غداة إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه سيكلف رئيس الحكومة الحالي زعيم حزب "العدالة والتنمية" (إسلامي محافظ) أحمد داود أوغلو بتشكيل حكومة جديدة، قال زعيم حزب "الشعب الجمهوري" (اليسار القومي الاتاتوركي)، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، والذي حل في المرتبة الثانية بعد "العدالة والتنمية" في الانتخابات، إن مهمة تشكيل الحكومة الجديدة يجب أن تتولاها أحزاب المعارضة التي حصلت مجتمعة على الأغلبية في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من يونيو.

Ad

وقال زعيم "الشعب الجمهوري" كمال كيلشدار أوغلو في مؤتمر صحافي، إنه "من غير المقبول" أن يكون الرئيس رجب طيب إردوغان طرفا سياسيا رئيسيا أثناء المحادثات الخاصة بتشكيل حكومة ائتلافية، وإنه يجب أن يلتزم بالحدود التي ينص عليها الدستور.

والخلاف بين إردوغان وكيلشدار قد تجاوز كل الحدود، وذلك بعد أن اتهم الأول الثاني أكثر من مرة بأنه يدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد لأسباب طائفية، لأنه ينتمي الى الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الأسد.

وجاءت تصريحات كليشدار خلال انعقاد المجلس الحزبي لحزب "الشعب الجمهوري" من أجل مناقشة خيارات الحزب فيما يتعلق بالحكومة الائتلافية المنتظرة عقب الانتخابات.

ورأى كليشدار قبيل الاجتماع أن التوجه إلى انتخابات مبكرة يعد "مضيعة للوقت"، و"عدم احترام للإرادة الشعبية".

في سياق آخر، وجدت مؤسسة ماك التركية لاستطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيستعيد أغلبيته البرلمانية بنسبة تصل إلى 44 في المئة من الأصوات إذا ما أجريت انتخابات مبكرة.

وحصد الحزب 40.9 في المئة من الأصوات في الانتخابات، وهو ما يمنحه 258 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 550 مقعداً. وبهذه النتيجة خسر الحزب الأغلبية المطلقة بعد مكاسب قوية حققها حزب "الشعوب" الديمقراطي الكردي. وكان استبيان لمعهد "ايبسوس" أظهر نتيجة مماثلة.

وتستعد تركيا للعودة إلى حكومة ائتلافية بعد 13 عاماً من حكم "العدالة والتنمية" وسط آمال بغياب الفوضى والشكوك التي شابت مثل هذه الائتلافات في الفترة السابقة. وقبل وصول "العدالة والتنمية" إلى السلطة، شهدت تركيا ما لا يقل عن خمس حكومات وأربعة رؤساء حكومة خلال عقد واحد.

وقد تمكن بعضها من البقاء عدة أشهر. وساعد الانطباع الذي كان سائدا حول الفوضى، مع الصدمة الناجمة عن الازمة المالية عامي 2000-2001، على صعود "الإسلاميين".

ومن رموز تلك الفترة، شخصيات مثل بولنت اجاويد الذي توفي عام 2006 بعد شغل منصب رئيس الوزراء أربع مرات ابان سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي، بالاضافة الى مسعود يلماظ الذي تولى المنصب ثلاث مرات خلال التسعينيات.

وحمل كثيرون مسؤولية الأزمة المالية لائتلاف ذات قاعدة عريضة في ذلك الوقت بين يسار الوسط ويمين الوسط والقوميين.

وحاول الحزب اللعب على المخاوف إزاء حكومة ائتلافية معددا الانجازات التي تحققت في ظل حكومته "المستقرة".

ويعتبر عدد من المحللين أنه ليس هناك أي سبب دائم لتكون التحالفات ذات دلالات سلبية.

وقال سيركان دميرتاش، مدير مكتب أنقرة في صحيفة حرييت، إن "الائتلاف بالنسبة لحزب تركي يبقى مرادفاً للتنازلات، لكن القوى الصناعية الكبرى مثل ألمانيا تحكمها التحالفات منذ زمن طويل".

من جهته، قال مايكل هاريس، اختصاصي الشؤون التركية في رينيسانس كابيتال، ان النظام السياسي في تركيا ناضج بما فيه الكفاية للتعامل مع أي ائتلاف رغم التجارب السابقة.

وأضاف في تقرير حول الانتخابات أن "الائتلاف ليس أمراً يجب التخوف منه".

وقال معلقون موالون للحكومة، إن ائتلافا ضعيف الأداء يمكن أن يغري الناخبين بالعودة إلى خيار حكم "العدالة والتنمية".

وكتب ناجيهان الجي من صحيفة "الصباح": "ستكون تجربة مؤلمة، لكنها جيدة، لأنها ستعيد الى ذاكرتنا كيف كانت تركيا من دون حزب العدالة والتنمية".

(أنقرة - أ ف ب، رويترز، د ب أ)