«بشخطة» قلم
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
مرة أخرى، لم يرق لهم وضعه الجديد، فهم وإن كانوا قد نقلوه ومزقوا وضعه كمواطن بهوية تتأرجح على كف عفريت، إلا أنه ظل مزعجاً عندهم، في آرائه، في فكره السياسي، في معتقداته الذاتية وحقة البسيط في التعبير عنها، ومثله حسب تصنيفهم يجب ألا يكون له رأي في أي قضية خاصة بنا، "نا" تعنيهم، أبناء البلد، لكن ليس كل هؤلاء الأبناء، بل بعضهم، أهل القرار ومن يدور في حلقاتهم الرفيعة... ومن جديد... قرروا وحكموا بحكم من دون شرعية الحق أنه لا يستحق أن يكون جسدياً هنا… حاصروا مكانه، أغلقوا المنافذ، رصوا سياراتهم السوداء الكئيبة عند أطراف الشوارع، كي لا يتملص من قبضتهم، أمسكوا به، زينوا يده بأساور الظلم، غطوا عينيه، كي يغرق في أعماق ظلامهم وظلمهم، حشروه بالمقعد الخلفي، بساتر حديدي يفصله عن المقاعد الأمامية للساهرين على أمن البلاد من جماعات شعار "كل من تسول له نفسه" وقذفوا به جنوباً، خارج المكان، خارج وطنه… أراهم يحدثون أنفسهم ساخرين: "عتوي وقويناه"... العتوي هو ذكر القطط، بلهجة أهل الديرة، هي التي احتضنته عقوداً منذ ولادته، ثم لفظته بحكم "هم" قطاً مزعجاً… بقرار "هم"، بشخطة قلم...! هل رأيتم كيف يمكن ترحيل البشر هنا، بدولة المركز الإنساني العالمي، من خانة المواطنة إلى خانة اللامواطنة، ومن صنف البشرية إلى صنف القطط السائبة؟… كل ذلك يتم بشخطة قلم... التي فعلت العجب بمواطن حر، كان صحافياً وكاتباً وناشطاً سياسياً، اسمه سعد العجمي... أصبح عندهم في سخريتهم المرعبة قطاً "غير مرغوب فيه"... من أين يأتي لنا يقين الأمن والثقة بالمستقبل، في زمنهم المرعب، إن كنا، مرشحين أن نكون قططاً سائبة في سككهم الضيقة... متى قرروا "هم" بشخطة قلم؟!