الكويت... جدلية السلطة والثروة!
تظل الاستنتاجات التي وصل إليها الباحث د. أحمد العنزي في كتابه، الذي أقامه على فرضية مركزية محورية تقول بأن تطور تاريخ الكويت السياسي/ الاقتصادي حكَمته ووجهت مساراته، ولا تزال، جدلية الصراع حول السلطة والثروة، أقول إن هذه الاستنتاجات تظل محل نقاش وأخذ ورد، حالها حال أي اجتهاد بشري.
كان الباحث المجتهد د. أحمد العنزي، قد أهداني مشكوراً في بداية الشهر الفائت كتابه المعنون "الكويت، جدلية السلطة والثروة" الصادر عن دار "مسعى" للنشر والتوزيع، وهو الكتاب الذي علمت لاحقاً بأنه قد جرى منع تداوله في معرض الكويت الدولي للكتاب الذي أقيم في أواخر الشهر الماضي. لم أكن قد قرأت الكتاب حينئذٍ لكثرة الكتب المصطفة على الرف في انتظار حلول دورها للقراءة، ولكن حكاية المنع أثارت فضولي وشهيتي ودفعتني إلى تقديمه في ترتيب القراءة، (أليست هذه فائدة المنع؟!)."الكويت، جدلية السلطة والثروة"، كتاب مختصر يقع في قرابة المئة والخمسين صفحة فقط لا غير من القطع المتوسط، لكنه كثيف جداً بما احتواه من أفكار خارجة على السائد المألوف عند الحديث عن "التاريخ السياسي" للكويت، أو سأقول عند "الكتابة" عن هذا التاريخ. أقول ذلك لأنه على الرغم من أن الباحث استند في إعداده لكتابه المرّكز بأفكاره، الرشيق بعدد صفحاته، على مصادر متوافرة متاحة للراغبين في المعرفة، سواء بنسخ ورقية أو إلكترونية، إلا أنه امتاز بشجاعته في الربط والتحليل والاستنباط والاستنتاج، وصولاً إلى نتائج وتصورات جريئة من شأنها أن تجعل القارئ النابه يعيد النظر من زوايا استقراء ورصد أخرى إلى ذات الأحداث التاريخية التي قد يكون يعرفها.بطبيعة الحال، تظل كل الاستنتاجات التي وصل إليها الباحث د. العنزي في كتابه، الذي أقامه على فرضية مركزية محورية تقول بأن تطور تاريخ الكويت السياسي/ الاقتصادي حكمته ووجهت مساراته، ولا تزال، جدلية رئيسية هي جدلية الصراع حول السلطة من جهة والثروة من جهة أخرى، أقول إن كل هذه الاستنتاجات تظل محل نقاش وأخذ ورد، حالها في ذلك حال أي اجتهاد بشري في مجال العلوم الإنسانية، لهذا فإن التعامل الموضوعي السليم مع مثل هذا الكتاب وغيره مما يشابهه من المؤلفات الفكرية الرصينة، يقتضي الرد العلمي الفكري بهدف التصحيح والتفنيد، انطلاقاً من قاعدة أن "الفكر لا يواجَه إلا بالفكر"، هذا في حال وجود اعتراض على صحة ما ذهب إليه الباحث، أمّا طريقة "المنع" الجذري من التداول، فلا شك أنها تحمل في طياتها إقراراً ضمنياً بصحة ما جاء في الكتاب بشكل من الأشكال.على أية حال، وعلى الرغم من المنع، فلا شك عندي أن الراغبين في قراءة الكتاب سيجدونه بألف طريقة وطريقة، فإن لم يحصلوا عليه ورقياً مطبوعاً في المكتبات المحلية، فسيجدونه في مكتبات الخارج، وإن لم يجدوه بهذه الصورة فسيجدونه بصورة إلكترونية من خلال شبكة الإنترنت القاهرة للحواجز والموانع والحدود الجغرافية والسياسية والفكرية.رسالة مختصرة أخيرة إلى المؤلف د. العنزي، وبعد الإشادة غير المتحفظة بجهده البحثي المتميز المبذول في هذا الكتاب، وهو الذي جاء ليلبي حاجة حقيقية في المكتبة التاريخية السياسية الكويتية، أن يمر كتاب "الكويت، جدلية السلطة والثروة" قبل الشروع في إعداد "الطبعة الثانية" على جولة أخرى من التدقيق اللغوي، وذلك لأنني وقعت على بعض الهنات البسيطة هنا وهنا، والتي أظنها قد فاتت على جولة التدقيق اللغوي الأولى، وسيكون من الرائق حقاً تشذيبها وتهذيبها.