الكيان الصهيوني الذي زرع في أرضنا هو سبب كل بلاء سابق وحالي وقادم، والكل يعرف لماذا زرع  والكل يعرف دوره في كل ما حصل على أرضنا العربية من مآس منذ طرد اليهود من أوروبا لفلسطين إلى أن تضخم وتعالى على كل الأمم. نعرف كل هذا ومع ذلك نتعامى ونبحث عن أسباب أخرى، فمنا من يقول إننا ضعفاء ومنا من قال نظرية المؤامرة هي التي تخيل لنا تآمر هذا الكيان، ومنا من قال إنه غياب الديمقراطية، وأخيرا أقنعونا أن الطائفية هي سبب تأخرنا وقوة الكيان الصهيوني.

Ad

 أخذنا نردد كالببغاوات ما تذيعه وسائل إعلام ومراكز التفكير، وتقارير ممنهجة لإفهامنا أننا أمة لا يحق لها أن تعيش، وأن هذا الكيان الصغير يملك كل عناصر الثقافة والسلاح والديمقراطية، ولذلك علينا أن نسلم أنفسنا صاغرين له أو نستسلم لنار الفتن التي يشعلها بيننا لكي يبيد بعضنا بعضا.

ما يريده هذا الكيان، وما يعمل له، وما يخططه لمستقبل المنطقة واضح للعيان، وهو لا يخفيه، والإعلام الصهيوني وعبيده هنا وهناك يعلنها كل يوم ألا مكان للعرب واليهود في مكان واحد إلا إذا كان اليهود هم القادة والعرب هم العبيد.

كل هذا واضح، فإلى متى نسير بدون بوصلة تتقاذفنا الرياح في كل اتجاه ويلعب بمصيرنا من لا يرحم ولا يريد لنا إلا الدمار؟ إن هذا الكم من المنظمات السنية والشيعية المسلحة التي تحارب بعضها في العراق وسورية واليمن وغيرها من الدول العربية إن دل على شيء فهو يدل على الإفلاس أو قبولنا بأن نستخدم أدوات للغير ضد بعضنا بعضا.

تركنا اليهود يبتلعون الأرض ويهلكون أهالينا في فلسطين، ويعلنون دولة يهودية فيها، ونحن نقتل بعضنا بحجة أنه شيعي أو سنّي، كيف وصلنا إلى هذا الحد من الفُجر بحيث أصبح التعلق بطائفة أسوأ من الذي سرق الأرض والعرض وأقام دولة يهودية؟ ما يجري على الأرض يبين كم نحن مغيبين بهذا التراث الشنيع لاهين به عن مصالحنا ومستقبلنا، نجترّ ما حدث قبل خمسة عشر قرنا، ونغيب به عما يدبر ويخطط وينفذ لقتلنا.

أصبح هم القيادات الدينية، سنية وشيعية، هو إثبات صحة أو خطأ ما حدث قبل 15 قرنا، والعمل بكل الوسائل لتصحيح ذلك الخطأ أو الدفاع عنه، تاركين الأعداء يستغلون هذا الخلاف القديم لتمزيقنا والقضاء على حاضرنا ومستقبلنا، هل سمعتم عن أمة غيرنا تختلف على أحداث تمت قبل 15 قرنا وما زالت تعيش فيها وتتحارب دونها؟

يجب أن نعي وندرك أننا لن نعيد الماضي، ويجب أن نهجره تماما، خصوصا مآسيه وأخطاءه وخلافاته، وأن نلتفت لكل ما يحاك، ونقع فيه مثل المغيبين الغافلين الجهلة الذين لا يعرفون كيف يضعون الماضي خلف ظهورهم، ويتعاونون للقضاء على عدوهم الحقيقي، وتوحيد الجهود من أجل بناء مستقبل مشرق خال من التعصب والفرقة.

"إسرائيل" تعمل بكل قوة لتدميرنا، ويجب أن تكون العدو الأول الذي نتحد لمواجهته، سنة وشيعة، وكسر جبروته واستعادة أرضنا المغتصبة.