فقه التسامح بين عبدالله وسلمان
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
وعلى عكس ما تبدو عليه ثقافتنا من عنف ظاهري، وبالذات في الحقبة الحالية، فإن جذور التسامح وقبول الآخر حتى في فكرنا العربي الإسلامي لها أصولها، والتي سنفصلها لاحقاً، فمن «حلف الفضول» إلى «دستور المدينة أو الصحيفة»، إلى «صلح الحديبية» إلى فتح مكة و»اذهبوا فأنتم الطلقاء» إلى «العهدة العمرية» إلى «وثيقة فتح القسطنطينية». أما اليوم ومنذ تأسيس الدولة القومية في القرن السابع عشر فإنه لم يعد ممكناً قيام دولة ذات معنى، إلا على مبادئ التعايش السلمي وقبول الآخر والتسامح، وهو الذي بات جلياً في عصر ما بعد «الحرب الباردة»، وصار يعرف باسم العدالة الانتقالية، فجاء في خضم ذلك نموذج نيلسون مانديلا بعد سجنه ٢٧ سنة، وتسامحه مع سجانه أمام الإعلام، ومن ثم تأسيس مفهوم لجان الحقيقة والمصالحة التي أصبحت أهم وسيلة للدول التي دمرتها الحروب والكراهية والتطرف والعنصرية، للعبور إلى بر السلام.وهكذا مكننا اعتذار سلمان، حتى بعد خروجه من السجن، وتسامح عبدالله دون شروط، من إعلاء قيمة التسامح والاعتذار، كفضيلتين لا كنقيصتين، ونأمل أن تنمو تلك البذرة وتزهر خيراً لتصبح ظلاله وارفة، وتصبح هي القاعدة، وعداها استثناء، والحمدلله على كل حال.