حذر رئيس وحدة السكري في مستشفى الأميري، د. عبد النبي العطار، الكويتيين من الوقوع فريسة للإعلانات غير المسؤولة لدول تدعي قدرتها على علاج مرض السكري بالخلايا الجذعية، مؤكدا أن هذا الكلام عبارة عن «تهريج ودجل» وغير مقبول طبياً وغير صحيح على الإطلاق.

Ad

وأكد العطار في حوار لـ«الجريدة» أن كثيرا من الكويتيين ذهبوا لهذه الدول وصرفوا أموالاً تزيد على 7 آلاف يورو لعلاج «السكري» بالخلايا الجذعية وعادوا من غير الحصول على نتائج محققة.

وقال إن السكري «غول ينهش في المجتمع الكويتي»، مشددا على أنه بالإمكان تحجيم مشكلته في الكويت بالتعاون والتكاتف بين جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية، مشيرا إلى أن الكويتي يأكل مرتين ونصف المرة أكثر من المعدل العالمي ونسبة حركته قليلة جداً، ومن ثم يصاب بالمرض.

 وأوضح أن التنسيق بين وحدات السكري في المستشفيات وبين مراكز الرعاية الصحية الأولية موجود، ولكنه ليس على المستوى المطلوب، مشيرا إلى أن هناك محاولات للربط الإلكتروني بين الجانبين لكنها أيضا ليست على مستوى الطموح.

وأضاف أن ربع الكويتيين مصاب بالسكري بنسبة تقدر بـ23 في المئة. وإلى تفاصيل الحوار...

• ما أسباب اختلاف النسب والأرقام عن مرض السكري في الكويت؟

_ تتفاوت النسب نتيجة بروز إحصاءات جديدة كل سنة، وهذه النسب لا تتعلق بالكويت فحسب بل بدول العالم كافة، حيث تصدر رابطة السكري العالمية بيانات وإحصاءات كل عام حسب انتشار السكري في كل بلد، ولا أجد أهمية في اختلاف النسب والأرقام، ولكن المهم هو أن انتشار المرض بالكويت في تصاعد وزيادة، حتى لو كنا في المرتبة العاشرة دوليا، فإذا كنا في إحدى السنوات بالمركز التاسع ونزلنا للمركز السادس أو السابع فهذا ليس معناه أن نسبة السكري في الكويت قلت، ولكن هذا يعني أن هناك دولا صعد وانتشر المرض فيها بشكل أكبر.

ما تمر به الكويت في ما يتعلق بالسكري واقع مؤسف ومرير، كما هو الحال في جميع دول الخليج الأخرى. فالحقيقة أن دول مجلس التعاون الست تأتي ضمن الدول العشر الأكثر إصابة بالسكري على مستوى العالم. وينتشر المرض في الكويت بشكل كبير. وتشير التقديرات إلى أن ربع الكويتيين مصابون بالسكري أي أن 23 في المئة من الكويتيين مصابون بالسكر، وهذا ليس مدعاة فخر أو اعتزاز.

أما أنواع السكري فهي السكري من النوع الأول، الذي يصيب الأطفال، والسكري من النوع الثاني الذي يصيب الكبار، إلى جانب سكري الحمل الذي يصيب السيدات الحوامل أثناء فترة الحمل، وكل نوع له طبيعته، والأكثر انتشارا هو النوع الثاني. وهناك أسباب للإصابة بالمرض منها ما يتعلق بالعامل الوراثي أو الجيني، وهناك عوامل بيئية وأهمها تنامي ظاهرة السمنة في المجتمع الكويتي وتنازل السعرات الحرارية بالشكل الزائد عن المطلوب، إضافة إلى قلة النشاط البدني بين الكويتيين. وقد لا تكون تلك الأسباب الوحيدة في الإصابة بالمرض، فالكويتي يأكل مرتين ونصف المرة أكثر من المعدل العالمي، ونسبة حركته قليلة جدا، والكويت تأتي في المرتبة الأولى عالميا من حيث الإصابة بالسمنة، وهناك ارتباط عضوي بين السمنة والإصابة بالسكري، حتى بتنا نشاهد أن الأجيال الجديدة في سن الطفولة عبارة عن أكياس دهون من تنامي ظاهرة السمنة وزيادة الوزن التي يعانيها أطفالنا. كما أن ثقافة الـ"فاست فود" صارت منتشرة بكثرة في مجتمعنا، ونحن نواجه خطرا حقيقيا بأن هناك جيلا سيموت قبل أبيه وأمه بسبب الإصابة بالسكري.

كما أننا نعيش مشكلة حقيقية تتعلق بطلب كثير من الأهالي من اللجان الطبية إعفاء أبنائهم من حصص النشاط البدني والألعاب الرياضية، وهو مفهوم خاطئ، فالرياضة ليست ترفا وإنما هي واقع وقائي للمرض.

مريض السكري يكلف مرتين ونصف المرة أكثر من أي مريض آخر بما في ذلك مريض السرطان، كما أن مرض السكري إذا لم نحسن علاجه والوقاية منه فسوف يكون المريض زبونا دائما لدى طبيب الكلى والقلب والأعصاب والعيون وخلافه. ومن هنا لابد من إيجاد ثقافة تحمي أطفالنا من المرض عبر إشراك الأسرة في وقاية أبنائهم منه من خلال التغذية الصحية وعدم حرمانهم من أي غذاء صحي، ولكن بكميات ونوعيات صحية، والتشجيع على ممارسة الرياضة وليس التهرب منها، فالمشي نصف ساعة يوميا أو بمعدل ساعتين ونصف الساعة أسبوعيا بحد أدنى يحافظ على نسبة السكري.

باختصار يمكن القول أن مرض السكري في الكويت هو "غول ينهش في المجتمع".

 أهمية الرياضة

• تؤثر الرياضة إيجاباً على الإنسان الصحيح، ولكن ماذا عن أهميتها في حياة مريض السكري؟

_ الرياضة يحتاجها المريض والشخص الصحيح أو غير المصاب، وهي تؤثر إيجابا على الاثنين، وعلى الصغار والكبار والرجل والمرأة، فعلى سبيل المثال إذا كان هناك مريض سكري ومصاب بمشاكل في القدم، فعليه أن يمارس رياضة أخرى مثل السباحة. فالرياضة باتت جزءا أساسيا في علاج المريض وباتت مثل الدواء والأكل بالنسبة لمريض السكري. وتشير الدراسات إلى أنها تصلح من الجانب النفسي للمريض، فعلى سبيل المثال فإن 40 في المئة من مرضى السكري مصابون بالاكتئاب، ووجد أن الرياضة هي أحد عناصر علاج الاكتئاب وتساعد في التقليل من التوتر والقلق.

• تنتشر إعلانات التداوي بالأعشاب لمرضى السكري وبعض تلك الإعلانات تنصح بعدم أخذ الأنسولين، فما تعليقك؟

_ ظاهرة البحث عن الشفاء مشروعة، ولكن للأسف هناك من يستغل الضغط النفسي الذي يقع فيه المريض وأهله لمحاولة إيهامهم بقدرته على العلاج وتخلصه من المرض من خلال محاولة إقناعهم بقدرته على تحقيق ذلك عبر تقديم علاج بالأعشاب غير مكلف وحارق للسكري، وهذا كلام غير مقبول وغير آمن وغير علمي، فلا يوجد بديل للطب في العلاج، وهناك مجموعة من البشر احترفت "الضحك" على الناس بهدف الكسب المادي. أقول لمرضى السكري "من لا يشخص لا يحق له أن يعالج"، فالطب قائم على التشخيص، ولله الحمد فإن وزارة الصحة تنشط خلال الآونة الأخيرة في ملاحقة مروجي تلك الإعلانات عبر الصحف وخلافه، وللعلم فان العلاج بالأنسولين هو من نعم الله علينا. وهنا أحذر الكويتيين من السفر إلى دول في شرق أوروبا تدعي أن لديها أطباء قادرين على علاج السكري والشفاء منه تماما من خلال العلاج بالخلايا الجذعية، وأقول لا يوجد حتى الآن علاج بالخلايا الجذعية تطبيقيا في علاج السكري، وكل ما هو موجود مجرد أبحاث فقط، وهناك دولة أو اثنتان في شرق أوروبا تدعيان أنهما تعالجان المرض بالخلايا الجذعية، وهذا كلام غير مقبول طبيا وغير صحيح على الإطلاق.

وهناك كويتيون كثيرون يذهبون لهذه الدول ويصرفون أكثر من 7 آلاف يورو لعلاج السكري من خلال الخلايا الجذعية ولا نتائج محققة لذلك، والأطباء في تلك الدول يوهمون المرضى ومن بينهم كويتيون بالشفاء من السكري، وهذا الكلام عبارة عن "تهريج ودجل"، أؤكد أن الكويت بها مستوى عال من الأطباء مهنيا وعلميا.

تنسيق

• ما مدى التنسيق بين وحدات السكري في المستشفيات وبين مراكز الرعاية الصحية الأولية؟

_ التنسيق موجود ولكن ليس على المستوى المطلوب. مراكز الرعاية الصحية الأولية في الكويت متطورة وتقدم خدمات علاجية ووقائية عظيمة، والجهود التي تقدمها تلك المراكز جبارة، ومن أهم قطاعات الطب في البلاد، كما أن 70 إلى 80 في المئة من الحالات لا تحتاج للتحويل للمستشفيات، وزملاؤنا في الرعاية الأولية يقومون بجهود وهم جنود مجهولون، وبعد إدخال نظام طب العائلة ارتقى مستوى الأطباء في البلاد وقفز قفرة رائعة. وفي هذا الإطار أتمنى أن يطبق نظام الملف الإلكتروني في وزارة الصحة.

وأقول إن مراكز الرعاية الصحية الأولية في الكويت تعاني من كثافة المراجعين، ونعاني في الكويت من نقص الاتصال بين المستشفيات والمراكز الصحية. وهناك محاولات للربط الالكتروني بين المستشفيات والمراكز الصحية في الرعاية الأولية، ولكن ليست على مستوى الطموح، حتى أنه على مستوى صرف الأدوية هناك الكثير من المرضى والمراجعين الذين لديهم أكثر من ملف في أكثر من جهة، ما يعد هدرا للمال، فاستخدام التقنيات الحديثة ومن بينها الربط الإلكتروني يفيد المريض ويقلل من الهدر المالي.

فاعلية الأنسولين

• أثير قبل فترة أن الأنسولين الموجود في وزارة الصحة غير آمن، ما تعليقك؟

_ هذا كلام غير صحيح على الإطلاق. الأنسولين الذي يصرف في وزارة الصحة هو نفسه الذي يصرف لمريض السكري في الولايات المتحدة أو فرنسا أو إيطاليا، وهو من أفضل الأنواع في العالم، وأدوية السكري التي يتم صرفها في الكويت من أفضل الأدوية في العالم، ووزارة الصحة لا تساوم على صحة المريض.

• حدثنا عن مضخة الأنسولين، وأبرز نتائجها الإيجابية على المرضى.

_ مضخة الأنسولين معمول بها منذ سنوات في وزارة الصحة، وبدأت الوزارة في توفيرها لأغلب مرضى السكري من النوع الأول، وهي عبارة عن جهاز يضخ الأنسولين وإبرة إلكترونية تجعل السيطرة على السكري أفضل بالنسبة للمريض، وهي بالمناسبة ليست بنكرياسا صناعيا.

وهناك من 400 إلى 600 مريض من الأطفال يحملون مضخة الأنسولين، ويجب التأكيد على أهمية استخدام تلك المضخة بشكل جيد وصحيح، ومن خلال وجود فريق متكامل لكي يستفاد منها الاستفادة القصوى، فلابد من توافر فريق داعم للمريض مكون من طبيب سكري متخصص يتمتع بخبرة وعلم بالمضخة، ومثقف سكري على اطلاع باستخدامات المضخة وأخصائي أو أخصائية تغذية وفني من الشركة للأمور التقنية والأعطال. كما يحتاج الأمر كذلك إلى أخصائي نفسي. ولعل أبرز مشاكل المضخة يتعلق بالتمويل وإن كانت الوزارة والعديد من الجهات الأخرى تكفلت بمهمة التمويل خلال الآونة الأخيرة.

وصفة

• أخيرا ما هي وصفتك لتجنب الإصابة بمرض السكري؟

_ أنصح الإنسان غير المصاب بالسكري بممارسة الرياضة والاعتدال في تناول الغذاء وتناول الأكلات الصحية، والبعد عن الأكلات غير الصحية. ونصيحتي للكويتيين والمقيمين من غير المصابين بالمرض، الذين هم معرضون للإصابة به بضرورة الاهتمام بالغذاء الصحي المتكامل والمتوازن، إلى جانب أهمية ممارسة الرياضة. وهنا لابد من الإشارة إلى أهمية "التثقيف" في فهم المرض والتعايش معه، حيث إن 50 في المئة من نجاح التعامل مع السكري أو الفشل هو في الثقافة بالمرض، ومن حسن الحظ أن وحدات السكري في المستشفيات ومعهد دسمان يوجد بهم مثقفو السكري الذين يقدمون النصائح المهمة للتعامل مع المرض، ومن المهم معرفة المريض أنه يعيش مع عدو ويجب أن يعرف عنه كل شيء من خلال التثقيف لحمايته وحماية أنفسنا من مضاعفاته الخطيرة.

وأقول للمرضى لابد من تناول الدواء الموصوف لكم بانتظام، والتعاون مع الطبيب ومراجعته بشكل منتظم ودوري. وفي النهاية أذكر بأن التصدي للسكري مسؤولية جميع أجهزة الدولة الرسمية وغير الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والأفراد والأسر، وبالإمكان تحجيم مشكلته في الكويت من خلال التعاون والتكاتف.

مطالبة بتشييد الحدائق والمتنزهات لممارسة الرياضة وتجنب المرض

دعا د. عبد النبي العطار إلى ضرورة تشييد الحدائق والمتنزهات والأماكن الخضراء لممارسة الرياضة فيها، لافتا إلى أن جميع دول العالم بما فيها دول خليجية مجاورة تهتم بإنشاء وتشييد الحدائق والمتنزهات والأماكن الخضراء لممارسة الرياضة فيها، ومن ثم مجابهة مرض السكري.

وشدد العطار على أهمية الاهتمام في الكويت بإنشاء صالات رياضية مغطاة تمارس فيها بناتنا وأمهاتنا الرياضة، وهي قضية ليست مكلفة ماديا، موضحا أن الرعاية والاهتمام بممارسة الرياضة يجب أن تبدأ منذ لحظة دخول أولادنا المدارس، مطالبا وزارات الصحة والإعلام والداخلية والتربية والشؤون وكل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بإيجاد ثقافة للوقاية من السكري.

وأكد أن مجابهة مرض السكري باتت واجبا وطنيا على كل مؤسسات الدولة سواء الرسمية أو غير الرسمية، ومنظمات المجتمع المدني وأيضا الأسرة، لإيجاد مناخ أفضل للوقاية من المرض.

وحدة السكري في «الأميري» تضم 7 استشاريين

أكد د. عبد النبي العطار أن وحدة السكري في المستشفى الأميري تضم 7 استشاريين، و4 من اختصاصيي التغذية، و6 من مثقفات السكري، واستشارية أمراض نفسية، وتتعاون الوحدة مع عدد من الاختصاصيين ترتبط اختصاصاتهم بمرض السكري بصورة أو أخرى، كما أن هذه الوحدة لديها تعاون وثيق مع عيادة القدم السكرية في المستشفى الأميري، والتي يديرها قسم الجراحة في المستشفى.

 وشدد العطار على أن هناك تعاونا وثيقا بين هذه الوحدة ومركز دسمان لعلاج مرض السكري بصورة شبه يومية، كما تقوم الوحدة بنشاطات وفعاليات علمية تصب في مصلحة التعليم الطبي المستمر، مثل إقامة المحاضرات والمؤتمرات الدورية المختصة بالمرض.

وأعلن تنظيم مستشفى الأميري، في العاشرة من صباح اليوم السبت حتى الثامنة مساء، فعاليات اليوم المفتوح السادس للتوعية والتثقيف بداء السكري من خلال موقع ستتم إقامته في مجمع سوق شرق.

وأوضح العطار أن الهدف من إقامة هذا اليوم في موقع عام الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من شرائح المجتمع وتوعيتها بالمرض ومسبباته والعادات السلبية التي تساعد على الإصابة به، وتوعية الآباء حول سكري الأطفال، وإعطاء إرشادات للمحافظة على القدمين لمن أصابه المرض.

وقال إن "الفعاليات ستتضمن قياساً لنسبة السكري في الدم وقياس الضغط وفحص القدمين، إضافة إلى توزيع البروشورات والكتيبات التثقيفية المتعلقة بالداء، كما ستتم مناقشة المرضى والأفراد في جلسات صغيرة على هامش الفعالية، وسيشارك فيها عدد من الأطباء والممرضين والممرضات واختصاصيات التغذية، وعدد من المتطوعين للإجابة عن استفسارات الحضور"، مؤكداً أنه سيتم خلال الفعالية توزيع هدايا وكتيبات لتشجيع أكبر شريحة من المجتمع للتفاعل مع هذا اليوم.

 وأشار العطار إلى أن هناك برامج للتوعية بمرض السكري، وهي برامج قائمة حالياً تم إنشاؤها من قبل وزارة الصحة تتعلق بالتثقيف والوقاية من المرض، حيث إن هناك برنامجاً وطنياً لمكافحة المرض تم إنشاؤه منذ سنوات، ومازال يقوم بدوره الفعال في التوعية، كما أن هناك لجنة وزارية تهتم بمكافحة الأمراض غير المعدية، ومنها السكري، وهي لجنة فعالة ومستمرة منذ أكثر من سنتين، وتهتم بإقامة البرامج الوقائية للحد من مضاعفات هذه الأمراض، ولها مخرجات أثارت إعجاب المجتمع الصحي الدولي.