أدلى الإسرائيليون أمس بأصواتهم لاختيار أعضاء البرلمان الجديد (كنيست) في انتخابات تبقى نتائجها مفتوحة على كل الاحتمالات، في حين تمثل هذه الانتخابات "معركة مصيرية" لرئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو الملقب بـ"بيبي" وتحالف "المعسكر الصهيوني" الذي يضم رئيس حزب "العمال" (يسار) إسحق هرتزوغ وزعيمة حزب "هاتوناه" (الحركة) (وسط) تسيبي ليفني.

Ad

وفتح عشرة آلاف مركز اقتراع أبوابه صباح أمس في مختلف أرجاء إسرائيل، حيث دعي 5.88 ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم لاختيار 120 نائباً من بين قوائم مرشحي 25 حزباً سياسياً.

ويقوم نظام الانتخابات البرلمانية في إسرائيل، التي يبلغ عدد سكانها 8 ملايين نسمة، على أساس التمثيل النسبي للفصائل السياسية. ويتعين على الأحزاب تجاوز نسبة 3.25 في المئة من عدد الأصوات للتأهل للحصول على مقعد في الكنيست.

ولم يحدث أن فاز حزب بأغلبية المقاعد منذ أول انتخابات أجريت في إسرائيل عام 1949.

إقبال وتأخير

وشهدت مراكز الاقتراع إقبالا كبيرا على التصويت، حيث بلغت نسبة التصويت منذ فتح أبواب المراكز حتى فترة الظهيرة 15 في المئة من إجمالي الناخبين، في حين شهدت بعض مراكز الاقتراع تلاسنا بين ناخبين ومسؤولي المراكز بسبب تأخر فتحها أمام الجمهور.

وتعد نسبة الإقبال على التصويت في الساعات الثلاث الأولى بعد فتح مراكز الاقتراع هي الأكبر منذ انتخابات عام 1999. وشهدت الفترة نفسها في الانتخابات الماضية عام 2013 إقبال 11.4 في المئة من الناخبين.

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن رئيس الكنيست السابق يولي إدلشتاين أعرب عن ارتياحه حيال نسبة الاقتراع العالية، متمنياً العودة إلى نسب التصويت العالية التي كانت إسرائيل تشهدها من قبل. وعادة ما تكون نسبة مشاركة الإسرائيليين في الانتخابات مرتفعة جدا وتتراوح بين 60 و80 في المئة.

نتنياهو يتعهد

من جهته، أدلى نتنياهو وزوجته سارة بصوتيهما بعد بضع دقائق فقط من بدء التصويت في السابعة صباحا بتوقيت إسرائيل في القدس. وسعى إلى إنقاذ شعبيته التي تراجعت مؤخراً أمام خصومه السياسيين وتعهد بعدم السماح بقيام دولة فلسطينية إذا أعيد انتخابه رئيسا للحكومة.

واستبعد نتنياهو تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم حزبه "ليكود" وتحالف "المعسكر الصهيوني" بعد الانتخابات، مؤكدا أن هوة عميقة تفصل بين القائمتين، وذلك في تصريحات له أثناء إدلائه بصوته.

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن نتنياهو رفض خلال حديث إذاعي الإفصاح عن هوية الشخصية التي سيسند إليها وزارة الدفاع حال فوزه في الانتخابات، قائلا إنه لا ينشغل بتوزيع الحقائب.

هرتزوغ  

في المقابل، قال هرتزوغ الذي يتزعم "المعسكر الصهيوني"، إنه يرغب في استبدال نتنياهو وتشكيل ائتلاف حكومي مستقر وقوي، لكنه لم يستبعد إشراك الـ"ليكود" في مثل هذا الائتلاف إذا كلف بتشكيله.

وقال هرتزوغ إن حكومة برئاسته ستعرف كيفية تحريك المفاوضات مع الفلسطينيين وصد إجراءاتهم أحادية الجانب. وأكد أن القدس ستبقى موحدة ضمن أي تسوية، وأن الكتل الاستيطانية الكبرى ستظل تحت السيادة الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه سيدعو جميع الأحزاب للانضمام إلى حكومته.

وتعني تصريحات هرتزوغ أنه يعتزم تشكيل حكومة وحدة مع أحزاب اليمين واليمين المتطرف، مثل "ليكود" و"ها بيت يهودي" (البيت اليهودي)، وذلك لأنه لن يتمكن من تشكيل حكومة تستند إلى أحزاب الوسط  واليسار، إذ إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن هذه الكتلة لن تصل قوتها إلى أكثر من 45 مقعداً في الكنيست.

تخوف صهيوني

في هذه الأثناء، يسود تخوف لدى "المعسكر الصهيوني" من حصول حزب "ييش عتيد" (هناك مستقبل) برئاسة يائير لبيد على كمية أصوات كبيرة وزيادة قوته في الكنيست عن توقعات الاستطلاعات، وذلك على حساب "المعسكر الصهيوني"، وأن من شأن ذلك أن يمنع هرتزوغ من تشكيل الحكومة المقبلة.

تنازل ليفني

وفي وقت سابق، أعلنت المرشحة الثانية في قائمة "المعسكر الصهيوني" تسيبي ليفني زعيمة حزب "هاتوناه" (الحركة) استعدادها للتخلي عن التناوب مع زعيم القائمة هرتزوغ على رئاسة الحكومة إذا أعاق ذلك استبدال نتنياهو وتشكيل حكومة جديدة.

وأوضحت ليفني لهرتزوغ أن التناوب لن يشكل عقبة في المفاوضات الائتلافية، وأن الأمر الأهم هو استبدال نتنياهو.

وجاء إعلان ليفني قبل 12 ساعة من بدء عملية التصويت، ضمن سلسلة خطوات يقوم بها "المعسكر الصهيوني" لضمان زيادة عدد مقاعده في الكنيست.

كما تهدف الخطوة، حسب مراقبين، إلى توسيع الفجوة بين "المعسكر الصهيوني" و"ليكود"، والتي تقلصت في اليوم الأخير في أعقاب المقابلات التي أجراها نتنياهو مع وسائل الإعلام.

عودة

من جهة أخرى، رافق العديد من أهالي مدينة حيفا وحي الكبابير، المرشّح الأول في القائمة العربية المشتركة، أيمن عودة، إلى صندوق الاقتراع للإدلاء بصوته. وقال عودة إن "اليوم هو يوم الجماهير العربية"، مضيفاً أن "الانتخابات فرصة تاريخية لنفرض هيبتنا وعزتنا".

وتوجّه عودة إلى المدرسة الأحمدية للإدلاء بصوته برفقة أبنائه وزوجته، وقال: "إنهم حاولوا إقصاءنا، رفعوا نسبة الحسم كي يخرجونا من دائرة الشرعية والتأثير، نحن توحدنا وسنكون أقوى مما مضى".

زعبي

من جهة ثانية، أدلت النائبة حنين زعبي بصوتها في الناصرة، وأكدت أن "نسبة التصويت في الناصرة سترتفع وفي كل قرانا ومدننا العربية، لأن الوحدة تعكس إرادة الناس، والناس طالبتنا بالوحدة".

وأضافت أن "الوحدة الوطنية قوة للمجتمع الفلسطيني، وأنا أعول على وعي الناس ومسؤوليتها الوطنية، الأحزاب الصهيونية تحث المواطنين الإسرائيليين على التصويت ورفع نسبة التصويت في الوسط اليهودي ليتنافسوا على القوة الثالثة أمام القائمة المشتركة. نحن الفلسطينيين سكان هذا الوطن الأصليين، وعلينا أن نكون واعين للعبة التي تحاك، ونرفع نسبة التصويت في البلدات العربية".

وتوقعت زعبي حصول القائمة المشتركة على 15 مقعدا، وأضافت: "نحن لا نتحدث عن نضال ومظاهرات فقط، بل نحن نحث المواطنين بأن يأتوا الآن ويصوتوا ويتحملوا المسؤولية الوطنية".

(القدس، رام الله ــ أ ف ب، رويترز، د ب أ)