يخت «المحروسة» يستعيد ذكريات افتتاح القناة
إبحار طويل من الخديو إسماعيل إلى الرئيس السيسي
فوق صفحة الماء، أمام قصر رأس التين الملكي في مدينة الإسكندرية الساحلية المصرية، يرسو اليخت الملكي "المحروسة" عملاقا في أبهى صوره، مختزلا نحو 150 عاما من تاريخ مصر الحديث، بفضل الرعاية المستمرة له من قبل القوات البحرية المصرية، باعتباره شاهد عيان على ذكرى مهمة في تاريخ مصر، هي افتتاح قناة السويس في عهد الخديو إسماعيل عام 1896.اليخت الذي يمثل تحفة فنية فريدة، يستعد الآن للإبحار مجددا، واستعادة مشاهد افتتاح القناة الجديدة في أغسطس المقبل، بعد أن بات مؤكدا، أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سيصطحب في هذا اليخت ضيوف مصر من ملوك وأمراء ورؤساء لافتتاح القناة الجديدة رسميا.
يقول الباحث محمود عزت، في كتابه "يخت المحروسة"، إن اليخت شيدته شركة "سامودا" الإنكليزية، بأمر من الخديو إسماعيل عام 1865، لكي يستخدمه بشكل خاص في رحلاته الملكية، حيث اجتمعت فيه الفخامة الملكية مع العراقة الأوروبية، ويبدو أن إسماعيل لم يكن يدرك أن صفحات تاريخ مصر، ستتسع ليخته قدر اتساع أمواج البحر الهادرة له. ويبلغ طول اليخت 411 قدما، وعرضه 42 قدما وحمولته 3417 طنا، ومكون من بدن حديدي ومدخنتين، ومزود بـ 8 مدافع حربية طراز "أرمسترونغ"، ووصف تصميمه وقتها بـ"الأسطورة الحقيقية"، حيث لم يشهد التاريخ قبله بناء يخت بمواصفاته.أولى رحلات "المحروسة" كانت عام 1867 لقيادة الأسطول البحري المصري، لإخماد الثورة في جزيرة كريت اليونانية، ويعتبر اليخت شاهد عيان على انتهاء حكم ثلاثة من أبناء أسرة محمد علي في مصر، إذ نقل الخديو إسماعيل للإقامة في إيطاليا بعد عزله عام 1879، ونقل الخديو عباس حلمي الثاني إلى تركيا عام 1912، حيث منع من العودة بأوامر سلطات الاحتلال الإنكليزي، إضافة لرحلته الأشهر في 26 يوليو 1952، حيث أقل الملك فاروق وأسرته للإقامة في إيطاليا عقب ثورة يوليو 1952 وتنازله عن العرش.الزعيم الراحل جمال عبدالناصر استقل اليخت في 10 رحلات خارجية، وأصدر قرارا بتغيير اسمه عام 1956 إلى "الحرية"، حتى قرر الرئيس الأسبق حسني مبارك، إعادة تسميته بـ"المحروسة"، عام 2000، وفي عهد الرئيس أنور السادات أبحر "المحروسة" خمس رحلات، وشارك في الافتتاح الثاني لقناة السويس في يونيو 1975، وفي 25 أبريل 1979 شارك في الاحتفال بتحرير سيناء، وأقل السادات في العام نفسه إلى ميناء حيفا في زيارة رسمية إلى إسرائيل، في إطار مفاوضات اتفاقية السلام بين البلدين. وتعتبر رحلة اليخت عام 1980 لافتتاح التفريعة الشرقية الجديدة لقناة السويس هي الأخيرة في عهد السادات.