موسم الجمعيات العمومية يجري في هذا الوقت من السنة، فتجتمع فيه بعض أكبر الشركات في العالم لإخطار المساهمين وإجراء حوار معهم، وخلال الشهرين القادمين ستتحدث سلسلة من الشركات عما أثر في أدائها خلال العام المنصرم، والقرارات التي اتخذتها مجالس الإدارة فيها.

Ad

لقد كانت تلك الاجتماعات تعقد في الماضي بدون جلبة، وكان الناس لا يهتمون كثيرا بها في معظم الأحيان، لكن الأمر تغير خلال العامين الماضيين، فالاقتصاد المتدهور واتساع انعدام المساواة حفزا المزيد من الناس على أن يصبحوا مهتمين بشكل أكبر بنشاطات الشركات وأولئك القائمين على إدارتها، وبهذا التغيير اتسع الاهتمام إلى ما هو أبعد من الرؤساء التنفيذيين والفرق التنفيذية ليصل إلى أولئك الذين كانوا موجودين في السابق في صندوق أسود: أعضاء مجالس إدارة الشركات.

وبدأ المساهمون وغيرهم سنة 2012 بتسليط الضوء على مجالس الإدارة، وبدأوا يستفهمون عن قراراتها ونشاطاتها وأعضائها، وهكذا بدأ ربيع المساهمين، إذ تعب الناس من أعضاء المجلس الذين لا يسمعون ويعملون في غرف عازلة للصوت، فيبدو أنهم يتجاهلون الحقائق الاقتصادية والمزاج الشعبي، وأرادوا مواجهة أولئك الذين يقررون الرواتب الخيالية للتنفيذيين أو يعتمدون قرارات الشركات بالتلاعب المعقد للضرائب، وأراد الناس أن يعرفوا ما إذا كان أعضاء مجلس الإدارة يقومون بواجبهم أو يجلسون في مقاعدهم فقط ويتقاضون أجرا جيدا.

لقد كان العديد من الشركات ومجالس الإدارة تأمل أن ينقضي هذا الاهتمام المتزايد بسرعة، لكن عوضا عن ذلك وصل هذا الاهتمام إلى مرحلة النضوج، واستمر السخط بالتصاعد، والآن لا يريد المستثمرون والموظفون والسياسيون والناس بشكل عام أن يعرفوا أجور التنفيذيين فحسب بل التناقض المذهل بين ما يجنيه أكبر وأصغر موظف في تلك الشركات، كما يريدون أن يعرفوا ما تفعله الشركات من أجل التعامل مع التغير المناخي، وما إذا كان لدى تلك الشركات مسؤولية اجتماعية، وكيف تتصرف في مناطق الصراعات، وغير ذلك الكثير.

إن أولئك الذين يطرحون الأسئلة لم يعودوا قانعين بالاحتجاج في الخارج، فلقد أصبحوا أكثر إدراكا لكيفية توصيل وجهات نظرهم وشراء الأسهم والكلام من خلال المايكروفون ومواجهة أعضاء مجلس الإدارة، وذلك حتى يتم تضمين أسئلتهم في محضر الاجتماع الرسمي، وهم الآن يضغطون على المستثمرين الكبار في الشركات من أجل مساءلة أعضاء مجلس الإدارة كذلك.

فالأسئلة التي تُطرح والتصريحات التي يدلى بها يمكن أن تكون طويلة بشكل يزيد على الحد، لكن الكثير منها شرعي ومهم في تذكير مجالس الإدارة بأنه يتوجب عليها خدمة النظام البيئي الكامل للشركة، أي المستثمرين والموظفين والزبائن والمجتمع على حد سواء، وفي واقع الأمر فإن تلك الاجتماعات المفتوحة تذكرنا بأنه يتوجب على أعضاء مجلس الإدارة أن يُسأَلوا الأسئلة الصعبة طيلة السنة بدلا من الموافقة التلقائية على اقتراحات الإدارة أو الذهاب فقط لمجرد التواصل مع الآخرين.

وبينما اكتسبت حركة مساءلة مجالس الإدارة اهتماما أكبر، تبنت بعض الشركات أساليب جديدة للدعوة لعقد الاجتماعات السنوية للمساهمين، فقد كانت تلك الاجتماعات في السابق اجتماعات رزينة ورسمية إلى حد كبير، فالإدارة العليا للشركات تشرح للمستثمرين وأعضاء مجلس الإدارة شكليات تقديم التقارير خطوة بخطوة، وتقديم النتائج وتلقي الأسئلة، وبعد ذلك يتم التصويت وينتهي الاجتماع، وكان يتم تقديم الشاي والقهوة والبسكويت، ولكن بدون تقديم أشياء فاخرة.

لكن في السنوات الأخيرة صار هناك توجه إلى أجواء تشبه الكرنفالات، حيث تقوم الشركات بإحضار فنانين كبار وتحول المناسبة إلى احتفالات، وفي العام الماضي، وخلال الجمعية العمومية السنوية لشركة وال مارت، كانت هناك عروض فنية لهنري كونيك الابن، وروبن ثيك، وفارل ويليامز، وفي سنة 2013 كان هناك عرض فني للمغني آلتون جون.

على العكس من ذلك هناك شركات قد تحولت من النقيض إلى النقيض، وتبنت بشكل كامل الاجتماعات الافتراضية، فيجتمع مجلس الإدارة أمام كاميرا للتواصل بشكل مباشر عبر الإنترنت مع المساهمين، حيث يتلقى الأعضاء الأسئلة التي تم تقديمها في وقت سابق، ويتجنبون الاحتجاجات تماما، وفي هذا العام انضمت شركة "إتش بي" إلى شركات سبرينت ومارثا ستيورت ليفينغ أومنيميديا وتبنت هذا التوجه.

هناك فائدة من وراء عقد اجتماع بوجود عنصر افتراضي، فالأعمال التجارية عالمية، وهذا ينطبق كذلك على المستثمرين الذين بإمكانهم المشاركة دون أن يسافروا بالطائرة، ولكن عقد الاجتماع عبر الإنترنت بالإضافة إلى التواصل مع الجمهور بشكل مباشر يشكل مزيجا مثاليا، وبينما يمكن أن تجادل الشركات أن الاجتماعات الافتراضية تماما توفر الأموال- وهذا صحيح طبعا- فإن المستثمرين لا يحتاجون إلى روبن ثيك، فهم سيكتفون بوجود أرقام جيدة ومناقشات جادة وبسكويت جاف.

يجب على مجالس الإدارة والمديرين أن يأخذوا هذه الاجتماعات على محمل الجد، إذ إن جزءاً من المهمة هو مواجهة أولئك الذين لديهم شيء على المحك، وإن استضافة فعاليات مثل السيرك والاختباء خلف الكاميرات لن تمنع توجيه الأسئلة الصعبة، فتبوّء مقعد على طاولة مجلس الإدارة ينطوي على مسؤولية الوقوف شخصيا على هذا الجزء الحيوي من الوظيفة وبدون مرافقة موسيقية.

لوسي ماركوس | Lucy P. Marcus

* الرئيسة التنفيذية لشركة ماركوس فينتشر كونسلتنغ.

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»