سنّة العراق بلا أرض... والحوار معهم يتعرض للإلغاء
لم تعد لدى السنة مدينة في العراق بعد سقوط الرمادي. داعش يحتل معظم مدن السنة، أما القسم المتبقي فصار بيد المسلحين الشيعة بحكم منطق الحرب. وفي أسبوع واحد حصلت أشياء تكفي لعام كامل.فبعد أن دخلت داعش مركز محافظة الأنبار، قامت منظمة بدر بعقد صفقات سهلة انتهت بإقالة محافظ ديالى السني، وتعيين بديل شيعي عنه من أعضاء هذا التشكيل المسلح. وهكذا وبدون سابق إنذار جرى تعطيل نظام توافقي عمره 12 عاما في ديالى، ما يوحي بأن القواعد تتعرض لتغيير متسارع، دونما حاجة الى حوار أو تبريرات. وبعد هذا "الانقلاب" في ديالى كان الجميع أمام مفاجأة أخرى.
فقد تلقى محافظ نينوى أثيل النجيفي، أمرا من بغداد بنقل نحو 8 الاف متطوع من أهالي الموصل، من معسكر تدريب قرب أربيل أنشئ بالتنسيق مع البيشمركة وواشنطن وأنقرة وبغداد بالطبع، الى معسكر في تكريت، المدينة السنية التي حررها المسلحون الشيعة وظلوا يسيطرون عليها حتى الآن. لكن النجيفي رفض ذلك، لأنه يعني وضع الاف المتطوعين السنة تحت سيطرة الميليشيات الشيعية، ويعني أيضا نقل المتطوعين من مكانهم على مشارف نينوى، الى موقع قرب بغداد دونما تفسير معقول. وبدون أي نقاشات معلنة، سارعت حكومة حيدر العبادي بوضع لائحة اتهام من 12 بندا، وقدمتها الى البرلمان كي يصوت على إقالة محافظ نينوى، وهو ما حصل بالفعل حين صوت على هذا كل النواب الشيعة "نحو 180 نائبا".واذا قمنا بقياس الزمن السياسي بين لحظة تشكيل حكومة العبادي في سبتمبر الماضي، ونقطة سقوط الرمادي، فيمكننا القول إن كل الاتفاقات مع القوى السنية باتت برسم الإلغاء. ويكفي أن ننتبه الى أن المتفائلين بإمكانية الصلح بين الطائفتين، كانوا ينتظرون تسوية تسمح بعودة السياسي السني البارز رافع العيساوي، كشخصية براغماتية مؤثرة، قام رئيس الحكومة السابق نوري المالكي بطرده وملاحقته قضائيا، لكن الذي حصل هو العكس، حيث أضيف الى قائمة المطرودين أثيل النجيفي نفسه، ولعل القائمة مرشحة للزيادة! ويجري كل شيء وسط صمت من معتدلي الشيعة ومرجعية النجف الدينية الداعمة للاصلاحات، وغياب سياسي رهيب للعبادي نفسه منذ سقوط الرمادي، بينما تمتلئ وسائل الإعلام بتصريحات قادة الجماعات المسلحة الشيعية ومعظمهم شباب متحمسون بلا خبرة سياسية ومقربون على طهران، وهذه معادلة تخيف كل القيادات التقليدية للعمل السياسي في العراق، وتشيع مناخا بطعم الانقلاب على كل الأطراف، ينفذه حلفاء طهران الشباب والمتحمسون، ما يجعل بغداد تترقب الاسوأ في ظل غياب لأي مبادرة سياسية تخرجها عن الجمود المصحوب بنقض غير مفسر للاتفاقات. شمخاني: 3 خطوط إيرانية حمراء في العراقأكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أمس، أن بلاده لديها "ثلاثة خطوط حمراء بشأن العراق، وهي تهديد الحدود الإيرانية وتهديد بغداد وتهديد العتبات المقدسة".وأكد شمخاني أنه "لولا الدعم الإيراني لكانت أوضاع العراق مختلفة عما هي عليه الآن"، زاعماً أن "إيران تدعم الشعب العراقي بكل مكوناته وفئاته، شيعة وسنة عربا وكردا وغيرهم". وشدد على أن طهران لن تسمح بحدوث أي تهديد يستهدف حدودها، مشيراً إلى أن القوات العسكرية والأمنية الإيرانية "رصدت وأحبطت جميع التحركات الإرهابية قرب الحدود، وأبعدت الجماعات الإرهابية عن الحدود مئات الكيلومترات".في سياق آخر، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال استقباله منسق الائتلاف الدولي لمحاربة "داعش" جون آلن أمس، "أهمية مساعدة الدول للعراق في حربه ضد داعش، لأنه يخوض هذه الحرب لتخليص البلد والعالم". وجاءت زيارة آلن الى بغداد للتحضير لاجتماع وزراء خارجية دول الائتلاف الذي سيعقد في العاصمة الفرنسية باريس غداً. (بغداد ـــــ أ ف ب، د ب أ، كونا)