استكمل الرئيس الأميركي باراك أوباما وضع استراتيجية للتعامل مع تعاظم خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش"، وأعلن أنه سيقدم بعد غد الأربعاء خطته للتحرك ضد التنظيم، مؤكدا أنه لن يرسل قوات أميركية إلى الأرض.

Ad

وأشار أوباما الى أن "المرحلة المقبلة الآن هي في الانتقال الى نوع من الهجوم"، موضحا أنه سيلتقي زعماء الكونغرس غدا الثلاثاء، "ويوم الاربعاء سألقي خطاباً أشرح فيه ما ستكون عليه خطتنا للتحرك".

وأكد الرئيس الأميركي في مقابلة تلفزيونية أن "تنظيم داعش يمثل تهديدا بسبب طموحاته بالتوسع في العراق وسورية. لكن الخبر السار الذي جاءنا من القمة الأخيرة للحلف الأطلسي، هو أن المجتمع الدولي في مجمله يدرك أننا إزاء تهديد تتعين مجابهته".

وردا على سؤال بشأن الاستراتيجية أكد أوباما أن الأمر "لا يتمثل في إرسال 100 ألف جندي أميركي"، مشددا "لن يكون بمثابة إعلان عن إرسال قوات اميركية على الأرض ليس أمرا مماثلا للحرب في العراق" في 2003، وأوضح "سنكون طرفا في تحالف دولي من خلال تنفيذ غارات جوية دعما لعمل ميداني للقوات العراقية والكردية".

وأضاف "سنضعفهم وسنقلص مساحة الأراضي التي يسيطرون عليها. وفي نهاية المطاف سننتصر عليهم"، معتبرا أن الأمر سيحتاج إلى موارد تفوق ما تخصصه واشنطن حاليا لهذه المنطقة.

وكرر أوباما الذي سيتزامن خطابه الأربعاء مع ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر 2001، أنه لا يملك حاليا معلومات تشير إلى تهديدات للأراضي الأميركية من تنظيم "الدولة الإسلامية". وأضاف "لكن إذا تمكن هؤلاء المسلحون الإسلاميون المتطرفون من السيطرة على أجزاء مهمة من الأراضي وتجميع موارد وأسلحة وجذب المزيد من المقاتلين الأجانب فإنه يمكن أن يصبح لاحقا تهديدا حقيقيا لواشنطن".

«الوزاري العربي»

إلى ذلك، هيمن ملف "داعش" أمس على اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة. ودعا مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية الى وضع استراتيجيات وطنية واقليمية لمواجهة التنظيمات "الارهابية" وخاصة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش).

وأعرب المجلس في قرار تبناه عن إدانته لـ"أعمال الإرهاب التي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية وتقويض كيانات بعض الدول العربية وتهديد أمنها وسلامة أراضيها ودعمه لجهود الدول العربية فيما يتخذ من تدابير لمواجهة الهجمات الإرهابية والتصدي لكل من يقف وراءها أو يدعمها أو يحرض عليها".

ودان الوزراء العرب "جميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف العراق وتقوم بها التنظيمات الإرهابية لاسيما (داعش) من جرائم وانتهاكات ضد المدنيين العراقيين".

وأكد القرار ضرورة "منع الإرهابيين من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من أموال الفدية والتنازلات السياسية مقابل إطلاق سراح الرهائن تنفيذا لقرارات مجلس الجامعة وقرار مجلس الأمن رقم 2133 في هذا الشأن مع التشديد على رفض ربط الإرهاب بأي دين أو جنسية أو حضارة بجانب تعزيز الحوار والتسامح والتفاهم بين الحضارات والثقافات والشعوب".

ودعا الدول العربية التي لم توقع أو تصادق على الاتفاقيات العربية في مجال التعاون الامني والقضائي إلى أن تبادر إلى ذلك بأسرع وقت ممكن، وبخاصة تلك الاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

كما دعا الدول العربية الى "المصادقة على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب وتطبيق بنودها دون إبطاء وتفعيل الآلية التنفيذية للاتفاقية". وطالب القرار جميع الدول العربية بتكثيف تبادل المعلومات عن الوقائع المتصلة بالإرهاب حسب الحاجة، ومواصلة الجهود لإنشاء شبكة للتعاون القضائي العربي في مجال مكافحة الارهاب. وحث الدول العربية على وضع استراتيجيات وطنية وإقليمية للوقاية من الإرهاب.

ورحب الوزراء باقتراح مصر بعقد اجتماع مشترك لمجلسي وزراء العدل والداخلية العرب لتفعيل الاتفاقيات الأمنية والقضائية العربية ودعوة الجهات المعنية في الدول العربية إلى المشاركة بكثافة في هذا المؤتمر.

وقدم العراق مذكرة إلى مجلس الجامعة العربية يطالب فيها بإصدار قرار من المجلس الوزاري يتضمن التأكيد على ضرورة "دعم العراق في مواجهة التنظيمات الإرهابية من خلال مؤازرة جهود الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب، وإدانة الجرائم والانتهاكات والاعتداءات التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية بما فيها (داعش) بحق العراقيين والتي تمثل جرائم حرب ضد الإنسانية وعمليات إبادة جماعية والتهجير القسري التي ارتكبها التنظيم وضرورة ملاحقة مرتكبيها ومحاسبة المسؤولين عنها".

وقال دبلوماسيون إن وزراء الخارجية العرب وافقوا خلال اجتماعهم في القاهرة على مشروع القرار العراقي.

وأفادت مصادر دبلوماسية أخرى ان الجامعة العربية ستوافق على مشروع قرار يدعم الخطة الأميركية لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية". ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية عن مصدر قوله إن الوزراء سيوافقون على التنسيق مع الولايات المتحدة.

وتتبنى الجامعة قرار مجلس الأمن الذي صدر الشهر الماضي ويدعو الدول الأعضاء "للتحرك للتصدي لتدفق المقاتلين الأجانب والتمويل وغير ذلك من الدعم للجماعات الإسلامية المتشددة في العراق وسورية". وقالت مصادر دبلوماسية إن دعم الجهود العراقية وقرار الأمم المتحدة يمكن قراءته على أنه تأييد ضمني للتحرك الأميركي حتى في حال عدم ذكر الولايات المتحدة في النص النهائي للقرار.

العربي

وكان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي دعا امس خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب الى ان يتبنى هذا الاجتماع قرارا "واضحا وحاسما لمواجهة شاملة عسكرية وسياسية" للارهاب المتمثل خاصة في تنظيم "الدولة الاسلامية".

وقال العربي: "المطلوب، في تقديري، هو اتخاذ قرار واضح وحاسم بمواجهة شاملة: عسكريا وسياسيا وفكريا واقتصاديا"، متابعا "عسكريا بالاستناد إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وسياسيا بمساعدة الدول الأعضاء على إرساء حكم القانون وتقوية مؤسسات الدولة، وفكريا وثقافياً باستئصال جذور التطرف من مناهجنا وإعلامنا، واقتصاديا بمواجهة المشكلات المزمنة في المجالات الاستراتيجية كالطاقة والأمن المائي والغذائي ومعالجة البطالة المتفشية".

كيري

وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري بحث في اتصال هاتفي مع العربي مساء أمس الأول التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش". وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية ان كيري والعربي "بحثا ضرورة ان تتخذ الجامعة العربية واعضاؤها موقفا قويا في التحالف الذي يجري تشكيله في مواجهة الدولة الاسلامية". وأضاف انهما "بحثا ايضا اهمية القيام بتحرك حازم لوقف تدفق المقاتلين الاجانب والتصدي لتمويل الدولة الاسلامية ومحاربة التحريض الذي تقوم به". واتفقا على ان "العراق في مقدمة المعركة ضد التنظيم وأن الولايات المتحدة والمنطقة والمجموعة الدولية يجب ان يتعاونوا لمساعدة العراق في مواجهة هذا التهديد".

طهران

في السياق، اعتبر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف امس ان الولايات المتحدة لم تكن "جدية كثيرا" حتى الآن في محاربتها للتنظيمات الاسلامية المتطرفة في العراق وسورية. وقال ظريف "لقد دعمت واشنطن تنظيم الدولة الاسلامية في سورية والآن تريد محاربته في العراق".

واعتبر الوزير الايراني انه "لا يوجد بعد فهم أميركي جدي لهذا التهديد كما لم يقم الاميركيون بعد بتحرك جدي" في هذا السياق.

(واشنطن، القاهرة - أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)