجاري الأميركي بمدينة السادات في محافظة المنوفية، بينما انفجرت ناسفة أخرى أمام محكمة مركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، وانفجرت ناسفة ثالثة أمام مجمع محاكم الأقصر جنوب مصر، ولم تسفر تلك الانفجارات عن وقوع قتلى أو جرحى.

ونجحت قوات الشرطة في التعامل مع بعض العبوات الناسفة، إذ تم إبطال مفعول قنبلتين بالقرب من مقر مجلس الوزراء وسط العاصمة المصرية، بينما نجحت قوات الحماية المدنية في تفجير إحداهما باستخدام خراطيم المياه.

وفود

إلى ذلك، تواصل الوفود العربية والدولية التوافد على مصر للمشاركة في المؤتمر، ويترأس ولي العهد السعودي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وفد السعودية المشارك في المؤتمر، وقال السفير السعودي بالقاهرة أحمد قطان، في بيان، إن ولي العهد سيترأس وفدا رسميا رفيع المستوى يضم مجموعة من الوزراء وعددا من كبار رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين، ويعد المؤتمر في حد ذاته من بنات أفكار الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.

وكان ولي عهد أبوظبي وزير الدفاع الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان وصل إلى القاهرة أمس الأول، حيث استقبله الرئيس السيسي، قبل أن يعقدا جلسة مباحثات مشتركة، إذ أكد بن زايد موقف بلاده الراسخ من دعم مصر سياسيا واقتصاديا، وتأييد حق الشعب المصري في التنمية والاستقرار والنمو، مشددا على أن مصر تعد ركيزة للاستقرار وصمام أمان في منطقة الشرق الأوسط.

وفيما أعلنت وزارة الخارجية الألمانية مشاركة وفد برئاسة وزير الاقتصاد والطاقة الألماني زيغمار غابريال، استبقت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد مشاركتها في المؤتمر الاقتصادي بالإشادة بالحكومة المصرية، مؤكدة في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن مصر تواصل التحرك في الاتجاه الصحيح، داعية القاهرة إلى المثابرة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، مرحبة بالإجراءات الحكومية الأخيرة في المجال الاقتصادي.